نخبة من الخبراء والمشتغلين والمهتمين بالاقتصاد، تلاقت أفكارهم للتشاور والتفاكر حول وضع وثيقة اقتصادية جامعة ومتفق عليها في أعمال الملتقى الاقتصادي الذي نظمته وزارة المالية تحت شعار «توحيد الرؤى وتفجير الطاقات لمجابهة التحديات لإحداث التحول وتحقيق التوازن والاستقرار الاقتصادي ومراجعة مواطن الخلل والإخفاق في الاقتصاد الوطني والنظر في موجهات البرنامج الثلاثي للمساهمة في إعداد موازنة العام 2013 م». ودعا النائب الأول لرئيس الجمهورية علي عثمان في الجلسة الافتتاحية لأعمال الملتقى أمس، إلى توحيد الكلمة والجبهة الداخلية في ظل التطورات السياسية التي تشهدها البلاد بعد انفصا ل الجنوب. مؤكداً على وجود تحديات داخلية وخارجية يواجهها السودان. وقال إن الموارد الضخمة التي يملكها، جعلت السودان مستهدفاً ومطمعاً للطامعين، داعياً إلى جمع الصف وحشد الطاقات والإرادة الوطنية لمقابلة التحديات واستثمار الموارد، منوهاً لضرورة التغاضي عن اختلاف وجهات النظر وتلبية نداء رئاسة الجمهورية للقوى السياسية للتشاور حول الدستور لتحقيق التراضي السياسي لتنظيم العلاقات في أجهزة الحكم ومستوياته المختلفة. واعتبر الملتقى حلقة من حلقات التشاور لإعداد موازنة العام 2013 م، ووضع المرجعيات والخطط وتهيئة المناخ لانطلاق الاقتصاد الوطني وتعافيه والالتقاء عند رؤية جامعة لتحرير الأدوار والواجبات لإدارة نشاط اقتصادي يتجنب الربا ويلتزم المنهج الإسلامي لاستنباط نظام اقتصادي مرن لتحقيق الاستقرار الاقتصادي. وقال أمامنا تحدي إقامة نظام مستدام ومنافس يوفر الاحتياجات الضرورية والسلع لشرائح المجتمع الفقيرة والعمل على زيادة الدخل القومي وحسن توظيف الموارد تمهيداً للخروج بوثيقة اقتصادية متفق حولها. ممثل اتحاد أصحاب العمل أمين بشير النفيدي أوضح أن قضايا تحقيق الاستقرار وسعر الصرف والتصدي للآثار السالبة هي الدافع الأساسي للقاء والتفاكر لتقليل تكلفة الانتاج وزيادة حجم الصادرات وتعويض فاقد البترول عبر البرنامج الثلاثي، منوهاً إلى أن تنفيذه بالطريقة السليمة هي المشكلة. وزاد أن القطاع العام سيطر على البرنامج دون القطاع الخاص، مطالباً بإتاحة الفرصة للأخير للمشاركة نسبة لما يملكه من مقدرات فنية وإدارية. مشيراً لسعي القطاع لخلق تشريعات موائمة مركزياً وولائياً لمنع التضارب في قضايا الأراضي والرسوم، لافتاً إلى عدة تحديات تواجه القطاع وتتطلب مزيداً من الحوافز، منها تخفيض رسوم الأراضي الاستثمارية، مطالباً بتطبيق قرارات منع تحصيل الجبايات غير القانونية التي أضعفت الأداء العام على حد تعبيره. وولاية وزارة المالية على المال العام وتوفير تمويل متوسط وطويل الأجل للقطاع الخاص. بينما قال وزير المالية علي محمود إن الهدف من الملتقى استشعاراً لأهمية المرحلة المقبلة لمواجهة التحديات الناجمة عن التطورات الداخلية، وتفادي أثار الأزمة المالية العالمية التي خلفت اضطرابات مالية واقتصادية منها انخفاض سعر الصرف للعملات، وتراجع الأسهم والسندات في ظل التوقعات بعودة الكساد المالي الأمريكي في موازنة العام 2013 م، مبيناً أن السودان غير مستثنى من تلك الأحداث لارتباطه بمؤسسات التمويل الدولية. وزاد أن الملتقى بغرض وضع سياسات فاعلة ورؤية مشتركة لإحداث نقلة نوعية في الاقتصاد. واستعرض الوزير في كلمته تطورات الاقتصاد السوداني عبر مراحله المختلفة، والمحاور الرئيسة للبرنامج الثلاثي الذي يستهدف المحافظو على استدامة الاستقرار الاقتصادي. مشيراً الى جملة المشروعات التي تمت في مجالات مختلفة وتدفق القروض من الدول الصديقة، وذكر التحديات التي واجهت السودان عقب انفصال الجنوب وفقدان70% من البترول و65 % من عائد العملات الصعبة و90% من عائد الصادر، مما دعا لاتخاذ تدابير اقتصادية لتلافي الآثار السالبة وتطبيق البرنامج الثلاثي وتدخل عاجل للإصلاح المالي وتعديل موازنة العام 2012 م بالإضافة لإصلاحات لزيادة الإيرادات الضريبية وترشيد الطلب على النقد الأجنبي وتوسيع المظلة الضريبية. وكشف عن توفير الاحتياجات والتمويل للموسم الزراعي، وتوقع أن تبلغ إنتاجية الذرة حوالي 5 ملايين طن للموسم الحالي، والسكر حوالي 900 ألف طن. وقال إن التحديات التي تواجه الاقتصاد تدعو لمراجعة الفرضيات التي قام عليها البرنامج الثلاثي لمعرفة مدى تأثرها بالإصلاحات الاقتصادية، وأقر بزيادة الانفاق الحكومي وتراجع الإيرادات الحكومية، والاختلالات في الميزان التجاري. وتعهد بتوصيات الملتقى لتحقيق الرؤية المستقبلية للاقتصاد الوطني. وقدم د. عز الدين إبراهيم في الجلسة الافتتاحية للملتقى، محاضرة عامة حول التحديات والتحولات الاقتصادية العالمية بالتركيز على الديون السيادية لمنطقة اليورو، مشيراً لضرورة الاستفادة من التجربة في معالجة ديون السودان.