تعاني ميزانية الدولة منذ خروج البترول مشكلات كثيرة منذ أن اعتمدت على النفط الذي كان قد وصل سعر البرميل منه (141) دولاراً حينها لجأت إلى إلغاء الضرائب الزراعية تشجيعاً للصادرات وتخفيض ضرائب الأرباح والقيمة المضافة ولكن سرعان ما هبط سعر البترول إلى (35) دولاراً فارتفع منذ ذلك العام العجز في الميزانيات مع الاستمرار في مشروعات التنمية والصرف الكبير على الأمن بهدف إيقاف الحرب المستمرة التي تستهدف السودان التي هي السبب الرئيس في الفقر والمرض والغلاء الذي يشكو منه الناس الآن، وفي كل عام تعلن الحكومة معالجة الخلل في الميزانيات السابقة ولا تختلف ميزانية العام 2013م عن الميزانيات السابقة ومن الخلال التطمينات التي أعلنها وزير المالية والاقتصاد الوطني علي محمود للمواطنين بوجود تحسن في الوضع الاقتصادي بصورة عامة خاصة القطاع الإنتاجي ونمو الناتج المحلي إلى (4%) بجانب استقرار معدلات التضخم واستقرار سعر الصرف وانخفاض عجز الموازنة بما يتجاوز (3%) متوقعًا أن يكون الوضع الاقتصادي أفضل مما كان في السابق.. كما ذكر وزير الدولة ورئيس اللجنة العليا د. عبد الرحمن ضرار، أن الموازنة تستهدف التنسيق الكامل بين السياسات المالية والنقدية لضبط المؤشرات الاقتصادية الكلية، سيما معدلات التضخم وسعر الصرف وميزان المدفوعات بجانب استمرار خفض الإنفاق الحكومي واستمرار السياسات الرامية لزيادة الصادرات غير البترولية وإحلال الواردات وتأهيل البنى التحتية المطلوبة، وأشار ضرار إلى أن مشروع الموازنة يسعى لتحقيق قدر من التوازن الداخلي والخارجي وبناء احتياطات مقدرة من النقد الأجنبي، والمحافظة على استدامة الاستقرار الاقتصادي بتحقيق معدلات نمو موجبة في الناتج المحلي الإجمالي، بجانب الاهتمام بزيادة الإنتاج والإنتاجية، وجذب الاستثمارات الخارجية للقطاعات الإنتاجية، واستقطاب التمويل لبرماج ومشروعات القطاعات الحقيقية بهدف تحقيق الاكتفاء الذاتي من السلع الإستراتيجية، كما وجه رئيس الجمهورية بإدراج توصيات الملتقى الاقتصادي الذي سينظم سنويًا وأداء البرنامج الثلاثي ضمن مشروع الموازنة العامة للدولة للعام 2013م، فمن خلال ما أعلنته الدولة من وضع إصلاحات جديدة لمعالجة الخلل في السنوات الماضية، وفي هذا الجانب يرى العديد من خبراء الاقتصاد أن تطبيق المعالجات لا يتم بالصورة المطلوبة حتى تظهر من خلال الأرقام كزيادة الناتج الإجمالي بجانب تحسين الصادرات وميزان المدفوعات والتركيز على القطاع الزراعي وزيادة الثروة الحيوانية، مشيرين إلى أن الميزانية الجديدة يشوبها الغموض.. وأرجعوا الأسباب لعدم تدفق البترول وتوصل دولتي السودان وجنوب السودان لحل نهائي لمشكلة تدفق البترول، إضافة لعدم معرفة الأرقام الحقيقية لصادر الذهب، مشيرين لعدم وضوح حجم الميزانية في السياسات التي وضعتها الحكومة.. حيث يرى الخبير الاقتصادي د. محمد الجاك أن ميزانية العام 2013م لم تأتِ، وأضاف خلال حديثه ل (الإنتباهة) أن الموازنة لا تلتزم بتنفيذ المسائل الإيجابية التي أشارت إليها، مشيرًا لاتجاه الدولة بإعطاء الأولوية للإنفاق الأمني وإهمال القطاعات الأخرى كمعالجة الآثار الاجتماعية خاصة دخول العاملين من الشرائح الضعيفة، على الرغم من اعتراف القائمين بارتفاع الأسعار مما يكون له آثار سالبة، مبينًا أن من أهم التحدِّيات التي تواجه الموازنة مشكلة البطالة وزيادة معدل النمو، وقال الجاك إن الموازنة لا تخلو من الرؤى الاقتصادية السليمة لمواجهة الأزمة الاقتصادية ولكن لا توجد إرادة في التنفيذ.. فيما يقول الخبير الاقتصادي بروفيسور عصام عبد الوهاب: تأتي ميزانية العام 2013م في ظروف اقتصادية صعبة لضيق الخيارات المطروحة في توفير الأموال لخزينة الدولة العامة، مشيرًا أن من أهم معالمها ضرورة زيادة الأعباء الجمركية على الشركات والمواطنين، إضافة لتردي أداء القطاعات الاقتصادية وضعف الإنفاق على موارد الدولة، وتوقع خلال حديثه ل (الإنتباهة) أن العام القادم سيكون أكثر وطأة على المواطن من العام الحالي، وعزا الأسباب لقلة الخيارات المطروحة أمام الحكومة، داعيًا لوضع خطط حقيقية لتحسين الإيرادات وعدم تضمين الموازنة توصيات المؤتمر الاقتصادي التي وصفها بأنها بعيدة عن الواقع، وفيما يختص بخروج بترول الجنوب قال لن يؤثر على الميزانية إلا إذا اتجهت الحكومة لاستغلاله في تحسين القطاعات الإنتاجية بصورة عامة.