على الرغم من تكوين مفوضية للفساد الذي استشرى مؤخرًا بصورة كبيرة في الدولة إلا أنه طال ليشمل حتى المؤسسات الحكومية مستغلين نفوذ سلطاتهم داخل تلك المؤسسات، ففي الوقت الذي تسعى فيه الدولة بكل إمكاناتها للقضاء على أوجه الفساد إلا أن جهات تسعى للسباحة عكس التيار، وهذا ما كشفه تقرير المراجع العام الذي أكد وجود «40» حالة استُغل فيها النفوذ من بينها وزارات وشركات وبنوك، وبالرغم من القرارات الصارمة التي أصدرتها وزارة العدل لمحاربة الاعتداء على المال العام إلا أن القوانين غير رادعة لمعاقبة مرتكبي جرائم المال العام، وعلى الرغم من أن القانون الجنائي لايستثني الشخص لمنصبه سواء كان وزيرًا أو خفيرًا أو أيًا كان، فإذا كان مدانًا سيُحاسَب، وهذا دور المراجع العام المطالب بتبيين المخالفات وعددها والذي تم الفصل فيه أو لم يتم، فالحصانة نفسها لا تعفيه من الإدانة.. القوانين الموضوعة ليست ضعيفة فالسلطة القضائية تصدر القرار ولكن تنفذه جهات أخرى. برلمانيون انتقدوا هذه القوانين واعتبروها قديمة، فقد أجازها المجلس في دوراته السابقة في السنوات السابقة لتجيز وتقنِّن التجنيب.. وذلك بحسب نائب دائرة بارا بالبرلمان مهدي عبد الرحمن أكرت الذي قال ل«الإنتباهة» إنه لا بد من مراجعة هذه القوانين لأنها أصبحت تقنن للمال المجنب الذي أصبح يشكل مشكلة وذلك بمخالفة قانون لائحة الأعمال المحاسيبة لسنة «1995» وسياسة التجنيب سواء أُجيزت بقوانين أو غيرها فهي مخالفة لهذا القانون.. أصبح الاعتداء العام «40%» في ديوان المراجع العام من الشركات والهيئات إضافة إلى صناديق تعمل بدون قوانين، وعليه لا بد للبرلمان من مراجعة هذه القوانين بل يجيز قوانين أخرى حتى يمكِّن وزارة المالية من إحكام السيطرة على المال العام. ظلت بعض الجهات في الوزارت سواء في الولايات أو العاصمة تتعامل بمستندات غير رسمية بل إن بعضها حتى إذا استخدمتها لا يوجد رقابة عليها، فكما هو معلوم أن أي مستندات مالية تكون تحت الحفظ والمراقبة الشديدة.. ولكن ليس هنالك رقابة سواء في المحليات وفي بعض الجهات التنفيذية. وبحسب قانونيين أتت آراؤهم مغايرة للقوانين التي تحكم المعاملات المالية بين الوزارات والجهات الحكومية التنفيذية والتي يصعب مراقبة أدائها، وبحسب القانوني عبد العظيم سليمان الذي أوضح ل «الإنتباهة» أن التجاوزات وصلت لأكثر من «300%».. والسبب يرجع إلى ضعف القوانين واستغلال النفوذ.. فالمراجع العام السابق قد كشف أن هنالك تجنيبًا لبعض الأموال والجهات بكميات كبيرة لكن لم يحدث أي تغيير وظلت الجهات التي تجنِّب الأموال مستمرة في نشاطها ولم توقع عليها أي عقوبات في مجال الاختلاس واستغلال النفوذ.. هذا غير ضعف القانون الموجود لمعاقبة جرائم الرشوة والفساد حيث لا توقع أي عقوبة.. ويضيف سليمان أنه منذ إنشاء مفوضية للفساد حتى الآن هذه المفوضية لم تبدأ بأي شيء ولم تقم بأي خطوات وقرارات، فقد وضح أن هنالك بعض الجهات في البرلمان لم يصروا على تعديل هذه القوانين ولم يصدر أي تعديلات أو تشريعات لتكون أكثر قوة في محاربة الفساد، لكن البرلماني أكرت أكد أن هنالك حملة داخل البرمان ضد استغلال التجنيب في المال العام يقودها برلمانيون، فحتى الوزير شنَّ هجومًا عنيفًا على شركات ووزارات من ضمنها الداخلية والدفاع والرعاية الاجتماعية كصندوق الضمان الاجتماعي يتاجرون بالأراضي وذلك باعتراف وزير المالية في البرلمان.. وأشار سليمان أن من يقومون بتلك المخالفات هم أصحاب نفوذ في جهات حكومية، فكلما ظهرت عوامل فساد نجد عدم ردة فعل من قبل الجهات المختصة، فحالات استغلال النفوذ ظلت كما هي وتقرير المراجع أكد وجود «40» حالة استغلال نفوذ ولكن واقع الحال يؤكد أن العدد يفوق هذه الأربعين حالة.