خلدتُ إلى النوم متأخراً وكنتُ مرهقاً جدًا وحرصتُ أن أغطي وجهي قبل أن تراني زوجتي فتنتاشني بوابل من سهامها وسرعان ما سبحت في النوم فإذا بي أرى روبين هود بشحمه ولحمه في السودان؟ والذي وضع لأصحاب منزلاً في زقلونا بالردمية مارتديلا وهامبرقر ولحم دجاج وجبنة مضفرة في كيس مكتوب عليه «مع تحيات روبين هود» فيهجم عليها الأولاد هجوماً كاسحاً بأسنانهم التي طالما كدت الدوم ببراعة وملصت لحم الدجاج من العظام بسلاسة حتى أحالوها إلى عدم فتصرخ فيهم أمهم: يا أولاد السجم ما تخلو لأبوكم شوية، لكن المفعوص الصغير خطف ما تبقى من فتات ثم أعمل لسانه بطريقة مساح المطر في السيارات فتارة ذات اليمين وتارة ذات الشمال، فقال الابن الكبير يمة كنا عايزين نخلي ليه شوية لكن ولدك اللسانه زي الضب ده مسحة كله. وفي منطقة «تعال جوه ما تخاف» رأيت روبن هود يقذف كيساً معتبراً مليئاً بالملابس الراقية فعثر عليها الابن الأكبر الذي نهض مبكراً من نومه بعد أن ربط تكة سرواله الواسع المرقع فصاح قائلاً «يمه روبين هود جاب لينا ملابس جديدة، فسرعان ما نهض المسنوح من نومه فهجم على بنطال واسع فأدخل أقدامه فيه بسرعة فائقة ونزع قميصه الذي يرتديه وحدفه على الأرض فنهرته أمه بغضب «يا مسنوح ما تغير في الحمام» لكنه كان أتم ارتداء الملابس الجديدة ثم ترك القديمة على الأرض ثم قال «لكن حربي يا هود» بيد أن حمد في منطقة «شافونا وخلونا» ألجمته المفاجأة تماماً في الصباح الباكر فأخذ يصرخ «هود يا هود» فعلم منه الجيران بصعوبة أنه تلقى مبلغاً من المال يساوي بالضبط مصاريف الجامعة لأولاده الذين قطعوا دراستهم وحملوا المونة والطوب في أكتفاهم لكنهم لم يفلحوا في جمع المبلغ المطلوب فقال للأصدقائه «يا جماعة انتو روبين هود ده بعمل مسح اجتماعي في المنطقة وللا شنو» غير أن الحاجة أم جمعة بائعة الطعمية أطلقت زغرودة تعبيراً عن الفرح جعلت الجيران يطلون عليها بالحائط وبعضهم دفعهم الفضول لزيارتها فوجدوا أمبوبة غاز جديدة في الحوش ومعها بوتوجاز متوسط الحجم فقال: «شوفت هود جابا لي شنو اريتو ود السرور وبعد ده ارتحت من الفحم وغلبتو بس والله كان جاء وأكل معاي طعمية مدنكلة مالو؟» أما الحاج ضبعة فلم يصدق عندما وجد سريرًا جديدًا ومعه مرتبة اسفنج فقال لأم الأولاد «التقول هود عرف ان العنقريب المكعوج ده جاب لي غضروف»، فقالت زوجته «خلاص فك مروقو السجمانة دي وسوها في الراكوبة فرد عليها سريعاً «يا وليه راكوبة شنو كدي خلي يمكن المرة الجاية هود يبدلو لينا بسرير فيه إم بي ثري ومسجل» أما في قهوة المعلم رجب فقال حاج عثمان لأصدقائه «انتو يا جماعة هود ليه ما يترشح في دائرتنا عليّ الطلاق أكان اكتسح الانتخابات» فيضحك المعلم رجب ويقول «يا زول برلمان شنو دا بشيل من الأغنياء وبدي التعابى الزينا انت عايزو يقعد في البرلمان ينتظر الميزانيات وطلب المقابلات» يضحك حاج عثمان ويقول «صدقت يا معلم كان واطاتنا أصبحت» بيد أن الابن الصغير لحاج اللسودي وجد دراجة صغيرة في منزله فقال لأصدقائه في الضمنة «الولد كان فالقني كل يوم عايز عجلة اقول ليه دردق لستك وخلاص يقول لي ده زمن لساتك يا بوي اه بعد ده بس راجين من هود يجيب الاسبير» أما الأوسطي حمد بعد أن وجد في منزله عدة شغل جديدة أصر أن يعلق ورقة في الباب ويكتب عليها «الله يخدر ضراعك يا هود» لكن الشيخ عبد الستار صعد في منبر الجمعة وقال: «يا ناس حاجات روبين هود دي كلها حرام في حرام ولا يجوز التعامل معها يا ناس الفقران منكم يمشي ناس الزكاة ولا يصبر ويلزم الجابرة» وكان حاج حمد يتمتم بغضب حتى لفت اليه أنظار المصلين وعندما خرج قال «بغيظ ده امام شنو الحاسد ده لخيرو ولا كفاية شروه ما يخلي الناس تحل مشاكلها هو الناس الشال منهم ديل ما كلهم ناس هبر» فيضحك المصلون ثم يرد عليه حاج عثمان بمكر قائلاً «الهبر الهين ده يا خوي ده ضبح القفي ذاتو» وهنا بدأت اتحسس الفراش لعل روبن هود وضع لي كيساً معتبرًا من المال غير أن زوجتي داهمتني كالبلدوزر «يا راجل بتقلب في الفرش مالك».