شهد السودان في الفترة الماضية تنامي وتدفق الاستثمارات العربية عليه خاصة بعد أزمة الغذاء العالمي وشجع على ذلك امتلاك السودان للبيئة الاستثمارية الجاذبة والملائمة من مساحة زراعية واسعة وثروة حيوانية جعلته قبلة للدول العربية بل تتجه نحوه للاستثمار في أراضيه الخصبة فضلاً عن موقعه الجغرافي المتميِّز في قلب القارة الإفريقية، ويجاور عشر دول مما يجعل منه معبرًا ومركزًا للتسويق يمد أسواق البلدان المجاورة بالسلع والاحتياجات الضرورية، وتتنوع فرص الاستثمار في قطاعات الاقتصاد المختلفة من زراعة وصناعة وطاقة وتعدين ونقل وخدمات اقتصادية أخرى، حيث بلغت الاستثمارات الوافدة من الدول العربية 77% من جملة الاستثمارات للموارد غير البترولية، حيث تتصدرها دول الكويت والمملكة العربية السعودية والإمارات، ولقد ساعدت عوامل كثيرة في خلق مناخ جاذب للاستثمار في السودان. وعلى رأس هذه العوامل رغبة الحكومة الجادة في تطوير بيئة الاستثمار وجذب المستثمرين الأجانب للبلاد وتسهيل إجراءاتهم وقد انعكس هذا على الأعداد الكبيرة من المستثمرين الذين قاموا بزيارة السودان بقصد تأسيس استثمارات لهم، وقد نفذ الكثير من هؤلاء مشروعات استثمارية ناجحة. ولمزيد من إتاحة الفرص الاستثمارية في البلاد اتجهت الولايات لعقد عدد من اللقاءات والورش وآخرها ولاية شمال دارفور التي عقدت فعاليات الورشة الإعدادية لمؤتمر دارفور من أجل البناء والإعمار في نهاية الأسبوع المنصرم وذلك بحضور الوزير بالمجلس الأعلى للاستثمار الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل الذي قال ل (سونا) إن أهم نتائج الزيارة تمثلت في الاتفاق بين المجلس الأعلى للاستثمار الاتحادي وحكومة ولاية شمال دارفور على إنشاء منطقة للتجارة الحرة في الحدود مع دولتي تشاد وليبيا بجانب ربط الولاية بالشبكة الإلكترونية المركزية. وأضاف أن الولاية تتمتع بموارد ضخمة في مجالات المعادن والبترول والزراعة والثروة الحيوانية علاوةً على الأراضي الزراعية الخصبة ومخزون المياه الجوفي وموقعها الجغرافي بجانب المنتجات الزراعية، مشيرًا إلى أن كل تلك العوامل مجتمعةً تتكامل مع متطلبات أسواق الخليج. وجدَّد إسماعيل اهتمام الدولة بتحسين البيئة الاستثمارية بما يعين على جذب الاستثمارات الوطنية والعربية والأجنبية وتهيئة المناخ الجاذب للمستثمرين علاوةً على التزاماتها بتذليل كافة العقبات التي تواجه الاستثمار. ووجَّه د. إسماعيل نداءً لكل أبناء دارفور بالخارج والداخل بضرورة الاستثمار في دارفور لتشجيع المستثمرين الأجانب معلناً عن عقد ورشة عمل حول كيفية معالجة النزاع على الأراضي بالخرطوم خلال الأيام المقبلة بحضور النائب الأول لرئيس الجهمورية وولاة الولايات والوزراء المختصين. وفي سياق متصل أكد والي شمال دارفور عثمان محمد يوسف كبر التزام حكومته بجعل الولاية جاذبة للاستثمار وخالية من الموانع ومبسطة للإجراءات لكل المستثمرين في مجال الموارد الزراعية بشقيها النباتي والحيواني بجانب الموارد المعدنية.. مشيراً في هذا الصدد إلى فرص الاستثمار الواسعة التي تزخر بها دارفور. وقال كبر إن حكومته قد انتهجت أساليب أخرى لمعالجة قضية دارفور من بينها الرياضة والثقافة والاستثمار بجانب الحلول التي انتهجتها منذ اندلاع الأزمة وتشمل بسط هيبة الدولة والسلام والتفاوض.. مبيناً أن الاستثمار يعتبر من القضايا المهمة لمخاطبة الجذور الحقيقية لمشكلة دارفور، وأضاف أن الموارد التي تزخر بها الولاية من كنوز في باطن الأرض تؤهلها لانطلاق الاستثمار خاصةً في ظل الاستقرار الأمني الذي تشهده الولاية، وأوضح أن الاستثمار من شأنه المساهمة الفاعلة في مخاطبة جذور المشكلة الحقيقية لقضية دارفور. مؤكداً التزام حكومته بتقديم كافة التسهيلات للمستثمرين الوطنيين والعرب والأجانب. وفي ذات السياق أعلن وزير المالية والاقتصاد بالولاية الدكتور عبده داود سليمان جاهزية الولاية لانطلاق مؤتمر الاستثمار خلال المرحلة القادمة. وأوضح أن الورشة تجيء امتداداً لسلسلة من ورش العمل العلمية والمنهجية التي عقدتها الولاية منذ العام 2011م حيث تم من خلالها تحديد معوقات الاستثمار التي قال إنها قد تمت معالجة العديد منها، مشيراً إلى أنه قد تم التوصل إلى جملة من النتائج شملت إعداد خارطة استثمارية للولاية وإصدار كتاب حول فرص الاستثمار الزراعي بجانب إعداد كتاب فرص التعدين والصناعات بالولاية. من جهته أكد نائب رئيس اتحاد أصحاب العمل السوداني عبد الله عثمان حرص الاتحاد بكافة قطاعاته على دعم جهود مسيرة الاستثمار بالولاية. وقال إن المشاركة وحضور فعاليات الورشة تعد رسالة قوية باستقرار الأوضاع الأمنية بدارفور . وفي ذات السياق أوضح رئيس اتحاد أصحاب العمل صديق علي محمد يوسف أن انعقاد الورشة من شأنه تلاقح الأفكار للنهوض بالاقتصاد والإنتاج وتخفيف حدة الفقر. وكان قد تم استعراض فيلم حول فرص وآفاق مقومات ومشروعات الاستثمار. الجدير بالذكر تم الاتفاق على عقد ورشة تشاورية للاستثمار نهاية الشهر الجاري بالخرطوم تضم كوكبة من أبناء دارفور واتحاد أصحاب العمل ورجال الأعمال السودانيين وذلك للتفاكر حول كيفية بناء ثقة المستثمرين الأجانب للإقبال على دارفور علاوةً على حسم أمر تدريب العاملين في مجال الاستثمار بالولاية.