اتكاءة على حرف: ميسون عبد الرحمن يحكى أن شاباً كان ضيِّق الخلق يعمد إلى اختلاق المشاكل مع الآخرين بأسباب مقنعة أو بدونها فرأى والده أن يقوِّم سلوكه فناداه وأعطاه صندوقاً يحوي مائة مسمار وطلب منه الاحتفاظ بها بمعيته أينما ذهب على أن يدق واحد منها في السور المحيط بمنزل أسرته كلما ضاق خلقه وعجز عن كبح جماح غضبه، فأخذ الشاب صندوق المسامير في اليوم الأول وعاد في نهاية اليوم ليخبر والده أنه قد غرس منه في جسم السياج ما يقارب الأربعين مسمارًا، وفي ختام ذات الأسبوع وجد أن عدد المسامير التي يغرسها في السور يتناقص يوماً بعد يوم حتى أتى يخبر والده بعد عدة أشهر بأنه لم يعد يفقد خلقه أو يؤذي أحداً بقوله أو فعله على الإطلاق، وعندها تبسم والده المسن وطلب منه أن يبدأ في نزع المسامير التي في السياج واحدًا تلو الآخر في كل يوم يأتي فيه بسلوك حسن ويكظم غضبه وبالفعل أفلح الشاب في نزع كافة المسامير بعد فترة ليست بالقصيرة وذهب لوالده ليخبره بأنه استطاع أخيرًا التحكم في نفسه وضبط سلوكه الأرعن فما كان من والده إلا أن أخذه من يده وذهب به إلى السياج الذي يحيط بالمنزل وطلب منه تأمل الفجوات التي أحدثتها المسامير في السور بعد أن تم نزعها وقال له إن على المرء أن يتعلم كيف يكبح جماح نفسه عند الغضب لأن غرس نصل حاد في جسد إنسان ونزعه ثم الاعتذار له مئات المرات لن يجعل جرحه يختفي عن ناظريه وإن طالت السنوات. آخر الاتكاءة كثيرون منا درجوا على تكرار الخطأ والاعتذار لغيرهم مرارًا و تكراراً متناسين أن الندوب التي تتركها تصرفاتهم يصعب أن تمحوها الأيام.