لا شك أن المكوجية من الشرائح المهمة في المجتمع السوداني حيث تلعب هذه الشريحة دورًا مهمًا وفعالاً للغاية وخاصة في البيئة المدنية فبالرغم من التغيير الذي حدث للمجتمع ودخول المغاسل الحديثة وتوفر العاملات الأجنبيات إلا أنه لا يكاد يخلو شارع في المناطق السكنية من محلات المكوجية التي تتحدث عن نفسها عبر أسلاك الملابس التي تتهادى مع الريح تتحدث عن نظافة لا تحدثها أنامل نسائية أبدًا، «الملف الاجتماعي» توقف عند أحد المكوجية التي هي مهنة ترادفها الغسيل دائمًا لنرى عالمهم من منظور آخر.. صيق آدم يعقوب الذي يعمل في دكان مع أقاربه تحدث عن المهنة وعن الصعوبات التي أصبحت تواجههم فبدأ حديثه قائلاً: المكوة والغسيل من المهن الشاقة التي تحتاج لصبر وبال طويل لأنها صعبة الممارسة فالمكوجي يقضي كل يومه في الدكان يعمل بحثًا عن رزقة ففي أي لحظة يمكن أن يأتي فيها زبون وبالنسبة لزبائنه قال: أكثرهم رجال ونادرًا ما تحضر امرأة ثيابها والموظفون الحكوميون والعاملون في الشركات أكثر زبائننا لأنهم يحتاجون لنوع معين من المكوة فتجد الواحد متزوجًا لكن زوجته مابتكوي ليه زي مكوتنا، وعن الحوادث التي تمر بهم قال: بنخش في إشكاليات مع الزبائن في حالة البدل تتشوه وحريق الملابس أو عند السرقة، معظم الناس بتسامح ولكن هناك من يغرمنا ثمن ملابسه، ومعظم الرجال مابشيلو عوض لكن النساء إذا حدث شيء لملابسها أو ملاياتها بعملو مشكلة كبيرة فنادر ما تلقى سيدة تسامح عكس الرجال. أما شريكه في الدكان ويدعى إبراهيم وهو يعمل في هذه المهنة منذ عدة سنين قال: شغلنا ده بيعتمد على العمر والصحة، يعني الما بقدر يتحمل يقيف على رجلية يغسل والما بقدر يقعد مسافة طويلة يكوي، بكون انتهت صلاحيتو، انا كبرت لذلك بفضل الغسيل، بالرغم من ان الغسيل هو الصعب، وشكا من ارتفاع أسعار الفحم، فقال انه وصل الى سعر لم يصل له في يوم من الايام حيث بلغ سعر الجوال المائة وتسعين جنيهًا وكذلك الصابون كل مرة يذهب الى الشراء يجد سعره قد ارتفع، وعن ايهما افضل للغسيل قال الألواح هو الأفضل حيث ينظف ولا يحتاج الى كمية كبيرة عكس البدرة والسائل، فالكرتونة التي بها اربعون قطعة قد تكفيه ثلاثة اسابيع. وفي محل آخر سألت المكوجي الضوء الذي قال: والله الناس قلت من زمان بقى في شغالات ومغاسل حديثة لكن الامور ماشة، فهناك من يكون مضطرًا مثل العزابة الذي يعملون في السوق والطلبة البعيدين عن اهلهم والسواقين والأسر لمن تكون عندهم مناسبة عرس أو وفاة والموظفين بجونا عشان المكوة السيف لأنها بتتناسب مع لبسهم وهي ما بتكون ظريفة الا بي مكوة الفحم والشباب بحبو المكوة الاستريت لانها بتتناسب مع الموضة وفي محل آخر حكى لي عثمان وهو مكوجي عن حادثة تعرض لها قبل عدة شهور بأن احد زبائنه احضر له ملابسه وبعد يوم أتى أحد الشباب وقال انه أرسله ليحضر الملابس فعددها وذكر لنا أنواعها لنقوم باعطائه الملابس فيحضر صاحبها ويتفاجأ بالخبر ولكن استعوض الله ورفض ان نعوضه وبالصدفة وجدت احد الزبائن فقال انه يعمل في احد البنوك وقال ان زوجته لا تجيد الكي لذلك يشتري دماغه ويحضر ملابس الأسبوع فبدلاً من المجادلة مع زوجته حول جودة المكوة والدخول معها في مشكلات يفضل ان يدفع للمكوجي. طست الغسيل ورائحة الفحم عامل جذب للزبائن مدمني المكوة التي تصمد حتى الغسلة القادمة وتجمعهم عشرة بالغسال طويل البال!!