التصحر خطر بيئي بات يهدد الدولة إن لم يكن المنطقة العربية بأكملها حيث يعمل على تحديد الموارد الطبيعية من مياه وتربة وغطاء نباتي وأراضٍ زراعية ومنشآت اقتصادية والطرق العامة مما ينعكس سلباً على الإنتاج الزراعي والحيواني وعلى مستوى معيشة السكان وعلى حياتهم الاجتماعية، ويعد المشكلة البيئية الأولى في السودان والمعوِّق الأساس للتنمية الحيوية المستدامة والمؤثر السلبي في الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمجتمع السوداني لجهة عدم رفع الوعي البيئي و الرعي الجائر وإزالة الغابات والشجيرات، وتقف هذه المشكلة عائقاً أمام التنمية الريفية التي تهدف إليها خطط التنمية والإعمار في البلاد والتصحر ما زال يتفاقم يومًا بعد يوم ويهدِّد التقدُّم الاقتصادي والاجتماعي في ظل تخصيص اهتمام من قبل الدولة في أدنى مستوياته، بجانب غياب عامل التوعية بمخاطره رغم التهام الزحف الصحراوي لغالب مساحة الأراضي السودانية، وتشير الإحصاءات أن الأراضي الجافة في السودان تشكل »94%« من مساحة السودان منها »30%« صحراء و»64%« أراضٍ قاحلة وشبه قاحلة ورطبة جافة وهي الأقاليم المناخية المعرِّضة للتصحُّر، علماً بأنّ الشريحة الضيقة التي تمتد على جانبي نهر النيل في شمال السودان معرضة لزحف الرمال خاصة من الولاية الشمالية، وفوق ذلك يعد السودان أحد البلدان التي تعاني من مشكلة الكثبان الرملية المتحرِّكة حيث تمتد الأراضي القاحلة وشبه القاحلة في مساحة تعادل »73%« من إجمالي مساحة البلاد، وبذلك يهدِّد الزحف الصحراوي كل الأراضي الواعدة في البلاد، وتوقف مساحات شاسعة من التربة عن الإنتاج بما في ذلك مشروع الجزيرة، وفي المقابل يتعاظم تهديد الزحف الصحراوي لأراضي الغابات في كل أنحاء البلاد خاصة الحزام المنتج للصمغ العربي في كردفان لحدود خطيرة وما يليها من عواقب خطيرة على اقتصاد في بلادنا، وتُعتبر الولايات الشمالية ونهر النيل وكسلا أكثر الولايات قحولة وهي المناطق الشمالية والشمالية الشرقية من السودان، ويظل البرنامج القومي لمكافحة التصحر في السودان حبرًا على ورق ومبنىً بدون محتوى في تزايد الزحف الصحرواي وارتفاع معدل التصحر بالبلاد بالرغم من الاستغاثات المتكرِّرة من قِبل وزارة البيئة التي تشكو ضعف الإمكانات في مواجهة شبح التصحر الذي يتفاقم يومًا بعد يوم. المنسق القومي لمكافحة اتفاقية التصحر ومدير عام الموارد الطبيعية الأستاذة محاسن بلة أكدت أن من المشكلات التي تواجه السودان التصحر والجفاف مبينة أن السودان واجه موجات متكررة وعنيفة من الجفاف في الأعوام »1973 1974 م 1984« وأشارت إلى أن السودان من أكبر البلدان العربية في إفريقيا تأثرًا بالتصحر، وقالت إن »13« ولاية شمالية متأثرة بالتصحر بجانب الأراضي القاحلة وشبة القاحلة، وكشفت عن نسبة »73%« من إجمالي المساحة تأثرت بالتصحر قبل الانفصال لافتة إلى أن زيادة التصحر تحدث بصورة أُفقية بسبب الهجران والحروب الأهلية ونزوح الأهالي الأمر الذي يقود إلى التكدُّس مما ينتج عنه ضعف في الموارد بسبب القطع الجائر والرعي مما يؤثر سلبًا على قدرة الموارد، وأشارت في ثنايا حديثها ل »الإنتباهة« إلى أن التصحر يعني تردي الأرض في المناطق الجافة وشبه الرطبة نتيجة لتغير المناخ والنشاطات البشرية والرياح التي تؤدي إلى نقل التربة، وكشفت عن وجود زحف رمال في المنطقة الشمالية الشرقية لمشروع الجزيرة منذ عشر سنوات بجانب تغطية جزء من النيل وخطوط السكة حديد بالرمال بالرغم من المحاولات التي فشلت لدرء التصحر منوهةً بأن التصحر يُعتبر مسؤولية الجهات المعنية بالبيئة لتأثر كل القطاعات به داعية الدولة إلى إعطاء برنامج مكافحة التصحر الأولوية الكبرى، وحذَّرت من تزايد الظاهرة واعتبرت علاج التصحر خلال الاهتمام من قبل النهضة الزراعية، وأبانت أن السودان من الدول الموقِّعة على اتفاقية مكافحة التصحر عام »1994م« وملزم بتطبيق بنود الاتفاقية التي ألزمت الدول بإنشاء برنامج قومي لمكافحة التصحر، وكشفت أن ضعف التمويل وعدم إعطاء التصحر الأولية الكافية من قبل الدولة أهم عوامل عدم قيام البرنامج القومي لمكافحة التصحر في السودان الذي ضم خبراء وعلماء في مجال البيئة، وقالت إن »1,78« مليون كيلو متر مكعب من مساحة السودان متأثرة بالتصحُّر بدرجات متفاوتة.