خطر قادم يهدد ولاية شمال كردفان وتحديداً حاضرتها مدينة الابيض وبعض المدن الكبرى الاخرى مثل «النهود، الرهد، أم روابة» وغيرها، والخطر يكمن في تصاعد ظاهرة المتشردين من الجنسين وبمختلف الاعمار بصورة واضحة تنذر المجتمع بالكارثة، دون ان تنتبه الجهات الرسمية والاخرى المعنية إلى ذلك بوضع المعالجات لهذه الشريحة خاصة الاطفال، حيث ان ولاية شمال كردفان اصبحت ملاذاً لسكان الولايات المجاورة «جنوب كردفان وولايات دارفور» باعتبارها ولايات متأثرة بالحرب ودفعت هؤلاء للهروب الى شمال كردفان. ولعل عدة جهات تقع على عاتقها مسؤولية الاهتمام وتقديم المساعدات للمتشردين منها، «ديوان الزكاة والمنظمات الانسانية والطوعية والخيرون» وغيرها من الجهات ذات الصلة بالامر، الا ان وزارة الشؤون الاجتماعية بولاية شمال كردفان يقع عليها الواجب الاكبر والتنسيق الاهم مع كل الجهات التي من شأنها تقديم الرعاية لهذه الشريحة، والظاهرة فيما يبدو تفرض عدة مهددات على الولاية جراء انتشار ظاهرة التشرد خاصة في «الابيض» فهنالك مهددات سلوكية واخلاقية وصحية واقتصادية وامنية ونفسية، وهذا بجانب استخدام اصحاب النفوس الضعيفة للمتشردين في تجارة المخدرات والسلوكيات الضارة بالمجتمع، مما يؤثر بصورة سالبة في القطاعات الاخرى من الطلاب والشباب. وبعض المتسولين من الاطفال دخلوا دائرة التشرد وباتوا يبحثون عن الأكل والشرب ويتعاطون السليسيون وغيرها من الاشياء الضارة بصحة الإنسان وعقله. والظاهرة رصدتها «الإنتباهة» بشكل واضح في شوارع وازقة مدينة الابيض، وبالاخص في وسطها وفي السوق الكبير والأسواق الفرعية الاخرى، والجولة كشفت أن الولاية تعج بالمتشردين رجالاً ونساءً واطفالاً وبالمتسولين من كبار السن، والغريب والمحزن أن أسر بأكملها اصبحت متشردة، ومن المناظر التي باتت مألوفة ان تشاهد امرأة تصطحب رتلاً من الاطفال يبحثون عن الاكل على باب الله، ولا يبدو أن هناك دوراً واضحاً او ملموساً لديوان الزكاة ازاء هذه الظواهر الانسانية، فهؤلاء الجوعى هم الاحق بأن يمنحوا الزكاة بنص الاية الكريمة «إنما الصدقات للفقراء والمساكين...». وللتحقيق اكثر في هذا الامر التقت «الإنتباهة» عدة جهات للوقوف على هذه الظاهرة التي اجتاحت الولاية، حيث قال المراقبون للشأن الاجتماعي إنه لا بد من العمل والتنسيق بين كل الجهات المعنية بالامر والمنظمات الطوعية واصحاب البر والإنفاق من اجل إيجاد الحلول لمشكلات المتشردين خاصة الاطفال حتى لا تؤثر هذه الفئة على المجتمع وسلوكياته، منادين بانعقاد ورشة عمل لبحث السبل والوسائل للحد من ظاهرة التشرد. وقالت الدكتورة سلمى الطاهر النور وزيرة الشؤون الاجتماعية بولاية شمال كردفان إن المتشردين معظمهم من الاطفال الذين هم في سن المراهقة، ونتيجة للمشكلات التي تعاني منها الولايات المجاورة من حروب إزدادت اعداد المتشردين للبحث عن مأوى وملاذات آمنة، ومنهم فاقدو الابوين. وتتركز اعداد هؤلاء في الابيض والرهد والنهود، واضافت سلمى أن وزارتها وضعت حجر الاساس لمركز تأهيل المتشردين ليكون ماؤى لتجميع المتشردين ورعايتهم ، وأن العمل انطلق في تشييد وتأهيل هذا المركز. وأكدت الوزيرة التي التقتها «الإنتباهة» أن انشاء هذا المركز يهدف الى تحويل المتشردين لعناصر صالحة في المجتمع وداعمة للاقتصاد، وأبانت أن الوزارة شرعت في التنسيق مع كل المنظمات والجهات ذات الصلة بالعمل الإنساني للحد من التشرد والتسول. واقرت الوزيرة بحقيقة المهددات بسبب تزايد هذه الظاهرة، ولكنهم بوصفهم وزارة يعملون للحد من هذه الظاهرة ومحاصرتها بكل الوسائل، وهناك عدد من المواطنين طالبوا الجهات المختصة بالقيام بدورها تجاه المتشردين ورعايتهم لأنهم اصبحوا شريحة فى المجتمع العمل علي إصلاحهم واجب حتى لا يتضرر الناس منهم، خاصة ان اعدادهم في تزايد مستمر. وفي ذات السياق أبانت الأستاذة عفاف بانقا مديرة الرعاية الاجتماعية أن المتشردين يتعاطون «السليسيون» وكل ما يجدونه من مال يشترون به هذه الاشياء الضارة بالصحة ويصبحون عالة على المجتمع، وأن آخر احصائية للمتشردين فى عام 2011م أوضحت أن عددهم بلغ «314» فى كل من الأبيض والرهد والنهود وهم فى ازدياد، وأنهم أقاموا فصول دراسة وتوعية بمساعدة المنظمات الإنسانية، ولكن عدم استقرار هؤلاء المتشردين أثر في هذا المشروع. واضافت أن مركز تأهيل المتشردين الذى يجرى العمل فيه يسهم بصورة فاعلة في احتواء هذه الظاهرة. ومن خلال طواف «الإنتباهة» على أماكن وجود المتشردين اتضح أن هنالك تشرداً جزئياً للاطفال في الفترات الصباحية والعودة لمنازلهم في المساء نتيجة لفقر الاسر وصعوبة حصولها على الغذاء، وهذا يحتاج الى مساعدة هذه الاسر ورعايتهم، كما ان هنالك تشرداً كاملاً يشمل بعض النساء باطفالهم سواء أكان ذلك من الولاية أو خارجها، مما يتطلب تدخل اصحاب الشأن لإصلاح الحال والبحث عن ماؤى وإعاشة لهؤلاء المتشردين الذين اصبحوا مهدداً حقيقياً للمجتمع، والرسالة التي يجب أن تعيها كل الجهات الرسمية هي «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته»