منذ الثمانينيات تشهد مساجد السودان إقبالاً متزايدًا من النساء حتى إن أعدادهن في دُور العبادة صارت تسير وفق متوالية مطّردة لا سيما وهن الأكثر تفرغاً للعبادة دون الرجال بحكم وجودهن المستمر في المنزل دون الرجال الذين تقتصر مداومتهم على الصلواة في المساجد بالأحياء والمناطق السكنية على صلوات العصر والمغرب والعشاء في حين أنه من المتاح للسيدات والآنسات أداء كل الصلوات بالمساجد المجاورة لمساكهن. «الملف الاجتماعي» ناقش هذا الموضوع، منال الشيخ «معلمة» ترى أن صلاة المسجد أفضل من الصلاة بالمنزل بحكم فضل الجماعة الذي أشار إليه الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكن لا تجد مصليات النساء الاهتمام الكافي من حيث التجهيز من أبسط التجهيزات كمثال ضيق مصلى النساء مما يضطر بعضهنَّ للصلاة خارج حرم مصلى النساء على وجه الخصوص في صلاة التراويح والجمعة إذ نجد حرص أكبر عدد من النساء على أداء هتين الصلاتين، أيضاً عدم تجهيز أماكن الوضوء أو الدورات فتضطر بعضهنَّ للوضوء داخل منزل الإمام الملحق بالمسجد، ومن ناحية أخرى مصلى النساء يفتقر إلى التهوية والتكييف فأحياناً نجده يحتوي على مكيف واحد ولا يُحرص على تشغيله أو تعطله تماماً، أيضاً نجد أحياناً تعطل الميكرفون أو يُهمل تشغيله من الأساس مما يحرم المصليات من متابعة القراءة أثناء الصلاة أو عدم متابعة خطبة الجمعة أو الدروس التي تقام بالمسجد، والافتقار إلى المكتبة التي تتيح للمصليات التصفح فيها أو التلاوة أو مراجعة القرآن من حيث كم المصاحف أو الكتب أو المراجع مقارنة بمصلى الرجال الذي يجد الاهتمام الزائد من حيث التكييف وإثراء المكتبة بالكتب المتنوعة والعدد الوافر من المصاحف، إضافة إلى قصور المناشط على الرجال فقط من أسابيع دعوية أو ندوات أو محاضرات مما يحرم النساء من الاستفادة من الدور الرسالي والتربوي المنوط بالمسجد. ثانياً تحدثت إلينا الحاجة نفيسة أحمد: ذكرت في حديثها أنهنَّ يحرصن على حضور الصلوات في المسجد وبالأخص التركيز على صلاة التراويح في رمضان وصلاة الجمعة للاستفادة من خطبة الإمام التي بدورها تجدد الإيمانيات وتذكر المصلين بالكثير من القيم الإيمانية والعبر الآخروية، ثالثاً تحدثت نهى الطيب «خريجة جامعية» أشارت إلى استيائها من الوضع الراهن للمساجد بإهمال مصلى النساء من حيث جوانب الإنارة والمفروشات «أحياناً يعطى مصلى النساء المفارش القديمة في حين تجدد مفروشات مصلى الرجال»، وقد أشارت إلى سلوك غير حضاري يمارَس في المساجد إشارة إلى سرقة الأحذية والذي لا يمت للسلوك والأخلاق والقيم الإسلامية بصلة، مما يضطر بعض المصلين لسرقة أحذيتهم للسير حفاة الأقدام إلى مكان سكنهم بعيداً كان أم قريبًا من المسجد. تحدثت سمية إبراهيم الإعيسر «موظفة» عن واقعة أثناء قضاء حاجة لها مع زوجها وعند عودتهما لجأت للصلاة بأحد المساجد حيث اضطرت للصلاة مع زوجها في الحي حيث دخل زوجها إلى مصلى الرجال وتركها لتبحث عن مصلى النساء فبحثت فلم تجد لا متوضأ ولا مصلى للنساء فاضطرت أن تصلى في خرقة من خيمة قديمة في طرف من فناء المسجد دون إنارة أو ساتر يحجبهنَّ من المارين من الرجال، وقد أشارت سمية إلى حرصها مع بعض صديقاتها وجاراتها على أداء صلاة الجمعة بالمسجد بصورة راتبة، وفي رمضان يحرصن على أداء صلاة التراويح وصلاة التهجد نسبة لمزاولة عملها خارج المنزل إضافة إلى مهامها داخل المنزل فلا تجد الوقت الكافي لأداء جميع الصلوات بالمسجد فتقتصر صلواتها على الجمعة والتراويح في شهر رمضان. من جانب آخر نجد عدم الحضور للمسجد بصفة عامة إما لتكاسل البعض عن أداء الصلاة بالمسجد لبعد المسافة أو العجز والكسل عن الذهاب إلى المسجد، أما بالنسبة للنساء فيرجع ذلك إلى كثرة مشاغلهن بأداء مهامهن داخل المنزل لخدمة زوجها وأطفالها أو ضيوفها مما لا يتيح لهنَّ الزمن الكافي للذهاب إلى المساجد. في هذا الزمان نرى أن الصحوة الدينية صارت لافتة وذلك يرجع إلى تزايد عدد المصلين والمصليات في المساجد بصورة ملحوظة، فنرى من المهم جداً أن تُهيأ المساجد بما يليق بهذا الكم المتزايد من المصلين الذين يُقبلون على الصلاة بما يحفزهم على الاستمرار في الإقبال على الصلاة بالمساجد، كما نشير للبعض بالتأكيد على السلوك الحضاري داخل وخارج المسجد بما أشرنا له من سلبيات آنفاً.