ما يؤكد متابعة المملكة العربية السعودية للأوضاع الأمنية في السودان مخافة انعكاس أية سلبيات يفرزها اضطراب أمني، أو عدم استقرار سياسي، أو توتر في السلام الاجتماعي فيه على أمنها الوطني واستقرارها السياسي وسلامها الاجتماعي، و مما يؤكد تلك المتابعة الأمنية في السودان، مبادرة وزارة الداخلية السعودية عام 1988بتقديم «180» عربة جيب ذات دفع رباعي مزودة كل منها بأحدث أجهزة الاتصال بغرف العمليات الأمنية في الأقاليم المعنية أو في المركز، وذلك بعد أن اشتدت شوكة عصابات النهب المسلح في دارفور عموماً وفي غربها المتاخم لحدود تمتد «1200» كيلو متر مع الجارة تشاد، لأن عصابات النهب المسلح كانت تهرب بغنائمها المنهوبة إلى داخل الأراضي التشادية، وكانت تلك العربات بمثابة دعم لوجستي لقوى الأمن وأجهزة الشرطة التي تتصدى لتلك العصابات المجرمة، وقد ساعد التطور النوعي والكمي للعمليات الأمنية ضد عصابات النهب المسلح في تحجيم نشاط تلك العصابات، بعد أن سدت العمليات الأمنية المنافذ إلى داخل تشاد، فانكفأت تلك العصابات على نفسها - بفضل الله - ثم بفضل ذلك الدعم اللوجستي السعودي لجهود الأمنيين السودانيين ما دفع عصابات النهب المسلح إلى العمل داخلياً بين مدن وقرى وحلال دارفور، ثم تهرب بغنائمها أو ببعضها كلما طاردتها قوات الأمن من قرية لأخرى! المهددات الخطيرة للأمن الوطني والعربي للبلدين- وفي إطار الدعم اللوجستي السعودي للأمن السوداني، كشف وزير الداخلية السوداني الحالي إبراهيم محمود حامد، عن اتفاق حديث مع السعودية للتعاون في المجال الأمني بين البلدين، حسبما ذكرت صحيفة «المجهر السياسي» السودانية الصادرة يوم الخميس 12 / مارس /2013م وقال إن الاتفاق تم مع نظيره السعودي الأمير محمد بن نايف على التعاون الأمني بين البلدين، في مجالات مكافحة الإرهاب والاتجار بالبشر وضبط الحدود ومكافحة المخدرات والجريمة العابرة، وأضاف «سيتم خلال الفترة القادمة تبادل زيارات الخبراء والفنيين بين البلدين لإنفاذ الاتفاق»، مشيراً إلى أن السعودية تعهدت بدعم السودان في مجالات الدفاع المدني ومحاربة الجريمة العابرة» تعاون أمني بحري بين البلدين الشقيقين الجدير بالذكر هنا هو أن التعاون الأمني بين السودان والمملكة العربية السعودية لم يقتصر على ضبط الأمن في فضاءاتهما البرية، وإنما امتد إلى المياه الإقليمية لكليهما في البحر الأحمر الذي لهما ساحلان طويلان على جانبيه، وقد تجلى هذا التعاون الأمني في مياه البحر الأحمر كما أسلفت في مقالي السابق عندما أنشأ البلدان هيئة خاصة لاستغلال كنزٍ معدنيٍ في قاع البحر الأحمر عند المياه الإقليمية لهما، ولم تكشفا عن الدوافع الأمنية كهدف جوهري لإنشاء هذه الهيئة، ربما لأن الظروف والأحوال العامة آنذاك لم تكن مواتية للكشف عن تلك الدوافع التي وضح فيما بعد أن الهدف الأمني من إنشاء الهيئة كان نتاج رؤية أمنية وسياسية واضحة لاحتمال تطورات وأحداث متوقعة في مياه البحر الأحمر قد تشكل خطورة للأمن الوطني لكل منهما، وبالتالي لأمنهما المشترك الذي يحميان به مياههما الإقليمية وتجارتهما عبر البحر منهما وإليهما، وقد أثبتت المهددات الخطيرة لأمن البحر الأحمر التي ظهرت خلال العقود الثلاثة الأخيرة، وبالقرب من المياه الإقليمية للبلدين، أثبتت بُعد نظر القيادتين في الرياض وفي الخرطوم، ووضوح رؤيتهما للأحداث السياسية والأمنية المتوقعة التي أوجبت عليهما المبادرة إلى تعاون أمني ثنائي يستبق تلك الأحداث لتلافي خطرها على أمن وسلام البلدين، ومصالحهما المشتركة، إذ أصبحت مياه البحر الأحمر الآن مسرحاً لعمليات القرصنة البحرية والتسابق بين الدول إلى السيطرة على ممراته الدولية وحتى الإقليمية الخاصة بدول ذات سيادة وطنية/ كما أصبحت مياه البحر الأحمر مسرحاً لاستعراض القوة العسكرية بالبوارج والمدمرات والسفن التي تعمل بالطاقة النووية، بل وتحمل أسلحة نووية وصواريخ جاهزة للإطلاق، وغير ذلك مما يهدد أمن الدول المطلة على البحر الأحمر ومنها السودان والسعودية، وقد عبرت الدولتان عن تعاونهما العسكري في البحر الأحمر، إذ قامت القوات البحرية السودانية في 16 فبراير الماضي، بتنفيذ مناورات عسكرية مشتركة مع القوات الملكية السعودية في أول عروض عسكرية مشتركة تنفذها البحرية السعودية مع نظيراتها من دول الجوار، وتهدف المناورات إلى التعاون المشترك لتأمين منطقة حوض البحر الأحمر، لتقوية العلاقات بين السودان والسعودية، بحسب عسكريين سودانيين. توقيع مذكرة تفاهم سعودي سوداني ولأن أي نشاط لأية دولة، أمنياً كان أو اقتصادياً أو تجارياً، أو غير ذلك لا بد لهذا النشاط من قرار سياسي، ولأهمية أي نشاط مع دولة أخرى مثل المملكة العربية السعودية بالنسبة للسودان، كان لا بد من قرار سياسي للاتفاق على التعاون المنسق في جميع التعاون، وفي يوم الأربعاء 5/محرم1425- الموافق 25/ مايو/ 2004 استقبل الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية بمكتبه وزير خارجية جمهورية السودان الدكتور مصطفى عثمان إسماعيل وجرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيزها وتطويرها كما جرى خلال الاجتماع التوقيع على «مذكرة تفاهم» بين المملكة العربية السعودية وجمهورية السودان لإنشاء لجنة «متابعة وتشاور سياسي». سعود الفيصل: دعم العلاقات بالأعمال وليس بالأقوال وعقب توقيع المذكرة صرح الأمير سعود الفيصل موضحاًَ أن فحوى مذكرة التفاهم هو أن يكون هناك تنسيق مستمر بين وزارتي الخارجية في البلدين يعبر عن أواصر الود والثقة والعمل الدؤوب المشترك لحفظ مصالح السودان والمملكة العربية السعودية، وتنسيق مواقفهما لتطوير العمل العربي المشترك، مشيراًَ إلى أن الاجتماع تطرق إضافة للعلاقات الثنائية لكل الموضوعات المطروحة على جدول أعمال المجلس الوزاري واللجان التابعة له في الجامعة العربية. ووصف سعود الفيصل العلاقات بين المملكة والسودان بالمتميزة نتيجة اهتمام القيادتين في البلدين وحرصهما على تطويرها وتجسيدها بشكل أعمال وليس بالأقوال وقال «بالتالي الهيكلة لتطوير العلاقات ضرورية وهذا ما يتم إنجازه في زيارة للسودان والاتفاق على اللجنة المشتركة.. واليوم تتم الهيكلة بين وزارتي الخارجية»، وقال إن توقيع مذكرة التفاهم يندرج تحت التطور الطبيعي للعلاقات بين البلدين ويعالج الظروف الحرجة التي هي قائمة. مصطفى إسماعيل: الاتفاق خطوة جديدة لتطوير العلاقات من جانبه عبر وزير الخارجية السوداني عن سعادته بزيارة المملكة العربية السعودية وتوقيع اتفاقية تأسيس لجنة التشاور السياسي التي تأتي بتوجيهات من قيادة البلدين لتطوير العلاقات بين المملكة والسودان، مشيداً بالمواقف المشرفة التي وقفتها المملكة مع السودان في جميع المواقف. وعد الاتفاقية خطوة جديدة في تطور العلاقات الثنائية والتنسيق السياسي حول القضايا الإقليمية والعالمية ذات الاهتمام المشترك في هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها الأمة العربية والإسلامية، وقال إن الاتفاقية جزء من الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها مفيداً أنه تم في المباحثات تمديد عقد اللجنة الوزارية المشتركة بين البلدين في الخرطوم برئاسة وزيري التجارة التي سيتم خلاله تداول تطوير العلاقات في ملفاتها التجارية والاقتصادية. كما سيقوم معالي وزير الزراعة السعودي بزيارة للسودان مع بداية شهر مارس على رأس وفد من رجال الاعمال والمستثمرين، كما سيقوم معالي وزير التعليم العالي بالمملكة بزيارة للسودان، وكذلك معالي وزير العدل إضافة إلى وفود في إطار اللقاءات البرلمانية بين المجلس الوطني السوداني ومجلس الشورى بالمملكة. وكان وزير الخارجية د. مصطفى عثمان إسماعيل قد سلم خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز رسالة من الرئيس السوداني عمر حسن البشير وذلك خلال استقبال الملك فهد له في مكتبه بقصر اليمامة التمسك بوحدة الأراضي السودانية 1 و2 1- واس/ الأربعاء 5 محرم 1425 الموافق 25/ مايو/2004م 2-الشرق الأوسط/الأربعاء 05 محرم 1425 ه 25 فبراير 2004 العدد9220 3- الوكالات العربية والعالمية بتاريخ 21 مارس 2013م