أبدى رئيس السلطة الإقليمية لدافور الدكتور التجاني سيسي امتعاضه التام لتطورات الوضع الأمني في دارفور خاصة الأحداث الأخيرة التي شهدتها مدينة نيالا حاضرة جنوب دارفور ووصف أن ما يجري بولايات دارفور من صدامات قبلية مسلحة وقوات الدولة بأنه فوضى خلاقة ومؤسفة يمكنها أن تجهض الأمن والسلم الاجتماعي بالإقليم. وقال السيسي الذي كان يتحدث لنازحي معسكر أبو شوك الإثنين الماضي ليس هناك أي مبرر لوقوع اشتباكات مسلحة بين قوات الدولة الواحدة وأن أحداث نيالا الأسبوع الماضي تعطي مؤشرًا سلبيًا وتقوض العملية السلمية برمتها في البلاد ويمكن انتقالها من دارفور إلى بقية مدن وولايات السودان الأخرى إذا لم تبسط الدولة هيبتها وتمكن القوات النظامية المتمثلة في الجيش والشرطة والأمن بالإمكانات الضرورية لبسط هيبة الدولة وإعمال مبدأ العدالة وسيادة حكم القانون بين جميع مكونات المجتمعات ومحاسبة الجناة الذين ارتكبوا الفظائع وروعوا المدنيين الآمنين.. ووصف السيسي الأحداث المتلاحقة في دارفور بأنها غير مشجعة على إنفاذ اتفاقية لسلام دارفور، لافتًا إلى أن الصراعات والمواجهات المسلحة التي تدور في مدن وبعض محليات ولايات دارفور لا تتحمل مسؤوليتها الحركات المسلحة لوحدها بل هي صراعات بين قوات وجيوش الحكومة الواحدة، وأضاف قائلاً: (خاصة ونحن نلاحظ عن كثب أن الدولة السودانية بدأت تتآكل من دارفور بسبب الصراعات الجارية). واستعرض السيسي الأحداث التي اندلعت بإقليم دارفور خلال الفترة الماضية التي بدأت بأحداث كتم ومليط وجبل عامر بجانب الأحداث القبلية التي شهدتها ولايتا جنوب ووسط دارفور. واتهم السيسي جهات لم يسمها بأنها تقف خلف هذه الأحداث، داعياً جميع أهل السودان إلى ضرورة الوحدة من أجل تماسك الدولة السودانية. وطالب التجاني سيسي النازحين واللاجئين والمجتمع المدني بالمشاركة بفاعلية في برامج إنفاذ وثيقة الدوحة لسلام دارفور باعتبارهم أصحاب المصلحة وأصحاب حق أصيل في الاتفاق وذلك من خلال مشاركتهم في صنع الاتفاق في كل مراحله بالدوحة. وكشف السيسي أن السلطة الانتقالية شاركت النازحين والمجتمع المدني وتعهد بتوفير كل ما يلزم من معينات البيئة المدرسية لمدارس النازحين بالتنسيق مع حكومات الولايات. في وقت يرى المراقبون للملف الدارفوري أن تصريحات التجاني سيسي تدل على حالة استياء واضح بشأن الأحداث المتلاحقة والمتكررة وأشاروا في الخصوص إلى تحركات نواب دارفور وبالأخص هيئة نواب جنوب دارفور الذين دفعوا بخطابات لرئيس الجمهورية ووزيري الدفاع والداخلية ومدير جهاز الأمن لمعرفة حقيقة القوات المتفلتة في أحداث نيالا ولأي جهة من الجهات تتبع؟ وهذا ما أكده عضو هيئة نواب جنوب دارفور الشرتاي عمر أحمد في تصريحات صحفية بأنهم اتفقوا في اجتماع الهيئة على رفع خطابات لرئيس الجمهورية باعتباره المسؤول عن ملفات الصراعات القبلية بالبلاد، كما تم تقديم خطابات أخرى لوزيري الدفاع والداخلية ومدير جهاز الأمن لمعرفة تبعية تلك القوات المتفلتة.. وقال عدد من الباحثين والخبراء في الشأن الدارفوري ل (الإنتباهة) إنه لا بد من تعاون بين كل مكونات المجتمع وإعلاء قيمة العمل المشترك مع السلطة الإقليمية لدارفور للخروج من هذا النفق ولا بد لولاة الولايات الخمس التعاون التام والعمل سويًا مع السلطة الإقليمية لدارفور وبإرادة مشتركة من أجل تحقيق الهدف الإستراتيجي المشترك وهو دعم سلام دارفور وفتح المجال للإعمار والتنمية والعودة الطوعية. وفي السياق ذاته كان السيد رئيس الجمهورية قد أعلن الأيام الفائتة أن الحكومة ستتخذ جملة من الترتيبات والإجراءات من أجل بسط الأمن وفرض هيبتها، كما وجه وزارة المالية بسداد الالتزامات الخاصة بتنفيذ بند الترتيبات الأمنية في اتفاق الدوحة بدارفور وذلك على ضوء اجتماع اللجنة العليا لسلام دارفور التي عقدت بالقصر الجمهوري لمناقشة الوضع الأمني في دارفور. وفي هذا الاجتماع استعرض الدكتور السيسي عددًا من التقارير الخاصة بالأوضاع هناك وبالأخص ملفات الأمن والتنمية، مشيرًا إلى أن اجتماع اللجنة دعا إلى ضرورة إكمال إنشاء بنك التنمية بدارفور. وأضاف السيسي أن نشاط الحركات المسلحة انحصر في بعض المناطق في جنوب دارفور وشرق جبل مرة، مؤكدًا أن أهم التحديات للسلام وتنفيذ الاتفاق هي الصراعات القبلية التي تفاقمت مؤخراً وبشكل مخيف.