هكذا تأتي مسميات أرباب التمرد لتنظيماتهم الخراب بأسماء وألقاب وواجهات يبتغون بها الكسب الرخيص وامتطاء ظهور الغلابى والبسطاء، يدّعون أنهم خرجوا لأجلهم، وأن نضالهم وثوراتهم المزعومة تعمل لتحقيق تطلعاتهم ومعالجة قضاياهم، وما أن بلغوا مطمحاً مما يتطلعون إليه من مآرب وطموحات شخصية، إلا وظهروا على حقيقتهم، وتبيَّن الناس كذبهم وتكسُّبهم من خلال الأموال التي يكنزونها والعربات التي يمتطونا والحياة التي يعيشونها والعقارات الفاخرة التي يمتلكونها في أغلى مدن العالم والأرصدة التي تفتح بأسمائهم وعائلاتهم، هكذا تكشف أوضاع هؤلاء القادة المزيّفين ممن يتاجرون بالألقاب وهم في حقيقتهم طلاب سلطة وتجار حرب في أثواب خادعة ودعاوى إرجاف، كان بالأمس قرنق وهو يدشن تمرده بالجنوب ومن بعده توالت الدعوات على ألسنة التمرد بكل قبائله وكانت «العدل المساواة» السابقة إلى عقد مؤتمر اتحاد المهمشين بمدينة هوتنغن الألمانية في أبريل من عام 2003م ، الذي كان علامة فارقة في تدهور الوضع الأمني في دارفور وانطلاق الحريق والدمار ليعم كامل الإقليم، وانتظم من بعد حريق العصابات وحرب الاستنزاف حتى غزوة أم درمان الفاشلة في 10 مايو 2008م بدعم غربي كنسي أمريكي ليبي، وعلى نحو هذه الفعال والمغامرات في تمزيق الوطن وتبديد ثرواته وموارده وإنسانه كانت شخصية خليل الواهمة تغالي في تصوير ذاتها وتضخيم قدراتها، وحركته التي ضمت إخوانه وعشيرته والأقربين ثم عصبية القبيلة ودعوى الجاهلية وهي ترمي إلى تقزيم الوطن وضرب مصالحه. وظل هذا الخليل يزعم أن حركته قومية التكوين والمنشأ بالرغم من أنها لا تضم في قيادتها وهيئة أركانها ومفاصلها سوى فرع من قبيلة وبعض من الهتيِّفة على شاكلة «عرمان الحركة الشعبية» يشتركون بنسب ضئيلة وحظ بئيس في القيادة والسيطرة وفيما يتاح من مال ليبي لم ينفع ~القائد الأممي~ ولا فتاه الذي هام في الصحارى ينشد النجاة والحماية، ولاعاصم له، ورجاله يحدثوننا لا عن هروبه وإنما عن عملية تسلله إلى حدود دارفور وكأن على رؤوسنا الطير. ويخرج خليل الهارب من ثوار ليبيا، وأعلامه يكشف حجم الخلافات داخل صفه بل التمرد على سلطانه المصطنع وقبضته الحديدية، والقرارات تتنزل يمهرها بلقبه الذي اختاره لنفسه «فريق» على شاكلة الرتب التي يضعها عقار والحلو من الذين رفعهم السلام دون استحقاق، وقعدت بهم مغامراتهم ونزواتهم فيما أقدموا عليه من انتحار بالنيل الأزرق وجنوب كردفان. وكل يوم تتنزل القرارات الخليلية التي حرص فيها على شكليات القرارات، ونسي من سمى نفسه بزعيم المهمشين أن تأتي تعييناته وفقاً لأصول العدل والمساواة بين كل مواقع المهمشين، وتعبير المهمشين نفسه تعبير ساذج استغله قرنق وتدثّر به من يبحثون عن الزعامة على أجساد أهلهم الذين كانوا ينتظرون منهم الغذاء والدواء فجاءوهم بالخراب والفناء والهدم وروايات الاغتصاب والأفلام المفبركة، ومن عجب أن زعيم المهمشين، الذي لم ينتخبه أحد، قد أصدر قرارًا بتعيين مدير مكتبه ولم تفصح لنا هذه القرارات عن المخصصات المالية التي ستوزع على هؤلاء~ القادة~ و~الجنود~ ومن سيرسلها لخليل.إذ ليس لخليل أعمال زراعية أو رعوية أو أي مناشط اقتصادية، ناهيك عن خدمات تعليمية،تنفع حتى تلك المواقع التي يسميها ~محررة~ والتي أصبحت مخربة بجرائم خليل وأضرابه، إلا أن يكون هناك مهمشون يقرون الخراب والدمار وقتل الأبرياء وسفك الدماء لأجل حاكمية الزعيم! أما آن لخليل أن يعود لصوت العقل والحكمة وما تقتضيه مصلحة البلاد بعد هذا الخراب المكلف في الأرواح والممتلكات، وأن يتقي الله في أهل دارفور خاصة وأهل السودان عامة ويركن إلى بعض ضميره إن كان به ضمير! أما آن له أن يدرك أن القوى الدولية التي تسيِّره وتعينه على خراب الديار وتفكيك وطنه وتعطي بعض مساعديه مكتباًَ للحديث في لندن، تدرك خلفيته الإسلامية ودوره في حرب الجنوب ومساندته للهارب القذافي، وأنها لهذا تستغله، كما تستغل عبد الواحد الشيوعي، في حوارها مع الحكومة وضغوطها على الحزب الحاكم المؤتمر الوطني، وأنها سوف لن تسمح لهما بأكبر من هذا الدور بجداوله ومواقيته وأهدافه المرسومة، متى ما انتهى سيقضي عليهم كما كان حال زعيمهم قرنق، أو ليس له في مقتل قرنق عبرة وهو الذي أرسل إلى حتفه المحتوم بيوغندا بعد أن أدى دوره المرسوم؟ متى يدرك الطبيب خليل أن جسد دارفور المثخن بالجراح لا يحتاج إلى جرح جديد! وليس أمام ~حركة العدل والمساواة~ سوى أن تنظر إلى المستجدات والمتغيرات الكبيرة التي حدثت في الساحة الدارفورية وما يستشرفه الوطن من مرحلة جديدة قضت على طموحات الحلو وعقار، لقد تقلّد منصب نائب رئيس الجمهورية ابن من أبناء دارفور ممن لا يشك أحد في سيرته وحبه لدارفور، وكذا الحال بالنسبة لوزارات المال والعدل وغيرهما. ولقد جاء د. التيجاني السيسي رئيسًا لسلطة دارفور الإقليمية برجاله وبخبرته الوطنية والعالمية ليتولى هذا فضلاًَ عن كون ولاة دارفور من أبنائها اتفق معهم خليل أو خالفهم فهم من خيار مناطقها وبطونها لهم من الحق ما يدعيه هو، إلا أن يكون قد احتكرها لشخصه وخاصته، يضاف إلى ذلك أن كل ولايات دارفور تحكم في كل مستوياتها بأبناء دارفور. وبالطبع لا ننسى أن الانتخابات قادمة في الطريق تفسح المجال للمزيد من الحراك والمشاركة، فهل يستعد د.خليل للفوز بدائرة انتخابية ولائية وربما قومية أم أن قدوته «باقان»؟ أما على الصعيد الخارجي فقد أدركت الحكومتان التشادية والسودانية أن مصلحة البلدين في الأمن والاستقرار. وغاب عن المسرح الهارب القذافي الذي أصبح مشغولاًَ بنفسه، كل هذه العوامل تؤكد أن العمل السلمي هو أفضل الخيارات لا محالة، وهذا ما ينتظره أهل دارفور من جميع الحركات التي تتقسم وتتشطر على نفسها يوماًَ بعد يوم، فمتى عودة العقل يا زعيم المهمشين؟!