دجاج الزينة لا يحضن بيضه.. و«البلدية» المسكينة تتولى ذلك.. وهذه بعض أسراره!! كان الصبية قديماً إذا ضاع منهم «قرش» في الأرض، كانوا يكومون التراب ويجلسون حوله وهم ينهشون ذلك الكوم بحثاً عن «القرش» ويرددون جماعياً: «يا إبليس.. ما حقي.. حق الناس.. بضبح ليك جدادة وديك.. يا إبليس». ذلك يدل على أن القرش كانت له قيمة.. وان سعر دجاجة وديك لم يكن غالياً.. وكانوا اذا عثروا على القرش فروا به فرحين و «مقلبوا» إبليس اللعين. اليوم عزيزي القارئ دعنا نعيش في عالم عجيب وطريف وممتع.. عالم سعر دجاجة وديك فيه بالملايين!! إنه دجاج الزينة. وقد تندهش من أن اسعار هذا الدجاج، دجاجة وديك بالملايين، وأن هذا الدجاج في تجارته ليس للأكل.. ولكن الدهشة قد تزول أو تزيد ونحن نتابع هذه الجولة الثمينة في عالم طيور الزينة. في معرض الزهور بالحديقة النباتية لفت نظري قفص أنيق يحتوي على عدة أنواع من دجاج الزينة هذا، وعند مدخل ذلك الجناح الذي يعرض الدجاج لوحة ايضاحية مصورة ملونة عن أنواع ذلك الدجاج الأنيق. وعن طريق الصدفة التقيت أحد الشباب الهواة يقف بجانب القفص متأملاً.. فكان هذا الشاب هدفي ودليلي لتجربته في هذا المجال، فاجريت معه هذا الحوار: الشاب عبد الفتاح بكري طالب بجامعة الخرطوم آداب فلسفة يسكن السامراب. قال عبدالفتاح إنه من هواة طيور الزينة منذ عام 2005م، ومن ضمنها ايضاً دجاج الزينة.. وانه يملك اليوم صنفاً من المعروض أمامنا في المعرض يدعى «القطني»، والتسمية جاءت لأن لونه ناصع البياض. ويقول عبد الفتاح إن لون لحم هذا الدجاج اسود. وسألته عن سر تعلقه بهذه الهواية فقال: الناحية الجمالية والناحية المادية مجزية. ويقول عبد الفتاح: إن سعر بعض الأنواع منه ك «ترباس» مثلاً كان يقارب ثلاثة ملايين جنيه.. ويقول لا ادري سعره اليوم واذا هبط فإن ذلك يعني أن انتاج الهواة قد ساهم في انخفاض السعر.. ومعنى ذلك إذا تم جلب أنوع جديدة من دجاج الزينة فإن سعرها يكون غالياً.. ثم بعد التكاثر ينخفض. وهذا الدجاج مستورد بعضه من اوروبا وآخر من آسيا مثل الدجاج ال«Fighter» المقاتل. سألت عبد الفتاح: عدد لنا الأنواع بالشرح.. قال: من مسمياته وبعضها بلدية تعارف عليها جمهور الهواة هنا في السودان هنالك: «القزم» لصغر حجمه وهناك «البراهمة» و «القطني» أو «الزغبي»، ريش السمك، وريش مقلوب، وهذا يفضله بعض المشعوذين في الزار. وماذا عن الأسعار؟ «ترباس» كان الأغلى وما يميزه أن له عرف كثيف.. ركان بثلاثة ملايين.. واليوم نجده هنا في هذا المعرض وسعره أصبح مليون جنيه.. الجوز طبعاً «دجاجة وديك» «ريش السمك» وهو ذلك المخطط وشكله جميل جداً، وعلمنا أن سعره كان بخمسة ملايين. وماذا عن سعر البيض ما دام الدجاج غالياً؟ أجاب عبد الفتاح: البيض أيضاً سعره غالياً، لأن في البيضة يكمن الاستثمار، وهذا الذي جعل سعر الكتكوت ب 500 جنيه «خمسائة جنيه». ويواصل عبد الفتاح قائلاً: دجاج الزينة عادة لا يحضن بيضه لذلك نحن نلجأ لكي نوجد الدجاجة البلدية «الكاته» فترقد على البيض لتفقسه واحياناً بعض الهواة المتمكنين يلجأون للفقاسات، ولكن المفضل اكثر الدجاجة البلدية. لماذا يا عبد الفتاح؟ لأن الدجاجة البلدية بعد ان تفقس البيض ويصبح في طور الكتاكيت تقوم برعاية صغارها. قلت لعبد الفتاح: مسكينة الدجاجة البلدية.. لا تدري أن هؤلاء ليسوا ابناءها.. وهنالك مثل سوداني دارجي يقول: «حنان كت بلا لبن».. والشيء الطريف في الأمر أن البيض أغلى من الدجاجة الحاضنة، كما أن الكتاكيت اغلى بكثير جداً من الدجاجة البلدية «المدقسة» التي تظن أنها امهم. ونعود للشاب الخلوق عبد الفتاح الذي حولنا بدوره ايضاً لزملاء له في مجال طيور الزينة، فتحصلت على معلومات منهم مشكورين وهم الشباب: عمران وابو شنب بالتلفون وابو شنب هو من المتمكنين في هذا المجال. يقول ابو شنب عن أسعار دجاج الزينة: هنالك الأنواع «ترباس الروني، لونو ابيض كله» وآخر فضي أو أسود، والترباس هذا بولاني من بولندا. وسعره حوالي ثلاثة ملايين. أما البراهمة «العملاق» فهو الأغلى الجوز ب ستة ملايين. وسألناه هل يمكن التهجين؟ قال .. نعم واضاف ابو شنب أن ابن اخيه اخبره بأنه شاهد قريباً عبر قناة الجزيرة في معرض بالسعودية ان أحد الهواة احر جائزة في ديك استلم فيها خمسة آلاف دولار وهو النوع الذي يسمى هنا في السودان «ترباس». ويقول أبو شنب الهاوي المخضرم في مجال طيور الزينة ودجاج الزينة: أما نوع الدجاج المقاتل«Fighter» فهو أيضاً موجود في السودان، لكننا لا نفعل ما يفعله الآسيويون في اجراء منافسات صراع الديوك لأنها عندنا مستهجنة. سألته: هل هو دجاج عدواني حقاً اجاب: نعم .. ويمكنه مهاجمة حتى الذين يهتمون برعايته. وبعد فإن عالم الطيور مدهش.. والحلقة ممتعة ولم تنته. الطيور جميلة للغاية.. وتدخل البهجة والسرور. وكم تغنى بها الشعراء والفنانون.. هي الآن بهجة عالمنا وحتى معارضنا.. والهواة الذين يهتمون بشأنها «أقل ما يمكن ان يوصفوا به انهم مرهفون وفنانون.. ويعود لهم الفضل في توطينها بالسودان وتكاثرها. وقد تكون لنا معهم لقاءات على أنغام الكنار والحمام اليمني والكروان والقماري. فالشكر للشباب عبد الفتاح وعمار وأبو شنب.