رفع الستار عن التشكيلة الوزارية التي شغلت الرأي العام بقوة ووضعت حدًا للتكهنات بخروج كبار الوطنى بدءًا من القصر ونهاية بالوزارات فاغفلت التشكيلة وجوهًا غير متوقعة ليعلن الوطنى ان الفترة القادمة ستكون بها تغييرات جذرية في كل المرافق بالدولة ليتبعها بحديث عن وثيقة أسماها بالتاريخية تتزامن مع بدء السباق الانتخابى لينزل الوطنى بما عرف «بنيو لوك»! وكما جاء في الاخبار ان المكتب القيادي برئاسة المشير عمر البشير رئيس الجمهورية قد اعتمد وثيقة اصلاح جديدة لتطوير الحزب والسياسات العامة بالبلاد ووصفت بانها مبدئية سيتم اعتمادها بعد اسبوعين في تمهيد واضح لخوض الانتخابات التى تفاءل الحزب باكتساحها. ويبدو ان هذه الوثيقة تأتي في اطار الشكل الجديد للوطني بحيث تغطي على كل الموضوعات التى مازال بها الكثير من الاستهداف للحزب عبرها باعتبارها نقاط ضعف لا بد من تلافيها عبر المطبخ الجديد الذي عكفت عليه اكثر من «10» لجان هدفها تطوير الحزب واصلاح السياسات العامة للدولة وترسيخ النزاهة ومحاربة الفساد والغلو الجهوى من اجل ابتدار جولة جديدة من الحياة الحزبية والسياسية في البلاد والتقدم بإصلاحات اقتصادية شاملة، واعادة صياغة النظام الاساسي للنظام وعمل لوائح جديدة للحزب، ومن الواضح ان دعاوى الاصلاح جاءت من داخل الوطنى بعيدًا عن الانشقاقات الخارجية لضرورة رأب الصدع فقدمت كل لجنة تقريرًا لتدمج فيما بعد في تقرير واحد تنظر اليه لجنة اصلاحية من جديد، وبحسب مراقبين فإن هذه الوثيقة اشتملت على نقاط حساسة تهم الشارع العام قبل اي شيء، فالوطنى لم يتحدث عن برنامج انتخابي فقط بل قرر ان يقدم افعالاً تسبق الاقوال بخصوص الملفات التى ينتظرها الشارع بعد التغيير الوزارى الاخير، ولعل اهمها على الاطلاق هو ملف الفساد الذي يثير حفيظة الشارع بشكل كبير، ويظل الاتهام الذي يطول كثيرين على مستوى المركز والولايات وهو الملف الذي تحدثت عنه الحكومة كثيرًا لوضع حد له وفي وقت سابق من العام عندما كشف وزير العدل محمد بشارة دوسة عن مطالبتهم للوزراء والولاة بمد لجنة إقرارات الذمة بكشوفات أسماء شاغلي الوظائف العامة الذين يشتبه في ظهور ثراء حرام عليهم، مشيراً إلى وصول كشوفات إلى اللجنة من تلك الجهات، وأقر دوسة بعدم قدرة لجنة فحص إقرارات الذمة لوحدها معرفة كل بطون الفساد، وأنهم على استعداد لحماية أي شاكٍ يفيدهم بوجود مكامن للثراء الحرام قطع بتطبيق قانون مكافحة الثراء الحرام والمشبوه بقوة وصرامة على كل من يثبت أنه أثرى ثراءً حراماً، أن القانون ينطبق على تجار المخدرات والسلاح وعمليات غسيل الأموال مشددًا على أنه لا مجال لأي انفلات من الناحية التشريعية وأنهم سيسعون لتطبيق القانون بكل قوة وصرامة، مؤكدًا أن فحص الإقرارات ليس إجراء تجريميًا وإنما الغرض منه الحفاظ على الوظيفة العامة ومنع أي اعتداء على المال العام! تصريحات دوسه لا يمكن فصلها بحسب مراقبين عن بقاء الرجل في كرسى الوزارة ليكمل هذه الملفات الحساسة التي بدأها فعلاً ولعل الدفع بعراب الفساد واكثر من يتحدث عن القضاء على هذه الآفة الممرضة الفاتح عز الدين كرئيس للبرلمان يزيد مسمار جدية القضاء على الفساد ثباتًا، وتبقى العيون باتساعها في انتظار الاخبار التى ضاقت الصدور خلفها. ويأتي الاصلاح السياسي ايضًا في اولويات الوثيقة كما اكدت الاستاذة سامية احمد رئيس القطاع الفئوى بالمؤتمر الوطنى مشيرة الى ان الوثيقة حددت مجالات التطور في 11تحديًا من المقرر ان يصوب لها الحزب نظره في الفتره القادمة، واكدت ضرورة اعطاء بعض القضايا اولوية وايجاد حلول وسياسات تقوم الدولة بتنفيذها. ولم تغفل الوثيقة العلاقات الخارجية بحيث تدمج السودان في المنظومة الاقليمية والعالمية وتقليل وفك الحصار الذي اضر بالاقتصاد كثيرًا. وبالحديث عن الاقتصاد ينتظر الشارع تخفيض الضغط الذي ارتفع بصورة رهيبة مع وعود بمزيد من السياسات التقشفية اختفى نجمها وزير المالية السابق مع وعد من الوزير الجديد بتخفيف الضغط وعدم فرض زيادات جديدة وهو ما ألمحت اليه هذه الوثيقة التى تستهدف النقاط التي تثير البلبلة وتسحب من رصيد الوطني، وفيما بدا بعهد جديد اعلنت عنه الوثيقة تبدو الخطوات واثقة وجدية ستجد آذانًا بانتظارها عسى ان يبدأ العام 2014 باعادة الثقة بصورة اقوى من سابقتها لكن لا يوجد وقت مناسب لها كالآن مع ثلاث بدايات جديدة حكومة جديدة وعام جديد وانتخابات قادمة.