واجه القطاع الزراعي تدنياً في الإنتاجية بسبب السياسات التي اتبعتها الدولة في الآونة الأخيرة والذي بدأ واضحاً من خلال التدهور المريع في المشروعات الزراعية الكبرى بالدولة التي سعت عبر الأمانة العامة للنهضة الزراعية لوضع قانون مهن الإنتاج الزراعي والحيواني الذي تمت إجازته في البرلمان في عام 2011م، وعول عليه المزارعون لحل مشكلات القطاع باعتبار أنها قاعدة إنتاجية سليمة وهياكل تساعد في تنظيم المزارعين وتسهم في تنزيل الخطط والبرامج عبر رؤية تشمل معالجة القضايا الرئيسة خاصة ضعف الإنتاجية وتقليل التكلفة ومعالجة قضايا التسويق والتمويل، ومن المعلوم أن القانون قد أثير حوله كثير من اللغط واستنكرت جهات أن يكون هناك قانون للمزارعين مثل بقية شرائح المجتمع الأخرى كالعمال والضباط والجمارك، والمعلوم أن المزارعين هم أكبر شرائح المجتمع السوداني، وهذا القانون سيحدث نقلة نوعية في حياتهم ويجعلهم هم أصحاب الأمر دون تدخل الدولة، وسبق أن شكلت النهضة الزراعية لجاناً للاستنفار في أوساط المزارعين في كل مناطق السودان للتعريف بالقانون والتبشير به، إلا أن هذه اللجان تعثر عملها بسبب التمويل المقدم من الجهاز التنفيذي المتمثل في وزارة المالية والاقتصاد الوطني وعدم تخصيص التمويل لمسجل عام الجمعيات ليكون قادراً على إنشاء قاعدة بيانات سليمة عن مساحات الأراضي التي بحوزة المزارعين وأعداد الثروة الحيوانية التي يمتلكها مؤسسو تلك الجمعيات المرتقبة، مما أثار ردود أفعال وسط المزارعين، وشرع الاتحاد العام لمزارعي السودان في التدخل لمعالجة القضية، إلا أن ذلك ادى لنشوب صراع بين الاتحاد والجهاز التنفيذي بالدولة، وهدد الأول بحل نفسه في حال عدم التوصل لحل لمعالجة القضية. والمتابع للأمر يجد أن تلك الخلافات كان لها الأثر الواضح في تدهور الإنتاج الزراعي خلال المواسم السابقة بسبب المعاكسات والتقاطعات في الإجراءات الخاصة بسياسة الموسم الزراعي خلال العام الماضي، واتجهت الدولة عبر النائب الأول لرئيس الجمهورية إلى الإعلان عن تشكيل آلية لتفيذ القانون بعد أن واجهتة العديد من المشكلات، وقد ضمت الآلية في عضويتها العديد من قيادات اتحاد الرعاة والمزارعين، وبرئاسة رئيس اتحاد رعاة السودان سعد العمدة، حيث أوضح أن كل الصلاحيات أصبحت بيد الآلية، مشيراً لوجود توجيه لوزارة العدل والثروة الحيوانية بتقديم كل التسهيلات لتنفيذ القانون، مبيناً أن تنفيذه يعتبر تحولاً كبيراً في القطاع الزراعي بشكل عام في حال تم تطبيقه بالصورة الصحيحة، وقال في حديثة ل «الإنتباهة» إن الوضع يتطلب بذل المزيد من الجهود، ولفت إلى الاتجاه لوضع خطة إستراتيجية واضحة وخطة زمنية بهدف حل اتحادات المزارعين، مؤكداً حرص الآلية على قيام تنظيمات نموذجية لتوضيح الفكرة والعمل على تدريب المنتجين داخلياً وخارجياً، وأبان أنها ستعمل على حسم كل المعارضات من بعض الجهات، وأكد الاتحاد العام لمزارعي السودان مساهمة الآلية في استعجال تنفيذ القانون ومعالجة مشكلات القطاع الزراعي بشكل عام، وأوضح الأمين العام لاتحاد مزارعي السودان عبد الحميد آدم مختار في تصريحات صحفية أن مهام الآلية تمثل في التعبئة العامة والإعلام اللازمين لتهيئة البيئة العامة الصالحة لقيام التنظيمات وفقاً لأحكام القانون، لافتاً لوضع خطة للإحلال التدريجي للاتحادات القائمة حالياً، لافتاً لإعادة ترتيب المنتجين لإنشاء التنظيمات لإحلال الاتحادات، مع تنسيق الخطط والبرامج اللازمة لتمكين التنظيمات للقيام بدورها، مضيفاً أن تقرير الآلية يتم رفعه شهرياً للنائب الأول، وأكد الأمين العام أن تكوين الآلية بداية حقيقية لتغيير القانون وتنفيذه في كل الولايات، وأبدى العديد من المراقبين تفاؤلهم بإسهامه في تصحيح مسار القطاع الزراعي بالبلاد، مشيرين إلى أن العديد من الدول تنتهج ذات النهج الذي أثبت نجاحاً كبيراً.