إن ملوثات المياه على خلاف مياه الصرف الصحي والتي تحتوي تقريباً نفس الملوثات بغض النظر عن مكان إنتاجها فإن المياه العادمة الصناعية تختلف كثيراً فيما تحويه من ملوثات، وتوجد هذه الملوثات عموماً طافية أو على صورة عوالق أو ذوائب، كما يوجد مصدر آخر لتلوث المياه من جراء عمليات التصنيع وهو التلوث الحراري الذي يُعزى إلى كميات المياه الكثيرة المستخدمة في عمليات التبريد، وهنا يجب ملاحظة أن عمليات توليد الكهرباء بما فيها تلك المصاحبة لعمليات تحلية المياه المالحة تعتبر المسؤول الرئيسي عن التلوث الحراري عالمياً، وبالرغم من صعوبة تقدير نصيب الصناعة في التلوث الكلي للمياه إلا أنه يمكن تحديد عدة صناعات قليلة العدد تُعتبر مسؤولة عن الجزء الأكبر من التلوث الصناعي، فهناك ثلاث صناعات في الولاياتالمتحدةالأمريكية تعتبر هي مسؤولة عن 80 في المائة من التصريف الصناعي للملوثات في الماء، وهي صناعات الكيماويات الصناعية وكذلك المعادن الأولية والورق، ويوجد نقص ملحوظ في البيانات الخاصة بالنفايات الصناعية على المستوى العالمي، كما يصعب استخدام الموجود منها للمقارنة نظراً لتباين واختلاف تعريف النفايات في البلدان المختلفة، ومعظم البيانات الموجودة هي للدول الصناعية وعلى وجه العموم، فحيث توجد عمليات تعدين فإنما تشكل المصدر الأساسي للنفايات الصلبة، وبينما تكون النفايات الصناعية أقل في الكم من تلك الخاصة بالتعدين والزراعة فإنها أكثر من النفايات الحضرية وذلك إلى جانب الآثار البيئية للصناعة والتي يمكن إجمالها في أمور ثلاثة تتعلق باستنزاف وتغيير طبيعة قاعدة الموارد الطبيعية وذلك بغرض الحصول على المواد الأولية للصناعة وإطلاق ملوثات البيئة في صورة انبعاثات غازية ونفايات سائلة وصلبة ووفرة في منتجات مصنعة جديدة تحل محل منتجات تقليدية أكثر مواءمة للبيئة، فثمة آثار اجتماعية للصناعة من أهمها ما يتعلق باستنزاف الموارد الطبيعية وتأثيره على زيادة وتكثيف ظاهرة الفقر وخاصة في البلدان الأقل نمواً وذلك مثل عمليات قطع الغابات والأشجار وما يتبعها من تعرية للتربة وتصحر للأرض وغير ذلك، ومصاحبة ظاهرة التحضر والاكتظاظ السكاني بالمدن الكبيرة لتطوير عملية التصنيع حيث يتركز السكان وبسرعة في المناطق الحضرية التي تحوي معظم النشاطات الصناعية ويساهم في ذلك هجرة أهل الريف إلى المدينة وذلك بحثاً عن العمل، وغالباً ما تكون هذه المدن غير مستعدة وغير مخطط لها لاستقبالهم وتوفير الخدمات اللازمة لهم مما يتسبب في تدهور الخدمات الحضارية وبالتالي يؤدي ذلك إلى التسبب في تأثيرات سلبية على البيئة والصحة، وهناك منهجان تقنيان للاستجابة والتصدي للتلوث البيئي الناتج عن الصناعة وهو المنهج التقليدي والذي يحكمه منطق التجزؤ في التعامل مع الظاهرة بالاستجابة لكل مسألة على حدة عند ظهورها وعقب حدوثها وهي انبعاثات الغازات والنفايات واستنزاف الموارد والمنهج التكاملي والذي تحكمه النظرة الشاملة إلى تتابع وتكامل المراحل المختلفة للعملية التصنيعية ذاتها ودورة حياة المنتج الصناعي نفسه وهو ما يسمى بمفهوم المهد إلى اللحد، وبالنسبة للدول الصناعية فقد بدأت معظمها في تبني واتباع هذا المنهج الأخير وهذا بدوره لا يقلل من أهمية استمرار اتباع المنهج الأول أو اتباع مزيج من المنهجين التجزؤ ومعالجة الأثر البيئي عقب ظهوره وحدوثه في التعامل مع الانبعاثات والنفايات عن طريق استعمال المرشحات أو المداخن العالية للانبعاثات الغازية مثلاً وتصريف الوسائل بعد معالجتها بطريقة أو أخرى إلى مناسبات ومسافات مناسبة داخل البحار أو الأنهار سريعة الجريان ومعالجة النفايات الصلبة والتخلص منها من خلال تقنيات مختلفة إضافة إلى جمع المواد الثانوية أو المرتجعة أو المرفوضة في العمليات الإنتاجية وإعادة تدويرها في عمليات التصنيع نفسها، وإلى جانب الفوائد البيئية الناتجة عن عمليات التدوير والتي تتلخص في التوفير في استخدام المواد الأولية والمياه والطاقة فإن هناك أيضاً فوائد اقتصادية وإن المنهج التكاملي أو الشامل في التصدي للآثار البيئية السلبية للصناعة يؤكد عملية إنتاجية نظيفة ومنتجًا نظيفًا وتلافي إحداث وإنتاج التلوث أساساً وترشيد استعمال المواد الأولية وتحسين كفاءة عمليات التصنيع وتطويرها لمقابلة هذه الأهداف وهو ما يتضمن إعادة هيكلة لعمليات التصنيع نفسها وتطويرها.