تعتبر جريمة الاتجار بالبشر واحدة من الجرائم الناتجة عن اتساع دائرة الهجرة المشروعة وغير المشروعة، وكلنا يعلم أن الهجرة بصورة عامة هي ظاهرة اجتماعية رهينة بأبعاد اقتصادية واجتماعية وسياسية وأمنية ولها آثار سلبية وأخرى إيجابية، ولكن الهجرة غير المشروعة هي الأخطر وقد أعيت في مكافحتها معظم دول العالم بلا استثناء وبخاصة دول الاتحاد الأوربي ودول الخليج العربي وبذلك انقسم العالم إلى دول مصدرة للهجرة مباشرة ودول عبور ودول مقصد ويصنف السودان بحكم موقعه الجغرافي في قائمة دول العبور لأنه يتوسط القارة الإفريقية ويمتلك امتداداً جغرافياً حتى شواطئ البحر الأحمر باتجاه الشرق وشمالاً حتى حدودنا مع دولتي مصر وليبيا. ولقد وجدت ومن خلال تصفحي لإحصائيات اللاجئين المعتمدة لدى معتمدية شؤون اللاجئين أن أكثر الولايات المتأثرة باللجوء هي ولايات الشرق الثلاث وهي كسلا والقضارف والبحر الأحمر وقد وضعت بهذا الترتيب في أول قائمة الولايات المتأثرة باللجوء وآثاره السلبية والمتمثلة في التأثير على المبادئ والقيم الفاضلة بجانب ظهور أنماط جديدة من الجرائم مثل الاتجار بالبشر وتجارة السلاح وغسيل الأموال وتجارة المخدرات وجرائم الإرهاب بجانب سهولة استخدام الأجانب في الأنشطة الاستخبارية وأعمال التجسس وهناك مخاطر أخرى مثل انتقال الأمراض الوبائية مثل الأيدز وإلتهاب الكبد الوبائي والحمى الصفراء. إذن ولايات الشرق والتي وضعتها إحصائيات معتمدية شؤون اللاجئين في قائمة الدول المتأثرة باللجوء بحاجة إلى عمل مشترك وبدعم من الحكومة الاتحادية أو لدقة المجلس الأعلى لشؤون الهجرة والذي يُعَد جهة تنسيقية للجهات ذات الصلة بالوجود الأجنبي ويترأس هذا المجلس النائب الأول لرئيس الجمهورية ويضم المجلس في عضويته وزراء الداخلية والخارجية والعدل والصحة والعمل والاستثمار ومدير عام جهاز الأمن والمخابرات وجهاز تنظيم شؤون السودانيين بالخارج، ونحن إذ نقول هذا نحسب أن هذا العمل سوف يعود بالكثير من الفوائد لمجتمعات الشرق التي عانت أيما معاناة من الهجرة غير المشروعة كما أن طاقة وإمكانات الحكومات الولائية لا تستطيع وحدها مجابهة هذا الأمر الخطير ولكنها بعون من المجلس الأعلى لشؤون الهجرة تستطيع أن تنجز الكثير وذلك باستقطاب الإدارات الأهلية للقبائل التي توجد على الشريط الحدودي بين السودان ودولتي إثيوبيا وإريتريا وهنا يمكن أن تنهض هذه الإدارات الأهلية بما لديها من تأثير على مجتمعاتها وذلك بتبصير قواعد هذه الإدارات الأهلية بالمخاطر التي يتعرضون لها في حالة المخالفة للقوانين واللوائح وما يتعرضون له من عقوبات إن هم خالفوا هذه القوانين وقاموا بإيواء الأجنبي أو تشغيله، ويمكن للإدارة الأهلية كذلك الإسهام في التبصير بالمخاطر الاجتماعية والاقتصادية والصحية والأمنية التي تنتج من ظاهرة الوجود الأجنبي غير المشروع وهنا تستطيع الحكومات الولائية سن قوانين ولائية تلزم بها الوزارات والهيئات الحكومية والمؤسسات والشركات العاملة في النطاق الولائي بعدم تشغيل الأجانب المخالفين لقوانين الهجرة أو التعامل معهم أو تقديم الخدمات لهم دون التأكد من سلامة إجراءاتهم الهجرية. هذه مقترحات محددة ولكنها مدخل مهم لبحث مساهمة الولايات الشرقية في التدفقات المتزايدة للاجئين والمهاجرين غير الشرعيين وهي كذلك محاولة لإغلاق ملفات مثل جريمة الاتجار بالبشر والتي تم تصنيفها أخيراً في قائمة الجرائم الدولية العابرة والمهددة للسلام والأمن الدوليين!.