من المسؤول عن إخفاقات شركة الصمغ العربي مجلس الإدارة أم الإدارة التنفيذية..؟؟ إن محاولات البحث عن إجابة لهذا السؤال أملته ضرورة لفك طلاسم الخبر الغريب والمُعيب الذي نشرته الصحف الأسبوع المنصرم تحت عنوان: «الفساد يطيح بمجلس إدارة الصمغ العربي» هذا العنوان غريب في تركيبته وفيه تضليل للرأي العام صوَّر مجلس الإدارة بأنه الفاسد وليس أنه أي المجلس قد غطى أو تساهل مع مفسدين من أعضاء الإدارة التنفيذية «كبار الموظفين» وهم موقوفون الآن، وذلك أشبه بكلمة حق أريد بها باطل. إذن نعود إلى نص الخبر فهو يقول: إن كبار المساهمين في شركة الصمغ العربي قد أطاحوا في اجتماع طارئ فوق العادة بمجلس الإدارة وانتخبوا مجلساً جديداً الخبر كشفه للإعلام عضو مجلس الإدارة الجديد إبراهيم حسن عبد القيوم الذي قال إن الخطوة تمت بالتنسيق مع الحكومة ممثلة في المالية والمستشار القانوني للوزارة وبإشراف المسجل التجاري وسوق الخرطوم للأوراق المالية، وبنصاب قانوني يفوق ال «66%».. لاجتماع اتخذ قراراً بإقالة مجلس الإدارة وانتخاب مجلس إدارة جديد وتعديل بعض المواد في النظام الأساسي وأرجع المجتمعون الخطوة إلى استمرار تدهور أوضاع الشركة وحدوث تجاوزات مالية، وإدارية يجري التحري حولها في المحاكم من خلال ما ذكر يتضح أن خطوة الاجتماع الطارئ جاءت مرتبكة ويختفى خلفها شيء ما، وإلاّ لماذا لا يتم اجتماع طارئ لمجلس الإدارة الموقر إبّان الفساد الواضح في هذه الشركة وأموال الدولة الضائعة خلال الأعوام (2003 - 2004) ووقتها كان المجلس غير متابع أو متواطئ، واستمر الأمر في سوئه حتى جاء السيد منصور خالد بكل خبرته وتجاربه رئيساً لمجلس الإدارة وقد أتم الناقصة، وكانت أزمة شركة الصمغ العربي مع كبرى الشركات المختصة وهي شركة نيفاشا التي وفق إحصاءات وتحقيقات مكتب المحامي إبراهيم خليل بلغت جملة الاختلاسات لشركة نيفاشا مائتي مليار وللمصلحة العامة وفائدة التوثيق أن رئيس مجلس إدارة الشركة في 2004م كان هو وزير التجارة وقتها السيد عبد الحميد موسى كاشا، ثم خلفه منصور خالد من (2006 حتى 2011م). وأن مديونية الشركة بلغت (290) ملياراً وفي رواية (279) ملياراً وهو رقم مختلف حوله القضية في رمتها يتكشف منها صراع يحمل عدة أوجه حيث أن وجهه الأول يهدف إلى تدمير شجرة الهشاب التي هي رافد رئيس للاقتصاد الوطني من خلال السلعة الإستراتيجية (الصمغ العربي) الذي يتميز به السودان دون غيره من دول العالم، وهذه الخطوة لم تكتمل إلاّ من خلال اختطاف مجلس الإدارة وإبعاد المنتجين الأساسيين للسلطة وذلك لخلق غبن وسطهم ويتخلون بسببه عن الإنتاج والاهتمام بهذه الشجرة التي تنبت في مناطق الحروب، وفيها مخاطر كبيرة للظروف التي تعيشها في أمنها وضعف التنمية والخدمات ووعورة الطرق مع كل ذلك تجد هؤلاء المنتجين يوجدون في غاباتهم برغم قسوة الظروف، ومن هذا المنطلق أكرموا بأربعة ممثلين لهم في مجلس الإدارة وفق نص المادة (46/أ) من النظام الأساسي للشركة والذي ينص على أن يتم تشكيل مجلس الإدارة على النحو التالي: 3 أعضاء يمثلون الدولة يتم ترشيحهم بواسطة الوزير المختص، ثم «4» أعضاء يمثلون منتجي الصمغ العربي يتم ترشيحهم بواسطة اتحادات المنتجين المساهمة في رأس مال الشركة، وهؤلاء يمثلون الولايات المنتجة وفق التصنيف التالي: (ولايات دارفور وولايات كردفان وولايات النيل الأبيض وسنار والقضارف)، أما بقية أعضاء مجلس الإدارة تنتخبهم الجمعية العمومية غير أنني أخشى أن يكون المقصود إذا لم يكن قد تم بالفعل بعملية تعديل النظام الأساسي قصدوا إبعاد المنتجين وتغييبهم تحت غطاء إشراف الحكومة، وذلك لمزيد من التضليل و التغبيش..!! القضية الأساسية ليست في تعديل النظام الأساسي لمجرد تقليص تمثيل المنتجين من 4 ممثلين إلى 1 وإنما الضرورة الآن في أن يمارس مجلس الإدارة دوره لمراجعة أداء الشركة ومراجعات حساباتها، والعمل على تقييم ما تمتلكه من مقومات ب 300 مليار جنيه وهي مهددة اليوم بأن تلحق بانهيار الشركة وإذا تم تقييمها بشكل سليم قد تحل كل مشكلات الشركة وتقيل عثرتها بدلاً من كل هذه الضجة والمعركة بلا معترك. المطلوب من مجلس الإدارة أن يضغط في اتجاه القبض على الذين نهبوا الشركة وهربوا إلى خارج البلاد إن مجلس الإدارة عليه التحقيق بشكل نزيه حول القائمة التي فندت فساد الشركة وضمت أسماء الشخصيات والشركات الذين سطوا على المال العام بدلاً من تحريك الدنيا لتعديل النظام الأساسي، وللعلم أن النظام الأساسي لشركة الصمغ العربي قد وضعه المحامي القدير المرحوم محمد يوسف محمد مستنداً على قانون الشركات لسنة 1925م وهو نظام أساسي محترم وفق شهادات أهل القانون وحدد شركة الصمغ العربي أنها شركة مساهمة عامة ذات مسؤولية محددة وأن مجلس إدارتها يتكون بالطريقة التي ذكرت سالفاً وليس على نظام الأسهم، كما ورد في خبر الاجتماع الطارئ الذي يتوقع أن تدخل شخصيات مجلس الإدارة لا يفرقون بين صمغ الهشاب وصمغ الطلح، ولا يعرفون حتى مناطق إنتاج الصمغ العربي في ولايات السودان. أخيراً أتوقع فتنة كبرى إذا تم إسقاط عضوية ممثلي المنتجين في مجلس إدارة شركة الصمغ العربي بذلك السيناريو الذي أُعد!!