تعتبر تجربة التمويل الاصغر في السودان من التجارب التي لم يشهد لها بالنجاح المطلوب وذلك لمحدوديتها بجانب انها لم تشكل مصدر تمويل بشكل يذكر، ومن المعلوم أن الأعمال والمشروعات الصغيرة فى السودان تواجه عقبات كثيرة أهمها ضعف المقدرة الفنية والإدارية مع عدم توفر التمويل المناسب بالصيغ المناسبة وعدم الدعم المؤسسي والقانوني لحماية هذه المشروعات بالإضافة إلى ضعف البنية التحتية خاصة في المناطق الريفية. هذا فضلا عن إهمال هذا القطاع في السياسات الاقتصادية والتنموية الكلية بالبلاد. بجانب ذلك عدم وجود قاعدة معلوماتية عن هذه المنشآت والمشروعات مما ترتب عليه عدم وجود خطه علمية مدروسة للتصدي لتنمية هذا القطاع، والدليل على ذلك ارتفاع معدلات الفقر في السودان رغم الجهود المبذولة على الرغم من تأكيدات بنك السودان المركزي اهتمامه بمحور التمويل الأصغر من أجل المساهمة في دفع عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية وذلك من خلال زيادة إسهام التمويل الأصغر في الناتج المحلي الإجمالي، وتحقيق العدالة الاجتماعية عبر التخفيف من حدة الفقر وتوفير فرص التوظيف الذاتي والعمل الحر المستدام، ووجه في الآونة الاخيرة البنوك بالاستمرار في سياسة توظيف نسبة ال 12% من المحفظة التمويلية الإجمالية لكل مصرف للتمويل الأصغر والمتناهي الصغر والتمويل ذي البعد الاجتماعي، إلا أن تلك التوجيهات قد وجدت بعض العزوف من بعض البنوك خاصة التجارية لضعف الاقتناع بالمشروع حيث اوضحت مؤسسة التنمية الاجتماعية عن تدني نسبة بعض المشروعات كالزراعية والتي لم تتجاوز ال 03% من جملة المشروعات للعام 2013 وعزت ذلك لارتفاع تكلفة المشاريع وكشفت عن وجود معوقات تواجه سير العمل على رأسها تعثر انسياب التمويل من المصارف التجارية، حيث ارتفعت نسبة المحتاجين إلى مليون ومائة من الفقراء للخدمة من جملة الفقراء بالولاية البالغ عددهم مليون ونصف. ويرى المراقبون أن مسألة التمويل الاصغر هى مسؤولية الدولة تتطلب المتابعة الدقيقة وتكوين جسم واحد واوضح الخبير الاقتصادي حسين القوني في حديثه (للانتباهة) أن عزوف البنوك التجارية عن مسألة التمويل الاصغر لاتباعها الاسس التجارية، مبيناً أن التمويل الاصغر لا يفترض فيه الربح مشيرا إلى أن الوضع يتطلب خلق الوعي المصرفي في نشر ثقافة الادخار باعتبارها نشاطا اقتصاديا حتى تكون قاعدة لتمويل ونشاط البنوك مبينا أنه في الظروف الحالية فان البنوك تبحث عن الربح وتتهرب من التمويل الاصغر مرجعاً الأسباب لغياب المتابعة والتي تؤدي إلى فشلها في النهاية مما تؤدي لدخول العملاء السجون واضاف القوني أن الحل يكمن في دعم بنك الادخار والتنمية الاجتماعية باعتباره اول بنك للتنمية الاجتماعية بجانب تجميع مؤسسات التمويل الحكومية في جسم واحد تتولى شؤون وسياسات واحصائيات التمويل الاجتماعي في السودان ولفت إلى ان نسبة ال 12% من موارد البنوك لايحقق الغرض وانما المطلوب متابعة البنوك وتجميع ال 12% من كل بنك في محفظة خاصة تقوم بالتمويل المطلوب شريطة أن يكون لها جهاز اداري مقتدر يقوم بالتنفيذ والمتابعة الدقيقة واعداد دراسات الجدوى مع السعي في تجميع صغار المستثمرين في كيانات صغيرة. فيما ارجع الخبير أحمد مالك (للانتباهة) المشكلة لعدم وجود آلية بالبنوك للعمل في التمويل الاصغر مشيرا إلى أن البنوك التجارية ليس لديها الخبرة الكافية لافتا لضرورة توفر فرص التدريب ونوه من خطورة كثرة الضرائب المفروضة والتي ساهمت بدورها واشار لنجاح تجربة بنك فيصل الإسلامي باعتبارها من التجارب الناجحة ووصف القضية بانها قضية دولة تتطلب عمل دراسات لحل المشكلة فيما طالب الخبير المصرفي عبد الله الرمادي (للانتباهة) بضرورة معالجة المعوقات التي تعيق سير عمليات التمويل بعمل دراسات والاستفادة من تجربة دول شرق آسيا، لافتاً إلى امكانية حل المشكلة وارجع عزوف البنوك التجارية للتخوف من عدم استرداد تلك المبالغ مشيرا لضرورة توفر كافة عناصر النجاح باعتبارها من المشاريع الداعمة لمحاربة الفقر في السودان.