مصادر «الإنتباهة» الدبلوماسية تعتبر أن التفكير الإسرائيلى في مياه النيل بدأ عقب قيام مؤتمر الحركة الصهيونية عام 1897 فى مدينة بازل السويسرية عندما تحدث المشاركون عن تأمين مياه للدولة العبرية التى فكروا فى إقامتها، لذلك زار هرتزل مصر عام 1903 وبدأ مفاوضات مع الحكومة المصرية واللورد كرومر المندوب السامي البريطاني بشأن إعطاء الدولة المراد إنشاؤها حصة من مياه النيل من خلال قنوات وأنابيب يتم تمريرها تحت قناة السويس لرى صحراء النقب لتكون منطقة جذب للهجرة اليهودية، وقام هرتزل بإغراء الحكومة المصرية وقتها، إلا أن مصر وكرومر رفضتا العرض اليهودى وقتها، مما يدلل على أن المطامع الإسرائيلية فى مياه النيل مستمرة ولم تتوقف، خاصة أن تل أبيب تعتبر أحد الرابحين من تأجيج الصراع المسلح فى القارة الإفريقية بشكل عام، وفى اقليمجنوب كردفان ودارفور والنيل الازرق ومنطقة البحيرات معاً من خلال تسويق وبيع أسلحتها. ويؤكد الخبراء في تصريحاتهم ل«الإنتباهة» أن المواقف المتشددة من قبل الدول الإفريقية تجاه السودان ومصر في غير موضعها وغير متصلة باحتياجات التنمية في تلك البلدان، لكنها مواقف متصلة بالتحريض الإسرائيلي والوعود بتوفير مساعدات وإقامة خطط مدروسة لمشروعات تنموية وتمويلها، فضلاً عن التوجه الإفريقي الذي تقوده أوغندا ضد العروبة والموجه ضد السودان وإلى مصر بشكل مباشر، لافتاً إلى أن غياب الدور المصري الحالي بعد الثورة في إفريقيا كان دافعاً لتعزيز عامل التدخل الإسرائيلي المباشر في دول حوض النيل بحثاً عن مصالح إستراتيجية. ولكن يبدو أن مصر وهي الطرف الأساسي المعني بكل هذه التحركات لم تكن تتابع الموقف بجدية وبوضوح رؤية في ظل انشغالات داخلية وخارجية غير مركزة على المحور الأهم للأمن القومي المصري.. ولذلك حدث ما يشبه المفاجأة ولم تجد الصحف الرسمية مجالاً للتعليق أكثر من ترديد المقولات القديمة منذ الستينيات حول التأثر الإسرائيلي في وادي النيل كما لم تجد تلك الصحف ومعها الدبلوماسية المصرية على ما يظهر ما ترد به سوى ترديد الاكلشيهات والشعارات القائمة التي أصبحت في هذه الفترة تمثل المضمون الرئيسي والوحيد للأطروحات والمبادرات المصرية الرسمية تجاه العالم الخارجي والمتمثلة في الحديث السرف حول السلام والتسامح والحلول السلمية للنزاعات والتفاوض والتعاون الدولي ...الخ . ومن الواضح أن هذا المضمون للدبلوماسية المصرية قد تشكل ثم تبلور تحت تأثير الحملة والضغوط الغربية المتعلقة بما يسمى الحرب على الإرهاب لكنه استخدم الآن لمعالجة التطور الجديد الناشئ حول مياه النيل.. فمع الاستبعاد المعلن للأدوات العسكرية والسياسية لم يكن هناك من رد سوى الحديث حول التعاون الفني مع دول حوض وادي النيل للوصول إلى تسوية ترضي الكل حول التوزيع الأمثل للموارد المائية بما لا ينقص حصة مصر.. لكن هذا الرد من الجانب المصري كان يتجاهل تمامًا أن الطرح الجديد لقضية المياه من جانب مجموعة من الأطراف المتواطئة لم ينشأ بسبب أزمة أو مشكلة فنية بل نشأ كتعبير عن قيام كتلة سياسية لها أهداف وآفاق عدوانية تجاه الإسلام والعرب قامت بتشجيع ومباركة ودعم القوى الغربية وإسرائيل.. ومثل هذا الوضع يتطلب رد فعل مناسب وعلى مستوى مكافئ.