نشر بهذه الصحيفة يوم الأحد الأول من شهر رمضان 1435ه الموافق 29 يونيو 2014م تحقيقاً بعنوان : «في غفلة الرقيب.. التنصير يستغل حاجة فقراء الإسلام» .. وتشكر الصحيفة على العناية بهذا الجانب المهم والجدير بالاهتمام والمعالجة.. وما جاء في التحقيق يساعد في التذكير بالاهتمام بمعرفة أسباب التنصير وطرق العلاج، مع عدم الموافقة لما جاء في التحقيق في حديث البروفيسور حسن مكي بشأن حد الردة وهجومه الذي وجهه في ما يتعلق بقضية الفتاة المرتدة، ولست بصدد التعقيب عليه في هذا المقال، ولكن أقول قولاً موجزاً هنا أوجهه للبروفيسور حسن مكي أن قد تفاجأت بأنه ممن يتحدثون في قضية كهذه في ذات الوقت الذي قدّم فيه لأحد كتب القسيس المُنصِّر فليوثاوس فرج في كتابه «المسيحية بعيون المسلمين» وهو كتاب به أكاذيب كثيرة على الإسلام والقرآن والنبي محمد عليه الصلاة والسلام ومما جاء في تقديم البروفيسور حسن مكي للكتاب المذكور قوله: «وكما يقوم الإسلام على التوحيد فإن المسيحية تقوم على توحيد تثليثي«الأقانيم» في مقاربة لجعل الأقنوم أشبه بالصفات عند المسلمين أو أسمائه الحسنى» وعن مؤلف الكتاب قال: «وهو المسيحي عقيدة ومصيراً والمسلم ثقافة وتواصلاً واجتماعاً»!!! ولا تعليق. وقد رغبت أن أضيف لهذا التحقيق بعض الأسباب التي يستغلها المنصِّرون مع ذكر سبل العلاج فأقول: إن أسباب انتقال المسلم من دين الإسلام وارتداده عنه والدخول في النصرانية متنوعة، فبعضهم قد عاش في بيئة ينتشر فيها الجهل ويقل أو ينعدم فيها العلم إذ لم يتعلم أصول الإسلام ومبادئ العقيدة الإسلامية، وبالتالي فليس لديه من المعرفة ما يعرف به الباطل في العقيدة النصرانية، ومخالفتها للتوحيد الذي خلقه الله تعالى لأجله، وقد يكون بسبب الجهل بدين النصرانية الذي يجب أن يُعْلم أنه دين منسوخ بدين الإسلام، وأنه قد وقع فيه التحريف، فبعض من يقعون في شباك المنصرين من المسلمين لا يعلمون حقيقة ما عليه النصارى من إدعاء أن الله ثالث ثلاثة عندهم وأن عيسى ليس نبياً رسولاً مخلوقاً لله تعالى في زعمهم وإنما هو ابن الله إذ اتحد اللاهوت بالناسوت في اعتقاد النصارى، ولو عرف المسلم هذه العقيدة بتفصيلها عند النصارى وتأمل سورة الإخلاص فقط وقرأ قول الله تعالى: «لم يلد ولم يولد» لتبيّن له أن ما عليه النصارى يناقض القرآن ودين الإسلام وحقيقة التوحيد والإيمان، فبعض الذين ينُصَّرون يظنون في مراحلهم الأولى أن الانتساب للنصرانية جائز مع إسلامهم لأنهم لا يعلمون مناقضتها للإسلام. وهذا الجانب بحاجة إلى عناية بنشر أبرز الملحوظات والنقد العلمي لما عليه الديانة النصرانية. ويستغل بعض المُنصِّرين جهل بعض الناس وقلة علمهم في طرح بعض الشبهات للتشكيك في دين الإسلام لمحاولة تشويهه وتخطئته، وشبهات النصارى معلومة ومعروفة والمنصّرون يعرضون من الشبهات ما يناسب كل بيئة يعملون فيها. ومن الأسباب: الفقر، فهو عامل من عوامل التنصير، خاصة في بعض المناطق النائية والبعيدة التي تقل فيها الموارد المادية وينعدم فيها المعلمون الناصحون والدعاة المرشدون أو بعض الأحياء الطرفية في العاصمة وبعض المدن بالولايات، فيستجيب بعض جهال وفقراء المسلمين لدعوات المنصّرين المتكررة وإغراءاتهم المتنوعة ويقعون في فخاخهم ويبررون لأنفسهم بشدة الحاجة والعوز، وقد يبررون ذلك أيضاً بتقصير المسلمين تجاههم سواء كانت التقصير من الجهات الرسمية الحكومية أو من الأفراد. ولذلك فإنه يجب العناية بهذا الجانب وتخصيص الإنفاق على هؤلاء الشرائح وعناية المنظمات الخيرية بهم وسد حاجاتهم بقدر الإمكان. يضاف إلى ذلك عدم عناية مناهج التعليم والمقررات الدراسية بهذا الجانب، ففي جانب البناء تضعف المقررات في بناء المعتقد الصحيح بأدلة القرآن الكريم والسنة النبوية، وفي جانب الدفاع عن الدين وردِّ الشبهات لا تتناول المقررات هذه الجوانب بالصورة المطلوبة أو بأداء أقل ما يجب في مواجهة حملات التنصير المدعومة والمخطط لها من دول كبرى ويقوم بالدور أقوام يعيشون وسط مجتمعنا. ومن الحلول في ذلك: إعادة النظر في ما تتضمنه مقررات الدراسات الإسلامية في التعليم العام وما تتضمنه مقررات متطلبات الثقافة الإسلامية في الجامعات، والعناية بتدريس مادة الملل والنحل في المعاهد والكليات الشرعية وكليات التربية وإعداد المعلمين والمعلمات. ومن الأسباب: تضمن بعض المقررات ببعض المدارس العالمية على ما يخدم التنصير وهذا الجانب يحتاج مراجعة دقيقة لما تتضمنه المقررات الدراسية في المدارس العالمية وإعادة تقييم لها وتصحيح ما يوجد في بعض مقرراتها من أخطاء. ومن المعلوم أن التنصير يركز على الفئات الشبابية ممن يدرسون في الجامعات وغيرهم، وهذا يوجب أن يكون الخطاب الديني الموجه للشباب يناسب حالهم وينزل لمستوى فهمهم وما يشاهدونه ويقرأونه، وما تعرضه القنوات الفضائية وغيرها من وسائل الإعلام في برامجها بأسلوب مباشر تارة وغير مباشر تارات أخرى، ومناسبة الخطاب الديني لمواجهة مشكلة التنصير من المهمات، التي يجب العناية بها، كما يجب أن يُسمع للشباب ويعطون المجال لأية أسئلة تدور بفكرهم ويحرص على تشجيعهم لأن يسألوا عن الشبهات التي تمر بهم أو تعرض عليهم، فهذه ثغرة مهمة يجب تغطيتها والقيام بالواجب بشأنها. والمتتبع للطريقة التي وقع فيها بعض الناس في الفترة الحالية وبعد سهولة انتشار المعلومات عبر وسائل الإعلام المتنوعة في الارتداد عن الإسلام سواء بالإلحاد وإنكار وجود الرب الخالق جلّ وعلا أو بالدخول في الديانة النصرانية المحرّفة يجد أنهم قد عرضت عليهم شبهات عن دين الإسلام سواء في بعض أحكامه أو في بعض مصادره أو بإدعاء التناقض في بعض أحكامه ، وغير ذلك ، ولم يذهب أولئك المشوّش عليهم إلى علماء فقهاء أهل علم ودراية بالأحكام الشرعية ليعرضوا عليهم ما عرض عليهم وما حصل لهم به الشك في دينهم.. وبالتالي صدّقوا من غشوهم وخدعوهم ولبّسوا عليهم بعد تمكّن تلك الشبهات في قلوبهم، وقد أخبر النبي عليه الصلاة والسلام بقوله: «إنما شفاء العي السؤال».. فذلك علاج ناجع أن يسأل ليعرف الحق ويعلم أن ما عرض عليه هو من الباطل ليوجّهه العالم للصواب، ومن يطلع على بعض المشاركات في بعض مواقع ومنتديات الانترنت يدرك الخطورة في هذا الجانب، وفي بعض مناقشاتي لبعض الملحدين تبيّن لي بجلاء هذا الأمر ووجدتهم من أجهل الناس بالأحكام الشرعية بل بأبسط المعلومات وكان هذا الجهل عندهم من أسباب فتنتهم بتلك الشبهات.. ولذلك يجب أن يعتنى بهذه القضية وتعطى نصيبها من التخطيط المناسب ودراسة الأساليب الصحيحة التي يتم بها بعد توفيق الله تحصين المسلمين عموماً والشباب خصوصاً من هذه المخاطر التي تحيط بهم. إن مهمة الوالدين والأسرة أساسية في الحماية للأبناء من مخاطر التنصير وغيرهم الأخطار، وليست المسؤولية عليهم في توفير البيئة الدراسية ومصروفاتها.. وإنما في رعاية دينهم وأخلاقهم وتحصينهم من الشرور ومتابعتهم، وعلى من يرسلون أبناءهم وبناتهم من خارج السودان أو من ولاياته للدراسة الجامعية وسكن الداخليات مراجعة أنفسهم في هذا الخيار.. وليكن لنا في ما اشتهر من قصص اعتبار.