لعبت دولة قطر دوراً فاعلاً في قضية دارفور منذ اندلاع الأزمة في فبراير 2003م، وما زالت تواصل جهودها لإحلال السلام في إقليم دارفور إلى أن توجت تلك الجهود في التوصل إلى توقيع وثيقة الدوحة لسلام دارفور في 14 يوليو 2011، بين الحكومة السودانية وحركة التحرير والعدالة بقيادة رئيسها د. تيجاني سيسي التي ضمت أكثر من «14» فصيلاً مسلحاً، وفيما بعد التحقت حركة العدل والمساواة فصيل بخيت دبجو ومحمد بشر ضحية عام 2013م بالاتفاقية، واتسم الدور القطري في قضية دارفور بالفعالية والمرونة والانفتاح على كل مكونات المجتمع الدارفوري والسعي في الوصول إلى تسوية سياسية شاملة لأزمة دارفور، ويتضح ذلك في ما قامت به فعلياً من تحركات مكوكية لتجميع الحركات الدارفورية وتوحيدها وتسهيل دور الوساطة بفعالية وفتح منابر التفاوض دون شروط أو ضغوط. # قطر ترفض نقل مفاوضات دارفور إلى أديس بعد كل النجاحات والتحركات الدؤوبة لدولة قطر لإنجاح سلام دارفور من البديهي أن يكون هناك رفض للمقترح جملة وتفصيلاً، حيث نفت السلطة الإقليمية لدارفور أن تكون دولة قطر قد أبلغتها بتحفظها على نقل المفاوضات بين الحكومة والحركات المسلحة بدارفور من الدوحة إلى أديس أبابا. مؤكدة أن رئيس الوساطة الإفريقية أبلغ قطر بتفاوض في العاصمة الإثيوبية حول وقف العدائيات فقط. وأبلغ رئيس الوساطة الإفريقية ثامبو أمبيكي الحكومة باستئناف المفاوضات بينها ومتمردي الحركة الشعبية في 12 أكتوبر على أن يلي ذلك بدء التفاوض مع الحركات المسلحة بدارفور في 15 أكتوبر للتوصل إلى وقف عدائيات يمهد الطريق لحوار سوداني شامل. وأبدى مجلس السلم والأمن الإفريقي الجمعة الماضية دعمه الكامل لجهود منسقة يقودها أمبيكي لمعالجة القضايا الوطنية على نحو يحسن توظيف الحوار الوطني لإيجاد حل شامل ودائم للصراعات في السودان. و قال المتحدث باسم السلطة الإقليمية لدارفور عبد الكريم موسى في تعميم صحفي الثلاثاء، إن قطر أبلغت السلطة أن ما جاء على لسان المتحدث باسم البعثة المشتركة للاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة بدارفور يوناميد الإثنين المنصرم بشأن موافقة قطر على نقل ملف التفاوض مع الحركات المسلحة من الدوحة إلى أديس أبابا عارٍ من الصحة تماماً، وأضاف أن تحفظ الدوحة نابع من اعتبارها الممسكة والراعية لملف التفاوض بين الحكومة والحركات المسلحة. # حركات التمرد تصر على بديل للدوحة في الوقت نفسه أعلنت الحكومة تمسكها بمنبر الدوحة التفاوضي بذريعة أنه المنبر الوحيد لحل أزمة دارفور، بينما أعلنت الحركات المسلحة رفضها العودة إلى قطر مجدداً٭، قائلة إنها بصدد التشاور مع المجتمع الدولي لإيجاد بديل آخر، ونفى مكتب متابعة سلام دارفور صحة ما أوردته بعض الجهات الإعلاميّة بشأن الاتفاق على منبر جديد لمناقشة قضية دارفور في أديس أبابا. وأكد المكتب في بيان رسمي تلقت «الإنتباهة» نسخة منه، عدم الاتفاق على قيام مثل هذا المنبر وعدم الموافقة على الفكرة من حيث المبدأ، قائلاًَ إن الحكومة تتمسك بمنبر الدوحة منبراً نهائياً ووحيداً لإكمال عملية السلام في دارفور، وتولي قطر اهتماماً كبيراً للسودان باعتباره آخر معاقلها في المنطقة بعد سقوط حكم الإخوان في مصر. وبالتالي نجد الدوحة تسعى جاهدة إلى الحفاظ على نظام الحكم في السودان ذي الخلفية الإسلامية، ومحاولة توحيد قوى الإسلام السياسي في البلاد والدفع في اتجاه الحوار الوطني الذي ينتظم البلاد. بحسب المحلل السياسي الأستاذ عبد الله آدم خاطر في حديثه ل «الانتباهة» بالرغم أن قطر تصر على إبقاء الدوحة منبراً تفاوضياً، لكن يبدو أنه لم يعد يلقى ترحيباً من المعارضة المسلحة التي اتهمت الدولة المحتضنة له بغير الحيادية، ويشير خاطر إلى أن الاتفاق الذي تم في الدوحة في السابق حتى الآن لم يعالج القضايا الأساسية في الأزمة، معتبراً أنه لا تزال إفرازات الحرب موجودة ولم تتمّ محاسبة الجناة بعد، مبيناً وجود مشاورات بين الحركات والمجتمع الدولي لإيجاد بديل آخر لنقل التفاوض، فيما تم اقتراح بأن أديس أبابا من ضمن الخيارات المطروحة للمفاوضات القادمة، لكنه استدرك قائلاً إن الأمر لم يحسم بعد. من جانبه قال الفصيل بحركة العدل والمساواة غير الموقع آدم يعقوب نهار ل«الإنتباهة» إنّ منبر الدوحة لا يمكن أن يحقّق سلاماً في دارفور، مشيرا إلى أن الاتفاقيات المبرمة في العاصمة القطرية في السابق بين الحكومة وبعض المنشقين عن الحركات فشلت في تحقيق سلام في دارفور، واصفاً إياها بأنها مجرّد اتفاقيات صورية لا قيمة لها، وأكد أن قطر لا تصلح كوسيط لأنها غير محايدة وتعمل فقط على إبقاء النظام الحالي فى الحكم بأيّ ثمن على حساب الشعب السوداني، وحذّر من أنّه لا بد من البحث عن منبر ووسيط جديدين لحلّ الأزمة عبر التفاوض أو استمرار الحرب كما هي عليه الآن. وكانت الحكومة القطرية قد فشلت في مساعيها لحل أزمة دارفور بعد رفض حركات دارفور الرئيسة وهي حركة تحرير السودان وحركة العدل والمساواة الانضمام لجولات التفاوض في الدوحة. # فرص البقاء و النجاح توحي القراءة الأولية لفرص المبادرة القطرية في الاستمرار بأنها ستكون فرصة جيدة على أساس أن كل المبادرات التي طرحت حتى اللحظة كانت تفتقد للدعم العربي والدولي، لكن المبادرة القطرية عكس ذلك فهي تحظى بالدعم الإقليمي والدولي باعتبار أن أطرافها محايدون ولا علاقة لهم بالصراع الدائر في دارفور، كما أن ارتباط الحركات المسلحة الدارفورية بأجندات خارجية يجعل من الدعم الغربي خاصة الفرنسي والأمريكي للمبادرة أحد عوامل نجاحها، والدليل على ذلك التراجع الجزئي للحركات المسلحة التي سبق أن أعلنت مواقف مبدئية رافضة للمبادرة عن مواقفها، حيث كشف الوسيط الدولي المشترك للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي لدارفور جبريل باسولي عن تراجع زعيم حركة تحرير السودان عن موقفه الأولي برفض المبادرة القطرية، مشيراً إلى أن المبادرة القطرية قد تقود إلى حل نهائي لقضية دارفور، وتراجعت حركة العدل والمساواة أقوى حركات التمرد في الإقليم عن موقفها الأولي برفض الوساطة إلا أن الدراسة التحليلية المتعمقة تشير إلى وجود بعض الصعوبات على استمرار الدوحة منبراً تفاوضياً لأن أهم شروط النجاح والاستمرارية تكمن في موافقة كل أطراف المشكلة عليها إضافة إلى قدرة الوسيط على التأثير في أطراف المشكلة.