(60 يوماً) ظللتها طريح الفراش.. راقد على ظهري ممدود الساق مستقيم (مجبص) لكسر في الركبة اليسرى.. أنا الذي كنت أعمل ومنذ الثمانينات يومياً ولا يراني السرير إلا بعد منتصف الليل.. إلا نادراً.. فجأة وجدتني رهين الفراش.. بعد المستشفى بالمنزل.. ظللت أفكر في نعمة الصحة والعافية.. الناس متحركة عادي.. ما شية وجاية.. داخلة ومارقة.. وللأسف لا تفكر في هذه النعمة.. (هبشة صغيرة) تمنعك من الحركة.. حمى خفيفة تجعلك عاجزاً حتى عن التفكير ،هذا إذا لم يأت الابتلاء أكبر في (الحبيبتين) أو في إحداهما حتى.. وسبحان الله القائل «إن تعدوا نعمة الله لا تحصوها». فمن منا بدأ يحصى.. ويحمد الله قبل أن يكتشف نعمة كانت خافية عليه تقعده وهو لها ناسٍ؟! صحافة هذا الزمان شهران ظللت فيهما أقرأ الصحف.. كل الصحف.. وأتابع القراءة بانتظام.. تعلمنا أن الصحافة هي السلطة الرابعة.. وهي حلقة الوصل بين الموطن وصوته الداوي للسلطة وللمسؤولين، إضافة لتوصيل المعلومات للعامة والبعيدين عن المصادر.. وفي آحايين كثيرة تكون رحلة البحث عن معلومة لإيصالها للناس محفوفة بمخاطر جسيمة قد تكلف الصحافي أو الإعلامي حياته أو تتسبب له في أذى جسيم.. لذا فقد سميت أيضاً ب «مهنة البحث عن المتاعب»، وقد بدأ لي جلياً أن الغالبية العظمى من صحافيي وصحافيات هذا الزمان لا يكلفون أنفسهم جهداً أو حركة أكثر من الجلوس أمام (الكي بورد) ومواقع التواصل الإلكترونية والفيس بوك.. وهاك يا نقل.. في إضافات أو حذف وتعديل في الصياغة.. وأحيانا (بي ضبانتها).. وللأسف أن بعض كتاب وكاتبات الأعمدة الراتبة يعمدون لمثل هذه الأمور.. والنقل من كتب ومقالات وبحوث ودراسات ليكتبوها في (أعمدة الرأي) وبأسمائهم وصورهم.. ولعل كتابة (العمود الراتب) من أكثر الأعمال الصحفية الصعبة، وعليها مسؤولية جسيمة وعلى مستوى العالم لا تتاح فرصة العمود الراتب لصحافي أو صحافية ما لم يقعد عشرات السنين في العمل الإعلامي والصحفي الشاق إضافة للثقافة العامة والإلمام والمتابعة بكل مجريات الأحداث مع التميز بالمفردة الخاصة والأسلوب الرشيق المقروء والمفهوم للغالبية العظمى من قراء الصحف.. صفوة.. ووسطية.. وعامة.. ولكننا في صحفنا نفاجأ بكتاب وكاتبات وبالقلم والصورة وفي الصفحات المتميزة وتفيض الدهشة.. والعجب والسؤال.. هل تقرأ إدارات التحرير ورؤساء التحرير هذه الأعمدة قبل التوجيه بالنشر؟؟ أم هنالك معايير متروكة للناشر أو رئيس التحرير.. وهل لمجلس الصحافة والمطبوعات دور في اختيار الكاتب الصحفي الراتب أم أن الأمر متروك للناشر أو إدارة الصحيفة مثلما نرى هذه الأيام من كتابات (فطيرة) و(منقولة) و(مكررة).. وقصائد شعر.. وأشياء غير مفهومة إلا لكاتبها أو كاتبتها.. ولا تهم القارئ كثيراً ولا قليلاً.. وبعض الكتاب يتأكد لك بأن ما يوردونه من معلومات أو أرقام وتفاصيل (يستحيل) أن يكون تحصل عليها بجهده أو اجتهاده.. والشاطر يفسر. عدد قليل من الكتاب الصحافيين المتمرسين يمثلون أهلهم وشعبهم ووطنهم.. ولا أقول أحزابهم ولا عصبياتهم فيجبرون القارئ على متابعة ما يكتبون من قضايا في مختلف المجالات، بعيداً عن الإسفاف والتكلف واختيار المفردات الرنانة والمستحدثة أخيراً.