تحتمل عملية الانتخابات التأجيل أوالاجراء حسب الموعد المحدد لها أبريل 2015، وبالرغم من اصرار الحزب الحاكم على اجرائها في ذلك الموعد، الا ان ثمة اصرار اخر من قبل المكونات السياسية الاخرى بالمطالبة بالتأجيل إلى حين تشكيل حكومة قومية تشرف على تعديل الدستور والقوانين، وبين هذين الاحتمالين يبدو ان تعقيدات كثيرة تجعل الاحتمال الاول هو الاقرب من الانتخابات بحسب المؤشرات التي تشهدها الساحة السياسية، ومع كل ذلك تمضي مفوضية الانتخابات في اهتمام بالغ في تنفيذ اجراءات الانتخابات وفقاً للخطة المعلنة مسبقاً والتي بدأت بنشر السجل الانتخابي، ما جعل القوى السياسية توجه كامل عضويتها بالتسجيل في الخطوة الاولى من اجراء الانتخابات، وما بين احتمال امكانية التأجيل واجراء الانتخابات، يردد الحزب الحاكم انه لا يملك سلطة التأجيل نظراً لارتباطها بالدستور والقانون، وان الحزب الحاكم لا ليس لديه سلطة التأجيل، في الوقت الذي تنفي فيه المفوضية المنوط بها العملية بأكملها انها ليست الجهة المعنية بذلك، وانها جهة مستقلة عليها تنفيذ المطالبة ان كانت هنالك جهة طلبت التأجيل، وما بين عدم وضوح رؤية الموقف يظل السؤال قائماً من الذي يقرر تأجيل الانتخابات؟ معلوم أن إنفاذ الدساتير تقوم به الحكومات القائمة سواء كانت هذه الدساتير دائمة او انتقالية، وبالتالي يمكن ان يكون الحزب الحاكم مع مجموعة اخرى هم الذين يحكومون انفاذ الدستور وبما ان تحديد الانتخابات تم من خلال الدستور الانتقالي فإن مسؤولية تحديدها تظل مباشرة للحكومة، وبما ان الحكومة في الوقت الراهن هي حكومة المؤتمر الوطني وهو حزب اغلبية واستهل حواراً مع المكونات السياسية الاخرى، واذا انتهى الحوار بضرورة تأجيل الانتخابات او ضرورة قيامها في موعدها ففي هذه الحال يكون حزب المؤتمر الوطني هو المسؤول عن ابلاغ حكومته بما توصل اليه مع الاحزاب السياسية حول الانتخابات، ان يكن قيامها في موعدها او تأجيلها. إذاً الامر كله يعتمد على الحراك السياسي الذي يجمع كل مكونات الطيف السياسي، ومن هنا يوجد احتمالان أيضاً للحزب الحاكم والاحزاب السياسية، ففي حال استشعر الحزب الحاكم ان ثمة ضرورات وطنية تفرضها طاولات التفاوض الماثلة قد يقود الامر الى الاستئناس بهذا التفاؤل نحو وفاق وطني عريض، ومن خلال هذه الاتجاه يمكن ان نتوقع مرونة من قبل الحزب الحاكم تجاه موعد الانتخابات، اما في حال استيأس الحزب الحاكم والحكومة من تعثر مسارات التفاوض الحالية وعدم جدواها، يمكن ان يمضي في اخر شوط حتى لا يحدث فراغ دستوري، ويمكن ان يستغل على المستوى النظري ضد الحزب الحاكم، ومن بين الارهاصات التي تدور في ان يكون احتمال تأجيل الانتخابات، وجود قوى سياسية ترغب في تجريم الحزب الحاكم اكثر من رغبتها في الوفاق الوطني أوالمصالح الوطنية العليا. وبرغم كل المؤشرات التي تبدو واضحة لتأجيل الانتخابات يؤكد نائب رئيس الجمهورية حسبو محمد عبدالرحمن، قيام الانتخابات في موعدها المقرر لها ابريل المقبل، وان المؤتمر الوطني لا يملك سلطة تأجيل العملية الانتخابية، وما يثير التساؤل من الذي يملك قرار التأجيل، طالما ان الحزب الحاكم ليس لديه سلطة التأجيل، ومع كل هذا الحراك الساخن بشأن تأجيل الانتخابات من قيامها تظل مفوضية الانتخابات في موقفها بأنها جهة مستقلة ليس من حقها عملية التأجيل وانما عليها تنفيذ ذلك ان كانت هنالك دواعي للتأجيل من قبل رئاسة الجمهورية، وقال رئيس المفوضية د. مختار الاصم في حديث مقتضب ل«الإنتباهة» رداً على سؤال إن وردت مطالبات بضرورة التأجيل من قبل اي جهة؟ قال وردت مطالبة بتأجيل الانتخابات غير انه تحفظ عن ذكر الجهات التي طالبت بالتأجيل. وكانت من قبل توقعات للأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي حسن عبد الله الترابي اطلقها بأن يفضي الحوار الوطني الذي دعا اليه الرئيس في يناير الماضي إلى تأجيل الانتخابات لعام آخر، حتى يؤذن لكل الاحزاب التي بلغت «90» حزباً أن تنتشر في البلاد لعرض نفسها على الشعب. غير ان محللين سياسيين رأوا إذا أجل المؤتمر الوطني الانتخابات دون اجماع وطني لكافة المكونات السياسية، جاءوا وقالوا ان حكم المؤتمر الوطني فاقد للشرعية وقائم على غيرها وانه انتهك الدستور، واذا قامت الانتخابات في موعدها عادوا مرة اخرى وقالوا ان الانتخابات لم تكن شرعية وغير ملائمة. وما بين هذا وذاك استبعد المحلل السياسي سيف الدين البشير في حديثه ل«الإنتباهة» ان يخضع الحزب الحاكم لهذه السيولة والمائية، ولذلك على القوى السياسية اختيار احد الخياريين، اما ان تمضي بكل جدية في طريق الوفاق الوطني العريض، ويضيف انه في هذه الحال مقدور على التعامل مع الانتخابات، او ان تثبت للحزب الحاكم انها تراوغ لكسب المزيد من الزمن.