كما أبدعها شاعرنا سيف الدين الدسوقي نرددها وركعتُ أقِّبلُ أم درمان هذى العاصمةُ الأنثى أهواها مذ كنتُ غراماً في عيني أمي وأبي وحملتُ الحبَّ معي بدمي.. في رحلة هذا العمرِ... وأحْمِلُهُ حتى ألقى ربي .. يحيي هذه الايام ابناء حي المكي بأم درمان الذكرى ال «127» لإنشاء حي السيد المكي بن الشيخ إسماعيل الولي، وهو من أعرق أحياء أم درمان، ويحتفي بها أبناؤه واحفاد السيد المكي، تعبيراً عن أصالة المكان وأهله، وترجمةً حيَّة لعشق المدن والارتباط بالمكان مهما مر به الزمان. ويتسلم راية العشق والولاء احفاد لم يشهدوا التاريخ والأحداث، لكنهم عرفوا ووعوا من الآباء الذين حرصوا على الذكرى.. يقول أحد أحفاد السيد المكي إنه يجزم قاطعاً أن حي السيد المكي إن كان في بلاد مصر أمنّها الله لجعلته وزارة السياحة المصرية معلماً سياحياً تُشَدُّ إليه الرحال على كل ضامرٍ، ولأبدلت كشك بسط الأمن الشامل الذي هو في منتصفه كشكاً يبتاع السياح منه التذاكر، ليعود ريعها نظير التجول فيه على أهل أم درمان بالخير، ولجعلت منازله القديمة آثاراً ترعاها كحال حي الحسين القديم بوسط القاهرة، ولأحالت ميدان الحديد مربطا لخيل السياح، يجولون بها أزقته على غرار سياح أهرامات الجيزة التي قُبر بها أحفاد نوبة دنقلا العجوز أسَّ الحضارة الفرعونية، وأحسب أن وزارة السياحة السودانية أحرى من أختها المصرية بهذا! رائع هذا العشق، وبذات القدر وبذات الإحساس بالأمكنة كل من يقظن أم درمان، في اي حي في امدرمان يحمل ذات العشق المسؤول تجاه منطقته، إذا كان من حى الأمراء أو حي الهاشماب، حي الموردة، حي الملازمين، ود نوباوى، حي أبو روف، حي القماير، حي العمدة، حي المكي، حي الشهداء، حي البوستة، حي العرب، حي المظاهر، حي المسالمة، حي الركابية وحي العباسية وحتى لا يتوقف الإحساس تجاه المدن علينا ألا نتجاهلها أو نهملها، وأبداً لا يكون عشق المدن إحساساً وكفى، بل هو عمل ومسؤولية ابناء المنطقة قبل الدولة.. إعماراً ونظافة وأمناً وخدمات.. وإذا كان احساسنا تجاه المدن يغذينا ويفجر طاقات ابداع رائع يملأنا حبوراً، لكنه لا يرمم شوارعها ولا يحفظ الأمن لساكنيها، ولا يجدد وينعش خدمات المنطقة، وما يفيد حقا أن نترجم العشق إنجازاً واقعاً .. ورفاهية إحساس وحياة. عذراً بلادي.. فإنا حملنا الحب في دمنا.. أم درمان.