رقية أبو شوك هذه هي الموازنة التي نريد!! شهران وبضعة أيام تفصلنا من موازنة العام 2015م التي نتمنى أن تأتي بعد أن يكون اقتصادنا قد تعافي تماماً من العلل.. العلل التي أقعدته شبه مشلول وذلك في ظل الظروف المعروفة للجميع التي على رأسها ضعف الصادرات غير البترولية، حيث كان من المفترض أن نكون دولة صادر من الدرجة الأولى ونحن دولة تتمتع بإمكانيات وموارد طبيعية هائلة. اقتصادنا لم يتعاف بعد، بل بدأ أو نتمنى أن يكون قد بدأ في التعافي.. وزير المالية "بدر الدين محمود" قال إن اقتصادنا بدأ في التعافي ونسأل الله أن تكتمل العافية.. واكتمال العافية هذا ذو ارتباط كبير بعدة أشياء من بينها كما قلت زيادة الصادرات المرتبطة هي الأخرى بزيادة الإنتاج من المحاصيل الإستراتيجية وليس المحاصيل الهامشية، أضف إلى ذلك تعافي الجنيه السوداني وانخفاض سعر الدولار. الآن الدولار يسير في اتجاه الانخفاض، ولكنه لم يكن بالصورة المطلوبة التي نتمنى أن يصلها حتى نشعر بانخفاضه نحن كمواطنين، لأن انخفاضه هذا سينعكس بصورة مباشرة على توفر السلع ذات الارتباط بالدولار كالأدوية مثلاً.. أيضاً انخفاض التضخم بصورة ملحوظة قد ينعكس على الأسعار وانخفاضها.. نعم، وكما يقول خبراء الإحصاء فإن انخفاض التضخم لا يعني ارتفاع الأسعار إلا أنه عندما ينخفض انخفاضاً كبيراً فإن هذا مؤشر عافية للاقتصاد، وبالتالي ينعكس على الأسعار، فالتضخم نفسه يحسب بعد القراءة المتعمقة للأسعار من خلال جولات الإحصاء على الأسواق ومعرفة أسعار كل المجموعات، حيث تمثل مجموعة الأغذية والسكن والعقارات والعلاج والنقل وغيرها من المجموعات أهم المؤشرات التي يقاس عليها.. وبما أن الأسعار مازالت مرتفعة فإن التضخم لن ينخفض بالصورة التي نتمناها.. السوق الآن عكس كل الإيجابيات التي نتحدث عنها، فهنالك ارتفاع في كل شيء حتى أن البعض أحجم عن الشراء حتى للضروريات من السلع.. فالضروريات والأولويات نفسها أصبحت تفند وتخرج منها أولويات أخرى. الموازنة القادمة نتمنى أن تأتي بمخرجات أقوى من التي نعرفها، وأن تكون هنالك رؤية واضحة لضبط السوق رغم سياسات التحرير، فالمواطن يريد ميزانية تخفف عنه الأعباء المعيشية، وما عدا ذلك لا أظن سيقف كثيرا على بقية بنودها. فميزانية (قفة الملاح) كما يقولون هي الميزانية الحقيقية للمواطن، وما دام هنالك ارتفاع في الأسعار فإن كل شيء سيسقط عند المواطن. نتمنى أن تكون موازنة 2015م بها إيرادات كثيرة جداً تنعكس على الوضع المعيشي، بمعنى زيادة المرتبات وتخصيص جزء من الإيرادات لخلق وظائف جديدة، لأن هنالك الكثيرون ممن يحملون الشهادات العليا في انتظار الوظائف.. نريد أن نذهب إلى المستشفى من أجل العلاج ونجد أن العلاج أصبح مجانياً.. نتمنى أن نذهب لشراء عقار ونجد أن سعره أقل بكثير مما نتوقع.. نريد موازنة تعلن المالية خلالها أن الإيرادات أكبر بكثير من الإنفاق وأنها خالية تماماً من العجز وأن جل الإيرادات تذهب للمواطن. هذه هي الموازنة التي نريد، وإلا ستكون عبئاً على المواطن.. وبالمناسبة وزير المالية في أول مؤتمر صحفي عقده عقب توليه المنصب والذي صادف إجازة الميزانية، قال: (لن نحمّل المواطن بل الدولة هي التي ستتحمل الأعباء).. نتمنى أن يتم ذلك وإن كانت الموازنة قاربت على نهايتها، وإن لم يكن فيما تبقى نتمنى أن يكون في القادمة.