(1) أسوأ ما في الاتفاقية الأخيرة أنها أفرزت طواغيت جدداً.. طواغيت يريدون تكميم الأفواه وحجر حرية التعبير.. كل من يدلي برأيه في هذه الاتفاقية (المضروبة) فهو (خارج عن الملة).. الاتفاقية عندهم (قرآن) منزل لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه!!.. إن كان "إدريس محمد عبدالقادر" رئيس وفد الحكومة المفاوض مع (الحريات الأربعين مع الجنوب وليس الحريات الأربع فقط)، كما ذكر لصحيفة السوداني، فنحن كمواطنين سودانيين من حقنا أيضاً أن نقول إننا ضد أي حرية لا (4) ولا حتى واحدة حتى يلج الجمل في سم الخياط أي حتى تؤدي الحركة الشعبية ما عليها من التزامات وهذا عندنا محل شك.. "إدريس" عمم قوله واتهم جهات لم يسمها بالسعي لإجهاض الاتفاق عبر إرسال رسائل للأئمة لاستغلال منابر (الجمعة) للتعبئة ضد الاتفاق؟!.. هل خطباء الجمعة وهم من قادة الرأي العام رضي "إدريس" أم أبى ينتظرون من يوعز إليهم بذاك الرأي أو غيره؟.. وما هذا الرّهاب الذي أصاب البعض من منابر الجمعة؟.. هل سنسمع بعد اليوم بالرقابة القبلية على خطب الجمعة مثلما تعاني الصحافة اليوم؟.. "إدريس" تلاعب بالألفاظ ورفض اعتبار الحدود وأبيي قضايا عالقة واعتبرهما (قضايا مستمرة ومتبقية)؟! فما هو الفرق بين (عالقة) و(مستمرة ومتبقية)؟.. هذا مجرد استهلاك سياسي ومحاولة للهروب والتعمية على الحقائق.. الغريب أن "إدريس" قال جازماً إن جوبا لم تختلف أبداً مع الخرطوم على شمالية أبيي!!.. طيب وين المشكلة؟ أظن أن المشكلة يا "إدريس" أن السودان يريد أن (يتخلص) من أبيي ويدفع بها إلى دولة جنوب السودان وهي ارفض وتتمنع؟!.. "إدريس" قال: (نحن نسعى للسلام فى كل مكان وزمان وفي كل جحر وزاوية)، ونحن نقول نحن أيضاً مع السلام ولكن فقط سلام الشجان وليس سلام الهرولة والوهن (فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ).. نقول للسيد "إدريس" إن الذين يرفضون الحريات الأربع ليس كما وصفتهم بذلك الوصف غير اللائق بأنهم (يعيشون خلف التاريخ والحاضر والماضي)، بل هم وطنيون حتى النخاع، أما الذين يجرون وراء سلام الهرولة والوهن هم متأثرون بزمن التصاغر والخنوع. (2) الاختلاف والتنازع عاقبته الفشل والخسران، وأن التعاون والوفاق سبباً للفوز والنجاح في الدنيا والآخرة؛ والمستبصر لتاريخ الأمم والشعوب لا يعجزه أن يقف على العديد من الأحداث والشواهد والمشاهد - وعلى المستويات كافة - التي تصدق ما أخبر به القرآن الكريم. وصدق الله إذ يقول: (واعتصموا بحبل الله جميعًا ولا تفرقوا) آل عمران:103.. من رحمة الله بنا أنه بيّن لنا أن قوتنا ووجودنا الحقيقي المؤثر في الواقع، إنما هو في عدم التنازع، فقال عز وجل: (ولاتنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين)، فالتنازع يؤدي إلى الفشل وهو ضد النجاح فلماذا يضيع الإنسان وقته وجهده في أمر مئاله إلى الفشل والضياع؟، كما يؤدي إلى الضعف والهوان، فالتنازع يؤدي إلى إنتاج مجتمع ضعيف هين لايقدر على شيء أينما توجهه لايات بخير، وهو بمثابة سرطان يسري داخل الجسم سرعان ما يذيبه و يهينه فيسهل الهوان عليه، وبالتالي فهو مجتمع لا يحقق غاية، ولا يرفع لمبدأ راية.. الله تعالى بين لنا كيف نتعامل مع التنازع إن وقع ونزل، فقال:(فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر) وبيّن سبحانه أن هذا هو خير وأحسن فقال: (ذلك خير وأحسن تأويلا).. لفظ (التنازع) ورد في القرآن الكريم في سبعة مواضع، وورد لفظ (الفشل) في أربعة مواضع، وجاء الربط بين اللفظين في ثلاثة مواضع.. والتنازع: التخالف والاختلاف والتخاصُمُ. والفشل: الوهن والإعياء والجبن وانحطاط القوة، مادية أو معنوي. آخر الكلام: عليك يا هذا أن تهتم بمستقبلك وتترك (الحفر) ومحاولة الاضرار بالعباد لأنك ستستنفذ وقتاً طويلا وجهداً مضنياً أولى بهما مستقبلك المهني وتصحيح ما علق بصورتك وسمعتك.