من أين أتى الشامتون؟! * من المؤلم جدا أن نرى ونسمع ونقرأ (الشماتة المتبادلة) بين بعض مشجعى الهلال والمريخ، ومن بينهم للأسف صحفيون وكتاب يعملون فى أوسع الصحف الرياضية انتشاراً، ولكنهم بدلا من انتهازهذه الفرصة النادرة فى كتابة ما يحمى المصلحة العامة ويطور الرياضة وينمى الحس الوطنى فى النفوس، إلا أنهم يهدرون الوقت والجهد فى المناكفات وافتعال المعارك والمهاترات وإزكاء روح الكراهية والبغضاء بين ابناء الوطن الواحد والمجتمع الرياضى الواحد، ويحولون الرياضة وكرة القدم من منافسة شريفة ولعبة محبوبة الى (فتنة) تزرع البغضاء فى قلوب الناس فنرى مواطنى البلد الواحد يسيئون لبعضهم البعض ويشمتون فى أندية وطنهم عندما تهزمها أندية الدول الأخرى، ويولم بعضهم الولائم إحتفاءً واحتفالاً بذلك، ويجاهرالبعض بالفرح الى درجة تثير فى النفس المرارة والسؤال ..(من أين أتى هؤلاء الشامتون؟!)!! * أعشق الهلال منذ نعومة أظفارى وأتمنى أن يفوز على المريخ كلما تقابلا على المستطيل الاخضر، ولكن أصابنى حزن عظيم وأنا أرى بعض جماهير الهلال تخرج فى مظاهرات فرح عقب هزيمة المريخ الاخيرة فى المنافسة الافريقية، وأصابنى الغم وأنا أقرأ الصحف الرياضية والمواقع الالكترونية فأجد الشماتة والسخرية بدلا عن المواساة وتطبيب الجروح ورفع الروح المعنوية وتوجيه النقد الذى يصلح، وهو نفس ما يحدث فى المناسبات التى يخسر فيها الهلال مع فريق من الخارج !! * هل هذه هى الرياضة التى نسعى إليها وهل هذه هى الروح الوطنية التى يجب أن نغرسها فى نفوس الاجيال المقبلة، وهل هذه هى الصحافة الرياضية التى تسهم فى تطوير الرياضة، وهل هؤلاء هم الصحفيون والكتاب الذين يصححون المسيرة ويثرون الساحة الرياضية بانتقاداتهم الموضوعية وكتاباتهم العميقة ومداعباتهم الرقيقة التى تعطى الرياضة والصحف الرياضية مذاقا جميلا ؟! * لا يمكن ان نرمى التهمة فى وجوه الجميع بالطبع، فهنالك جماهير واعية وصحفيون رياضيون يحملون هموم الرياضة فى قلوبهم وعلى أسنة أقلامهم، ولكنهم للأسف (منخفضو الصوت)، وكما يقول المثل الانجليزى .. (الصفائح الفارغة تحدث ضجيجا أكثر) وهو للأسف ما يحدث عندنا فى الرياضة بكل مجالاتها .. فالأكثر فراغا هم الاكثرضجيجا وجلبة والأكثر انتشارًا !! * مسكينة يا بلادى .. حتى الرياضة التى تؤلف القلوب وتريح النفوس وتزيح الهموم تحولت الى قنابل ومدافع وشتائم !! [email protected] جريدة السودانى، 20 أغسطس، 2009