أريد أن أحكي لكم اليوم حكاية جميلة، ربما قرأ بعضكم طرفا منها، وتتعلق بالسيدة الأمريكية لاز كويفاس التي شب حريق في بيتها في عام 1997، واستطاعت الهرب باثنين من أطفالها من الحريق، وعلى الرغم من ان فريق الإطفاء نجح في إخماد الحريق خلال عشر دقائق، فإن النار أتت تماما على الغرفة التي كانت ترقد فيها ابنتها دليمار فيرا البالغة من العمر 10 أيام فقط، وأبلغ الاطفائيون الأم ان النار قضت على الطفلة بحيث لم يبق من جسدها شيء، (لا تتعجل وتتساءل متشككا في قواي العقلية: وما الجميل في حكاية رضيعة ماتت حرقا؟)، وبعد ذلك بفترة طويلة كانت السيدة لاز في حفل بمناسبة ذكرى مولد أحد أطفال الحي، عندما وجدت نفسها تقترب من طفلة حلوة وتقول لها ان هناك لبانا (علكة) ملتصقة بشعرها، ثم ربتت على شعر الطفلة وانترعت منها اثنتين او ثلاثا، وهرولت الى مختبر جنائي، وبإجراء فحص الحمض النووي (دي ان إيه) على شعر الطفلة، اتضح بما لا يدع مجالا للشك أنها ابنة لاز كويفاس التي يفترض أنها ماتت حرقا ولم يبق من جسمها شيء حتى من الرماد لفحصه لأن عمرها كان 10 أيام فقط، وبالتالي كان طبيعيا ان تحترق حتى عظامها تماما. نعم كانت هي بالفعل ابنة لاز التي افترض الجميع انها ماتت حرقا في عام 1997، وعندما توجهت الشرطة الى بيت المرأة التي كانت تدعي انها ام الطفلة، كانت قد اختفت، فقد هربت تاركة وراءها ثلاثة من أطفالها (والله وحده يعلم ما إذا كانوا حقا أطفالها)،.. واكتشفت الأم والشرطة ان الحريق الذي شب في بيت لاز كويفاس في عام 1997 كان بفعل فاعل متعمد، وان من تسبب فيه هي جارتها كارولين كوريا التي زارتها في ذلك اليوم، وتسللت الى غرفة الطفلة الرضيعة، حيث تركت نافذتها مفتوحة، ثم تسللت الى البيت من الباب الخلفي وسرقت الطفلة ثم اشعلت النار في غرفتها لمحو آثار جريمتها، ثم كان ما كان من أمر ذلك الحفل وقيام لاز بنزع شعيرات من رأس الطفلة ولجوئها من بعد الى الشرطة وصولا الى استرداد ابنتها التي فارقتها وعمرها عشرة ايام، واستردتها وعمرها اكثر من ست سنوات!! تذكَّر ان شكل الطفل الرضيع يتغير من شهر الى آخر خلال سنته الأولى، وان الطفلة الرضيعة دليمار فيرا كانت قد كبرت بعيدا عن أمها وتغيرت جميع ملامحها عما كانت عليه يوم اختفائها وعمرها اقل من اسبوعين،.. ومع هذا فإن الأم الحقيقية أحست بشيء ما يقول لها: تلك ابنتي التي قالوا ان النار قضت عليها بالكامل،.. وتلك هي كيمياء الأمومة وسحرها العجيب.. وكل بنت في التحليل الأول والأخير \"مشروع أُم\"، وحتى اللواتي حرمتهن المقادير من الأمومة لسن محرومات من مشاعر الأمومة، ففي داخل كل امرأة سوية غدد وعروق تنبض بالحب والحنان. وفي بيتي أتولى ملاعبة عيالي وممارسة كل اشكال العبث الذي يدخل البهجة في نفوسهم، ولم يحدث ان واحدا من عيالي الأربعة جلس قرب امه في مائدة الطعام في سنوات عمره الأولى، بل كانوا يجلسون قربي لأتولى إطعامهم وتحويل المسألة الى لعب ومداعبة لاستدراجهم لتناول كميات كافية من الطعام، ورغم كل هذا فإنهم كانوا وما زالوا يهربون بعواطفهم واسرارهم وافراحهم واحزانهم الى أمهم،.. بالتأكيد لأنها مثل كل أم تملك اشياء داخلية غير مرئية لا أملكها أنا أو غيري من الرجال!! أليس هذا كافيا لإقناعك بالنظر الى أمك وأختك وزوجتك وجارتك وقريبتك ككائنات مميزة تملك طاقات هائلة للعطاء والحب والحنان؟ فلنعترف لهن بالتميز الاستثنائي. أخبار الخليج - زاوية غائمة [email protected]