(3.5معا ... لحماية أطباء بلادنا ..!! ** منتصف يوليو الفائت، بمحافظة سوهاج المصرية، وبأحد مشافيها المسمى بدار السلام، بدأ الحدث صغيرا ثم صار حدث وحديث كل أهل المحافظة.. دخل أحد الأطباء عنبر المرضى ليؤدي واجبه تجاه مرضاه، وأثناء ذلك تهجم عليه أحد المواطنين- وكان مرافقا لمريض- واعتدى عليه بالعنفين، اللفظي والجسدي .. فضوا الاشتباك بعد أن دونوا بلاغا ضد المواطن، ولكن لم ينته الحدث..بل تطور، حيث استقبلت وزارة الصحة أرتالا من الاستقالات، بلغت جملتها (75 استقالة)، وأصحابها هم كل زملاء الطبيب المعتدى عليه بذاك المستشفى، بمن فيهم مدير المستشفى الذي قال للصحف بكل شجاعة ووضوح ( لن نعود الى المستشفى، ما لم يعُد اليه الأمان).. وهكذا نال ذاك المواطن - الهمجي - سخط مجتمع سوهاج والرأي العام المصري، بجانب العقاب القانوني، ثم عاد الأمان والعمل الى مستشفى دار السلام.! ** ذاك ما حدث بمصر، وإليك ما يحدث بالسودان..خرج الطبيب عاصم أحمد بادي - يعمل بمستشفى الشرطة المسمى بالرباط الجامعي - مساء الأربعاء الفائت، ليتناول وجبة العشاء، وعند مخرج المستشفى وجد حرس المستشفى يمنعون طبيبة عن الدخول، فأخبرهم بأنها طبيبة وتعمل بهذا المستشفى ويجب أن تدخل لتؤدي واجبها.. فتركوا الطبيبة جانبا، وأنهالوا عليه ضربا - بدبشك البندقية - وسبا وشتما ولعنا.. وعندما تجمهر الناس، سحبوه بعيدا عنهم وأدخلوه في مكتبهم الخاص، ثم واصلوا (الركل والكف والشتم)، حتى جاء رئيس وحدته وأنقذه منهم.. بعد تلكؤ قليل في استخراج (أورنيك 9) لهذا الطبيب، وبعد تدخل رئيس وحدته سلموه الأورنيك، وأثبتت التحاليل والفحوصات آثار الاعتداء، وكتبت بعض الصحف تفاصيل ماحدث..ولكن الحدث ليس هو رد فعل زملاء عاصم، ولا رد فعل مدير عاصم، أي كما حدث بسوهاج، بل الحدث هو أن إدارة المستشفى غير راضية عن تناول الصحف لما حدث لهذا الطبيب.. وهنا يتجلى فرق التفكير، بحيث هناك - بإدارة مستشفى سوهاج - قناعة بأن للسلطة الرابعة والرأي العام دور في بسط الأمن بكل سوح الحياة، بما فيها سوح المشافي، ولكن هنا - بإدارة مستشفى الشرطة - لايزال الوسواس القهري تجاه الصحف والرأي العام يفرض ذاته في العقول، ولذلك تتوجس عقولهم وتسعى الى (دفن القضية) في رمال (التكتم عليها)..وهذا ليس بمدهش، إذ إدارة مستشفى الشرطة جزء من الإدارة العامة التي يتوجس عقلها من (الرأي العام).!!! ** فلندع مدير مستشفى الشرطة، فهو لن يأتي بفعل يشبه ما فعله مدير مستشفى دار السلام بسوهاج يوم الاعتداء على أحد العاملين معه، بحيث يقول لصحف الخرطوم (لن نعود الى مستشفى الشرطة، ما لم يعُد إليه الأمان)، ولم ولن يفعل.. وكذلك، فلندع زملاء عاصم بمستشفى الشرطة، فهم أهون حالا - وتضامنا - من أن يقدموا استقالة جماعية - كما فعل زملاء طبيب سوهاج - تعيد لمهنتهم كرامتها ولزميلهم مكانته ولهم هيبتهم، لم ولن يفعلوا ذلك .. ولذلك نسأل سادة اتحاد الأطباء والمجلس الطبي أسئلة من شاكلة: هل يرضيكم ما حدث لهذا الطبيب ؟.. وهل هذه هي الحادثة الأولى، أم أن الاعتداء على الأطباء - من قبل حرس المشافى والمرافقين للمرضى - صار شيئا مألوفا ؟..وما موقف صحفنا التي تثور وتملأ الأرض ضجيجا حين يرتكب طبيب أي خطأ طبي ؟، أي لماذا يكون غضبا في موقف كهذا، موزايا لغضبنا على الأخطاء الطبية؟، أم أن قدر الطبيب السوداني هو أن يكون دائما (المعتدى عليه)، مخطئا كان أو مصيبا ؟.. المهم، تضامنوا مع الطبيب عاصم بأقلامكم، فالتضامن معه هو بمثابة (إعادة الأمان الى مشافي البلاد)، رغم أنف هواة (باركوها ياجماعة) وعشاق منطق (نحن ما عاوزين الجرائد تكتب في الموضوع ده) .. فالعبث بحقوق الناس لا ينمو ويتكاثر إلا في (المناخ المظلم).!! إليكم - السوداني [email protected]