أسهل الأهداف بالنسبة الى اللصوص في لندن هم أولئك الذين «يستعرضون» عضلاتهم المالية ويتصرفون كأنهم يملكون ماكينات لطباعة الدولارات، وفي منطقة بايزووتر وكوينزواي في لندن، وهي المناطق العربية «المحررة» في العاصمة البريطانية، حيث يقضي السياح العرب معظم أوقاتهم في شرب الشيشة وأكل سندويتشات الشاورما توجد لافتات باللغة العربية تقول «هذه منطقة ينشط فيها النشالون واللصوص»... وأستعيد هنا حكاية سيدة من مدينة الدمام السعودية، خبأت مجوهرات تقدر قيمتها بمائة الف ريال داخل دجاجة مجمدة في فريزر الثلاجة.. وسافرت وكلفت أختها ب«تفقد» البيت خلال سفرها، وبكل وفاء وهمّة ظلت الأخت تزور بيت أختها المسافرة للاطمئنان على ان كل شيء فيه تمام التمام، ثم عادت السيدة المسافرة الى بيتها، وكان أول ما فكرت فيه هو الدجاجة الذهبية، وفتحت الفريزر ثم صرخت وترنحت: يا لهوي الدياية طارت.. وين الدياية؟ هنا هدأت الأخت التي كانت تشرف على البيت من روع أختها وقالت لها: أفا عليكي، شدعوه تصيحين على دياية؟ فشَّلتينا مسوية مأتم على دياية .. أنا أجيب لك بدل الواحدة عشرة.. ومطبوخة بعد.. أنا مسوية حسابكم في الأكل! ولكن السيدة واصلت الصراخ حزنا على الدجاجة المفقودة، وشيئا فشيئا هدأت وسألت أختها ماذا فعلت بالدجاجة اللي كانت في الفريزر؟ فقالت لها ان الكهرباء انقطعت وانها اكتشفت ان بالفريزر دجاجة نتنة الرائحة فقامت برميها خارج البيت في مقلب القمامة!! قبل عدة أيام؟ يعني مفيش أمل اننا نقلب برميل الزبالة في الشارع فوق تحت منشان نحصل المجوهرات؟ مفيش أمل يا ست، لأن جماعة البلدية ينقلون القمامة أولا بأول وبالتأكيد شالوا دجاجتك أمّ مجوهرات ورموها في المحرقة «لأن اللي ما يعرف الصقر يشويه»! ربنا يعوضك يا ست، فمصابك أليم، والحذر لا يمنع القدر، ولا أمل لك في تعويض الخسارة إلا برفع دعوى على جماعة الكهرباء، فلولا انقطاع التيار لما تعفنت الدجاجة، ولولا تعفّن الدجاجة بسبب انقطاع التيار لما ألقت الأخت بالمجوهرات في الزبالة. حدث أمر مماثل قبل نحو ثلاث سنوات مع سيدة سعودية تركت نحو 200 ألف ريال كاش في الفريزر وسافرت، وأثناء تفقد شقيقها لبيتها اكتشف ان انقطاع الكهرباء أدى الى تلف الطعام المخزون في الثلاجة بل والى إصابة الثلاجة نفسها بعطب تام فرمى الثلاجة بكاملها في الزبالة، وعادت أخته من الإجازة وكادت ان ترمي به في الزبالة، وأذكر انني في ذات منعطف تاريخي في حياتي، استلمت اكثر من مائتي جنيه كانت «فروقات» علاوات متأخرة، ولم أكن وقتها أثق بالبنوك، وفي البيت تلفتلا باحثا عن مكان أمين أخبئ فيه نقودي، واكتشفت ان البيت «على بعضه» ليس مكانا آمنا. وأخيرا خبأت النقود داخل حذاء قديم انتهى أمد صلاحيته، الى ان جاء يوم ولم أجد الحذاء.. فأصبحت أدخل وأخرج من غرف البيت كالمجنون، ولاحظت شقيقتي حالة الذهول التي كنت فيها وسألتني عما بي، فتوكلت على الله، وأخبرتها بحكاية النقود التي في البرطوش، فقالت: تديني كم لو لقيتها؟ عرضت عليها خمسة جنيهات فرفضت وظلت تساوم حتى حصلت على وعد ب30 جنيها، واتضح أنها عثرت على الحذاء فأخرجته من الغرفة ووضعته في صندوق كرتون توطئة لرميه في الزبالة من دون ان تعرف بأمر النقود.. وزعلت من نفسي لأنني لو اكتفيت بسؤالها عن الجزمة من دون أن أكلمها عن النقود التي بداخلها لما طارت مني 30 جنيها. جعفر عباس [email protected]