يحلو للحياة أن تُهديك أغلى أمنياتك ، عندما تنتهي صلاحية الأمنيات أو صلاحيتك ، ولا تعُد قادرًا على التمتّع بما انتظرته طويلاً . فتغدو هديّة الحياة ، قصاصاً آخر لكن مغلفاً بالكرم . قصة الكاتب الأرجنتيني الكبير خورخي لويس بورخيس ، دليل موجع على ذلك . كان الكاتب شغوفا بالكتب ، مولعاً بها ، حدّ تخيّله الفردوس على شكل مكتبة ضخمة . حلمه أن يعيش في عالم يُدار في كتاب ، الناس فيه سطور ، لكن لا تكتب بماء كما تصوّرها جبران ، بل من رمل ، كما عنوان كتابه " الرمل " الذي بوّأه تلك المكانة الرفيعة في عالم الأدب . بورخيس كان يرى أن قدر كل شيء أن يتسرّب من كتاب الحياة ، ينزلق من بين أصابعنا إلى العدم . لكنه ما توقّع أن يكون النظر أول ما يتسرب من عينه ويتركه كفيفاً . ليس هذا ما آلمه الأكثر ، بل أن يفقد بصره في السنة التي تمت فيها تسميته مديرا للمكتبة الوطنية لبيونس إيرس . هكذا ، سخرت منه الحياة ، وقهقهت كثيراً وهي تتركه محاطاً بآلاف الكتب ، التي ليس بمقدوره قراءتها . هل ثمة قصاص أكبر من أن تعطيك الحياة أغلى ماتمنيت ، عندما لا يكون بإمكانك الاستمتاع به ؟.[ يتبع... الكاتب : أحلام مستغانمي