*مفردة (سقد) - أي العقرب - كان أول ما ألفت أذناها ليلة وصولها حلفا قُبيل التهجير .. *فقد لُدغ من الجيران ثلاثةٌ - في تلكم الليلة - مات أحدهما قبل مطلع الفجر .. *وإذ شرد ذهنها نحو بلدتها بأقصى الجنوب النوبي - استصراخاً للأمان - طفق زوجها يهدئ من روعها بكل الذي أُستحفظه عن جده (شهوده القارح) من عبارات (التوكل) .. *وفضلاً عن أمان البلدة هذا - إزاء العقارب المميتة - فقد كانت تنعم بأمان (خاص) لم يُفطر (الأهلون) على حسدٍ تجاهه بما اُسترضعوا من ثدي (الحضارات) .. *فهي (إبنة) العمدة محمود ، (إبن) العمدة محمد محمود ، (حفيد) صاحب قلعة (قيلي قيلة) الشهيرة الملك بشير .. *ومن جهة الأم فهي (إبنة) روضة ، (إبنة) ساتي ، (إبن) فقير الذي قيل أنه - أي ساتي - ما من أحد في المنطقة كان يضاهي العمدة (ثراءً) في ذياك الزمان عداه .. *ورغم الذي حظيت به من (أفضال الإله) هذا إلا أنها طُبعت على (بساطة) اشتهرت بمثلها والدتها التي كانت معاناتها مع لغة (الضاد) تماثل معاناة أحفادها مع لغة (الأجداد) .. *وأحد أحفادها هؤلاء ما كان يتوجه بكلمة (يو) سوى للجدة روضة هذه عوضاً عن الأم .. *فقد كان يراها - حسب تقديره في السن تلك - (أصغر) من أن (يحسبها) أماً له .. *فهي كانت إبنة ستة عشر ربيعاً حين زُوجت لإبن أكرمين من البلدة (طموح) .. *وبفضل طموحه هذا - الزوج - أضحى مديراً لمصنعي البلح والتعليب بكريمة وهو لما يتجاوز عمر التكليف النبوي إلا قليلا .. *ونما مع نمو (بنت العمدة) هذه شعورها الفطري ب(البساطة) تجاه الناس حتى صار يُضرب المثل ب(خلو سجلها) الإجتماعي من أية عداوات (نسائية) تماماً كحال والدتها روضة ساتي .. *ثم لا تزال تستلهم من بلدتها (الصخرية) تلك - ذات القلعة (الحمراء) - قيماً مجتمعية اشتهر بها أهل (الخندق) أجمعون .. *فهي قيم استمدت (جمالها) من (جمال) تدرجها الحجري صوب أشجار اللبخ والجميز - عند شاطئ النيل - التي تقف شاهدة على (مؤانسات القهوة من عهد البشير) .. *أما أجواء (سقاة الكأس من عهد الرشيد) فقد عصم الله أبناءها منها - ومن (أخواتها)- مناً من تلقائه تجاهها هي وزوجها فيما نظن و(نشهد) .. *ورغم عدم إيمان كاتب هذه السطور ب(بدعة) عيد الأم إلا أنه وجد نفسه مدفوعاً إلى أن يكتب الذي كتب اليوم عله يشفع له (عندها) في دنيانا هذه .. *أما في آخرتنا ف(رحمة الله) وحدها هي التي يطمع فيها أمثالنا من الذين انتاشتهم (عجائب) زماننا هذا حتى كادت تجعل أفئدتهم - مثل جيوبهم - (خواء).. *(أمي) - بنت العمدة - : ( الله يسلمك) . بالمنطق - صلاح الدين عووضة صحيفة الصيحة