*ومن غرائب الجرائم - في زماننا الغريب هذا- أن شاباً قتل آخر بسبب (علكة!).. *فقد أرسل الجاني زميله إلى بقالة مجاورة لشراء (لبانة)- هفت إليها نفسه - فلم (يجدها).. *ثم عقب مشاجرة قصيرة بينهما لم (يجد) المجنى عليه روحه.. *فقد ظن الأول أن الثاني استأثر بها لنفسه؛ ربما.. *وفي زمان ما قبل الإنقاذ - حين كنا شباباً مثل هذين - كان مضغ العلكة من (كبائر) العيوب بالنسبة للرجل.. *بل وحتى للنساء كانت هنالك خطوط حمراء لا يتجاوزنها (حياءً).. *يعني لم تكن تجد إحداهن - إلا فيما ندر- تمضغ علكة خارج بيتها.. *وأذكر أن تلفزيوننا (الوحيد) - آنذاك - كان يبث إعلاناً لفتاة تمضغ علكة وهي تقول بغنج (أطَقا طَقا طق ، أطُقو طُقو طُق).. *فما كان من نميري إلا أن أصدر قراراً بوقف الإعلان المذكور بحجة أنه يحث على (الخيابة!).. *ومن عباراتنا الشعبية النسوية ذات الصلة بالعلكة (فلان ده لايوق زي اللبانة).. *وهي عبارة يُوصف بها - تحديداً - الشخص الذي ترفضه فتاة ف(يدوس على كرامته) ويصر على خطب ودها.. *أو الفتاة التي يرفضها رجل فتظل تدور حوله - بإلحاح - وهي تردد (الحب لا يعرف الكرامة!).. *وكذلك من الأنظمة الحاكمة من لا تعرف الكرامة وهي تصير (لايوقة مثل اللبان) حين تثور ضدها شعوبها.. *ونعني هنا الأنظمة الشمولية (القابضة!) - في عالمنا الثالث - على وجه الخصوص.. *فهي تتشبث بالسلطة حتى آخر رمق - أو آخر مضغة علكة - كما حصل في كل من مصر وليبيا وتونس واليمن.. *وكما يحدث في سوريا الآن - كذلك - الذي تجاوز نظامها (لواقة) العلكة إلى (الويكة!).. *وإذا كان هناك من قتل صديقه بسبب (لبانة) فإن الأنظمة التي لها خصائص (اللبان) تقتل الألوف من مواطنيها إن هم تذمروا من (طرقعة اللبان!).. *(طرقعة) علكة - لسنوات طوال - تتمثل في (طقطقة!) كلام إنشائي خلاصته (اجلسوا هادئين حتى نحكمكم بهدوء).. *فإن لم تفعلوا فليس أمامنا سوى أن (نُطقطق) عظامكم ونحن نترنم (أطَقَ طَقَ طَقْ!).. *وبعض رموز نظامنا الحاكم - الإنقاذ - تتبدى فيهم (لواقة اللبان!) أكثر من غيرهم.. *إنهم الذين يكاد الواحد فيهم (يغالطك) حتى في اسمك كيما يُثبت إنه ليس في الإمكان أحسن مما كان.. *فإن قلت لأحدهم - مثلاً - إنكم دمرتم مشروع الجزيرة يقول لك لولا أننا جئنا لما كان هنالك مشروع (من أصلو!).. *وإن قلت له إنكم تسببتم في (فقدنا) الجنوب يقول لك لولانا لدخل قرنق الخرطوم ل(تفقدوا) السودان كله.. *وإن قلت له إن (أفراد) الشعب قد جاعوا يقول لك إن دخل (الفرد) يتجاوز ألفاً وخمسمائة من الدولارات.. *فتوشك - عندها - أن تُطبق على (زمارة رقبته) كما فعل الشاب ذاك بزميله الذي لم يحضر له (اللبانة).. *ثم لا تترك رقبته هذه إلا بعد أن يصل مرحلة التشبث ب(حلاوة الروح!).. *وتسقط من فمه (حلاوة اللبان !!!).