كانت الخرطوم تشهد مهرجانات كبري للثقافة تلم شمل السودان بمكوناته و تعدده الثقافي و السودان دولة و أمة ثرة بالتنوع و التباين و الإرث الثقافي الواسع . و الصراعات المسلحة التي نشبت في البلاد و أضرت بها و أفقرتها كانت تقوم علي أبعاد إثنية و ثقافية . و لكن هذه الحدة في التعبير توقفت عند الحد السياسي و شباك المطالب السياسية و لم تتحول إلي فعل مفيد سواء من قبل المطالبين أو المطالبين ( بالفتح ) . كثير من الدول العربية إبتدعت مهرجان و ليال ثقافية مشهودة و مشهورة من أصيلة غربا و إلي الجنادرية شرقا . و رغم أننا الأكثر ثراء و تنوعا و أكثر إتساعا في الجغرافية و المكونالت البشرية ألا أن السودان ظل قاصرا من أن يقدم يوما و إسما مشهودا . إنتهت مهرجانات الثقافة و مهرجانات السياحة إلي مبادرات ولائية و تقوم في كثير منها علي بعد و دفع شخصي و خاص بكل ولاية أو وال من ولاتها . غابت بقية ولايات السودان غير المعدودات التي حافظت علي هذا الإرث الكبير . و غاب أيضا المركز بوزاراته و هيئاته الثقافة كما غابت منظمات المجتمع المدني و القوي السياسية الحزبية و لا حتى المكونات القبلية و الأهلية التي قصرت بعضها جهدها علي منافحات لا تخلو من طابع سياسي و مطلبي . الجهد الثقافي إذا قام علي أرضية قوية من التفاعل مع الجمهور و مع المبدعين و أصبح رامزا و شاحذا و معبرا هو الطريق لرسم الكثير من معالم نهضة وتطور الأمة السودانية . كافة المناشط الأهلية في ميادين كثيرة أيضا تنحسر و علي رأسها الرياضة . حتى المدارس التي كانت عماد النشاط و التنشئة الثقافية و الفنية إنتهت إلي أن تكون قواعد و منطلقات تلقين و شحذ أذهان لما لا يبقي فيها و ما لا تذكره . أما الجامعات فقد قتلها الناشط السياسي الدائري و الفقير . القنوات الفضائية تقدم ما ترجو منه ان يزيد المشاهدة و يعظم الأرباح و لذا يأت إسهامها ضامرا و محدودا بالهدف و الغرض المنتظر تحقيقه . ليتنا نجد يوما مهرجانا قوميا و تعميد شاعر وطني و رسام قومي و قاص يمثل السودان .