إليكم الطاهر ساتي [email protected] ويكيليس و..سجال كما كي ملابس الكاكي ..!! ** قبل أسبوع تقريبا، تابعت سجالا رائعا بين الدكتور عبد الله علي إبراهيم والدكتور عمر القراي، وكان فلك سجالهما يدور حول: (حق المسيرية في إستفتاء منطقة أبيي ).. إبراهيم إستفزه ترديد القراي أسطوانة ( المسيرية لايقيمون في المنطقة، بل يتجولون فيها )، وهي أسطوانة مراد بها تجريد المسيرية من حق التصويت لأنهم رعاة جائلين، فهاجمه إبراهيم مذكرا إياه بأن مبادئ حقوق الإنسان لاتفرق بين الناس بالنظر إلي أسلوب حياتهم،وليس من العقل أن يفكر إنسان ناضج - كما القراي - في قضية كهذه بطريقة (حق المسيرية في رجليها )..فرد القراي على هجوم إبراهيم بهجوم آخر، ولكن كل فقرة فيه كانت تغرد خارج الشبكة، أي كان هجوما شخصيا ولم يلامس أصل القضية.. فأستاء إبراهيم من نهج القراي، فواصل السجال تحت عنوان : قراي الذي لايقرأ، وأعاد شرح حديثه السابق الذي كان يؤكد بالوثائق والكتب بأن للمسيرية حق في تلك المنطقة كما للدينكا أيضا، وأن مبادئ حقوق الإنسان - التي يتشدق بها القراي - يجب أن تدافع عن حقوق القبليتين في تلك المنطقة بلاتمييز أوتفريق على أساس أسلوب حياة إحداها..هكذا أعاد إبراهيم مضمون حديثه وكأن القراي لم يقرأه أو لم يفهم ما قرأه ، ثم ختم السجال بعبارة : نقاش من لا يقرأ مثل كي ملابس الكاكي الزمان( أشغال شاقة) ..!! ** بغض النظر عن موقفهما من قضية أبيي، إستمتعت بالتشبيه الذي ختم به عبد الله علي إبراهيم كل ذاك السجال، نعم لقد صدق بذاك التشبيه، حيث نقاش من لايقرأ أمر مرهق للغاية، وكي ملابس الكاكي قد يكون سهلا في موقف كهذا..بل كي جبال الهملايا بحيث يتساوى تجاعيد قمتها مع سطح الأرض أسهل من أن تحاور من لايفهمك ولايقرأ أفكارك..أوهذا ما قلته لرفيق صباي وصديقي كمال عندما إتصل بي بالبارحة ليناقشني عما كتبته البارحة حول : وثيقة ويكيليس الأخيرة..هذا الصديق، وأمثاله كثر، قرأ الزاوية بمظان أني دافعت عن الرئيس البشير..ولذلك سألته ، دع زاويتي - تطير عيشتا - هل قرأت الوثيقة ؟.. فأجاب : نعم ..جميل جدا، ماذا تحتوي ؟، هكذا سألت.. فأجاب : أوكامبو قال البشير خاتي تسعة مليار في بنك لويدز البريطاني ..ممتاز جدا، فماذا قال البنك؟، هكذا سألت ..فأجاب بعد تلعثم : البنك نفى وقاليهو الزول ده ما فاتح أي حساب عندنا..فهنا إنفجرت فيه سائلا : طيب يا أب مخا زنخ ، حسب سردك لمحتوى الوثيقة، منو الدافع عن البشير؟ ساتي ولا بنك لويدز؟.. وهنا شعر صديقي بالحرج وخرج من شبكة السجال قائلا : آي صحي البنك نفى، لكن ده ما بيعني إنو الحكومة ما فيها فساد.. فتعمدت المزيد من الإحراج سائلا إياه : هسة منو القاليك الحكومة ما فيها فساد؟ الحكومة فيها فساد ونص وخمسة، بإعتراف تقارير المراجع العام وغيرها، لكن موضوعنا أمبارح كان عن فساد الحكومة هنا ولا عن حساب الرئيس هناك ؟..ولأنه صديق لم إنتظر الرد المتلعثم ولم إسترسل في السجال، بل ودعته ناصحا : يا كمال إقرأ ما يكتب هنا وفي أي مكان آخر بعقلك وليس بركبتيك.. ثم أصبر لحين إكتمال تحري أوكامبو عن حسابات الرئيس ، فإذا وجد حساباته وأرصدته في لويدز- أوغيره - ستجدني معك مدينا ومستنكرا، ولكن ليس من العقل ولا العدل أن أدين وإستنكرحسابا منفيا من قبل المصرف ذاته ،وإحتفي به كما تفعل أنت بمنتهى البلاهة تحت وطأة تبرير فطير مفاده (الحكومة كلها فاسدة )..!! ** نعم أجهزة وشخوص بالحكومة فاسدة، ولكن أوكامبو لم يقل الحكومة فاسدة وأجهزتها تحمي المفسدين،ولوقالها لصدق، بحيث تقارير المراجع العام ليست بحاجة إلي جهة خارجية تكتشفها أو ويكيليس يسربها..ومع ذلك، المدعي العام لم يقل الحكومة فاسدة ولكنه قال لرئيس الحكومة حساب مصرفي ببنك لويدز، وهذا ما نفاه المصرف ، فكيف تطالبني بأن أقول للمصرف (كذبت) ولأوكامبو (صدقت) ؟..متى نتعلم حكمة لكل مقام مقال، بحيث نناقش كل قضية في حياتنا العامة وفق معطياتها ومعلوماتها بدون ( خلط الكيمان ) ؟..المهم يا صديقي كمال : ملفات الفساد غير القابلة للنفي - من قبل بنك لويدز أو غيره - على قفا من تشيل في مؤسسات بلادي ومرافقها العامة ، فلنجتهد في كشفها وإدانتها حتى تعالج علاجا يؤدي إلي إصلاح الحال العام..يعني بالواضح كدة : لن يشغلني الفساد المنفي عن الفساد غير المنفي ..!! ................... نقلا عن السوداني