إليكم الطاهر ساتي [email protected] الحذاء الإيطالي ... سر الجودة ..!! ** حدث في مثل هذا اليوم قبل عام .. سكايولا، كان وزيرا للتنمية الإقتصادية في الحكومة الإيطالية، وتقدم بطلب إلى إحدى سلطات بلده لشراء شقة بقلب عاصتهم روما كما يفعل السواد الأعظم من أهل إيطاليا..وكان له ما أراد، حيث دفع القيمة ثم إمتلك الشقة..فيما بعد، راجعت جهة رقابية أوراق بيع كل شقق العمارة التي شيدها القطاع العام، بما فيها أوراق شقة الوزير سكايولا، ثم إكتشفت تلك الجهة الرقابية بأن سعر شقة الوزير أقل من أسعار السوق، وكذلك أقل من أسعار الشقق التي تجاورها في ذات البناية .. إشتمت الصحف تلك المعلومة ونشرتها تحت عنوان يتساءل : لماذا شقة الوزير سكايولا أقل سعرا من أسعار بقية شقق الآخرين؟..فلم يحتمل الوزير هذا التساؤل، فتقدم باستقالته لحكومة بلاده قائلا: ( يجب أن أدافع عن نفسي، ولذلك لا يمكنني مواصلة عملي كوزير كما فعلت في السنتين الآخيرتين)..وهكذا غادرسكايولا سوح العمل العام وتفرغ للدافع عن نفسه من تهمة إستغلال النفوذ المسمى - قانونيا - بالفساد..تأمل : شبهة فساد ثم إستقالة في مجرد ( فرق سعر شقة )..نعم يجب أن يكون سعر شقة الوزير مساويا سعر شقة أي مواطن في ذات البناية حسب لائحة ذاك المزاد، ولم يتوفر هذا التساوي، فغادر الوزير منصبه ولم يتأسف على مغادرته أحد ..!! ** تلك حكاية إيطالية، رائعة كما أحذيتهم ذات الجودة العالمية، وبالتأكيد هذه الجودة من تلك القيم.. المهم، هنا حكاية سودانية شبيهة بتلك، ولكن ليس في الأمر شبهة فساد ولا إستغلال نفوذ، فنحن قوم لايسمي الأشياء بأسمائها، ولذلك أبحث عن أى اسم لحاكيتنا هذه.. وإليكم نصها كما يلي ..قبل عام، أي في ذات العام الذي غادر فيه ذاك الوزير منصبه بسبب تأنيب الضمير، أهدت سلطات حكومة الخرطوم قطع أراضي لكل نواب وموظفي برلمان البلد بمنطقتي سوبا والأندلس بلا أي وجه حق.. وبأسعار أقل من أسعار الأراضي بتلك المنطقة، بل بالتقسيط المريح أيضا.. ومنذ ذاك العام وإلى يومنا هذا كل نائب وموظف بالبرلمان يسدد قيمة قطعته حسب إستطاعته.. انه عطاء من لايملك لمن لايستحق.. أي، ليس هناك أي نص قانوني - لا في دستور السودان ولا في قانون أراضي الخرطوم - يكافئ النائب البرلماني بقطعة أرض ذات القيمة الزهيدة المدفوعة بالتقسيط المريح ..وكما تعلم يا صديق، فالنائب البرلماني مواطن ينتمي إلى إحدى فئات الشعب، قد يكون معلما أو مزارعا أو طبيبا أوغيره، وبحق الإنتماء لتلك الفئة نال نصيبه - أو يجب أن ينال - من ( حصة الفئويين)، كما بعض أهل السودان .. ولكن هذا لم يحدث، بل نال حقه في الفئوية ثم إستلم ( هدية حكومة الخرطوم )..لماذا تخصه حكومة الخرطوم بهذه الهدية ( الخاص جدا) و( المميزة جدا )؟، وبالتقسيط المريح ؟..ولماذا تحرم ذات السلطات المواطن من مزايا التقسيط المريح ؟..أسئلة مشروعة أمام مدينة كاملة إمتلكها نواب وموظفي البرلمان - بغير وجه حق - بسوبا والأندلس..ولكنها - تلك الأسئلة - لن تؤدي إلي ( تأنيب الضمائر ثم إخلاء المناصب )، فالضمائرهنا ضمائر فئة بدرية، أي ليست إيطالية.. وعليه، نسمي ما حدث ب(التحفيز والمكافأة )،وليس الفساد وإستغلال النفوذ ..هكذا يجب تجميل أي قبح ..!! ** ثم..مطلع الأسبوع الفائت، أي بعد عام من مغادرة الوزير الإيطالي منصبه بسبب سعر شقة، إستضافت فضائية النيل الأرزق - عبر برنامج حتى تكمل الصورة - وزير الزراعة بحكومة السودان ،وتحدث الرجل نصف الحلقة عن إستثماراته الخاصة، وكانت مرافعته من شاكلة : ( أنا ما كيشة عشان اسجل شركات باسمي )، ( أنا مشارك أخواني ) ..وتنتهي الحلقة وبإنتهائها تنتهي مراسم الإتهام و( خلاص )..وقبل عام، في إجتماع مجلس الوزراء بولاية النيل الأزرق،طلب رئيس البلد من هذا الوزير بأن يحدث أعضاء المجلس وكذلك الرأي العام عن مشروعه الزراعي الخاص بالنيل الأزرق وما تحقق من نجاح، فتحدث المتعافي متباهيا وعلى الهواء مباشرة بحديث فحواه : نعم نجح مشروعي الخاص وحقق أرباحا تجازوت قيمته (400 مليون جنيه )..وإنتهت جلسة مجلس الوزراء، كما حلقة برنامج حتى تكتمل الصورة، ولم يحدث شئ ..أي، لم يخرج أي ضمير ليخاطب الرأي العام فجر اليوم التالي بحديث فحواه : ( يجب أن أدافع عن نفسي، ولذلك لا يمكنني مواصلة عملي كوزير كما فعلت في السنتين الآخيرتين)، أوكما قال ضمير ذاك الوزير الإيطالي بسبب ( فرق سعر الشقة )..لم يحدث هذا ولن يحدث، لأن الضمائر هنا ضمائر فئة بدرية، وليست إيطالية.. وعليه، يجب عليك يا صديق أن تسمي نشاط وزير زراعتنا ب(الشطارة والفهلوة )..أوهكذا يجب تجميل القبح ..!! .................... نقلا عن السوداني