إليكم الطاهر ساتي [email protected] (إرتباك يغطس حجر البلد)..!! ** منذ إنفصال الجنوب - وحتى ضحى أول البارحة - لايخفى على أحد بأن وزير المالية يدير إقتصاد البلد بمنتهى الإرتباك والإضطراب والفوضى.. لايستقر على رأي أو قرار، ولم يعد يعرف ما يصلح الناس والبلد وما يضرهما، وكذلك كثير الكلام.. ولا أدري إن كانت الحالة الذهنية التي يمر بها وزير المالية هي ذات الحالة الذهنية للحكومة كلها، أم تلك حالة خاصة مردها إنفصال الجنوب - وفقدان البترول - الذي كان مفاجئا للوزير، وهكذا يبدوا أثره على قراراته لمتناقضة وثرثرته الكثيرة..نماذج الإرتباك كثيرة، آخرها ما يلي : ( لم نطالب بتحويل قرض مشروع مطار الخرطوم الجديد الى مشروع آخر، بل اتفقنا مع مؤسسات التمويل على تأجيل تمويل مشروع المطار الجديد)، أوهكذا تحدث البارحة لوسائل الإعلام، بعد إجتماعه مع إدارة وحدة مطار الخرطوم..للأسف، هذا الحديث غير صحيح، فالوزير يتجمل، أو - كالعهد به منذ إنفصال الجنوب - مرتبك ..!! ** آخر مؤتمر صحفي لوزير المالية كان قبل نصف شهر تقريبا..سأله الأخ النجيب نور الدين، مدير تحرير الأخبار،عما يحدث لقرض مشروع المطار الجديد، فأجاب بالنص : ( عندنا أولويات، وح نستفيد من القرض المخصص للمطار في مشاريع آخرى، وحولناه لسكر النيل الأزرق)، هكذا نص الرد، فليراجع الوزير - وكذلك القارئ - كل الصحف التي غطت ذاك المؤتمر، بما فيها المانشيت الرئيسي لصحيفة الأخبار..ليس هذا فحسب، بل القرار الوزاري رقم 5، والصادر بتاريخ 9 أغسطس 2011، والموقع عليه وزير المالية ذاته، يقول بالنص : ( قد تقرر تجميد التمويل الخارجي لمطار الخرطوم الجديد من مصادر التمويل الخارجية، وسيتم النظر في إعادة تخصيص هذه الموارد للمشاريع ذات الأسبقية )..أها، شن قولك يا صديقي القارئ؟..ربما أكون أميا، أو لا أفهم ما يقرره أو يتحدث به وزير المالية ، فهل ذاك الحديث وهذا القرار يشيران الي رغبة الوزير في تحويل قرض مشروع المطار الجديد إلى مشروع آخر أم لا؟..إن كان كذلك، فلماذا يرتبك الوزير ويتجمل أمام إدارة وحدة المطار و الرأي العام ، بحيث ينفي رغبته تلك ويقول قولا معناه ( أنا ما عايز أحول قرض المطار لمشروع تاني، بس أخير نأجلوا شوية)؟..إن لم يكن هذا إرتباكا، فما الإرتباك؟..ثم المهم جدا، حسنا فلنقل بأن رغبة الوزير تغيرت - بين يوم وليلة - من تغيير مسار القرض الي تأجيل القرض عاما أو عشرين عاما، ما جدوى هذا التأجيل ؟.. يعني بصراحة كدة : ماذا يستفيد الوزير، وكذلك الناس والبلد، من تأجيل إستلام قرض المشروع ..؟ ** لن يستطيع الوزير - ولا أي جهة إقتصادية - إثبات جدوى تأجيل وتعطيل هذا المشروع أو أي مشروع تنموي آخر، ولكن باستطاعة كل أهل الأرض التأكيد بأن تعطيل المشاريع وتأجيلها هو تخريب لإقتصاد البلد، ولذلك لايخطئ من يظن بأن وزير المالية - بإرتباكه هذا - يخرب إقتصاد البلد..مطار الخرطوم على سطح الإعلام، فكم مشروع آخر يعطله مثل هذا الإرتباك الوزاري؟، الله أعلم ثم الوزير ..وقد يتفاجأ البرلمان ومجلس الوزراء حين نخبرهما بأن وزير المالية خاطب الصناديق العربية بتاريخ 11 أغسطس 2009، قائلا ( الحكومة السودانية تطلب تجميد قرض المطار، نسبة للظروف الإقتصادية التى تمر البلاد بعد إنفصال الجنوب)، هكذا خاطب العرب هناك دون علم البرلمان ومجلس الوزراء، و نص الخطاب - الذي يجهلون محتواه - بطرفنا..علما بأن البرلمان ومجلس الوزراء هما من أجازا هذا القرض، ولكن الوزير لم يلجأ إليهما حين طالب بتجميده، وهذا يعكس بأن نواب البرلمان وكذلك وزراء مجلس دائما وأبدا ( برة الشبكة)..نعم ،فالدولة السودانية لاتزال تدار بمراكز القوى الخفية.. ثم الأدهى والأمر، وحدة المطار لم تكن على علم بطلب التجميد، ولذلك حين طالبت الصناديق العربية - بتاريخ 20 أكتوبر 2011- لتمويل الشركات التي تأهلت في العطاء، ردت الصناديق على طلبها - بتاريخ 2 يناير 2012 - بخطاب قائل ( عفوا، وزير ماليتكم طلب تجميد القرض، ولم نرد على طلبه، وكذلك لا نستطيع الإستجابة لطلبكم هذا)..هكذا يدار إقتصاد بلادي، فتأملوه، وماهذا إلا محض نموذج فقط لاغير..نعم، وزير المالية يجمد قرض مشروع تنموي بغير علم البرلمان ومجلس الوزراء وإدارة المشروع، والصناديق العربية في حيرة من أمرها، وتحدث ذاتها حائرة ( وزيرهم يجمد القرض وإدارتهم تطلب القرض، دي يفسروها كيف؟، البلد دي محكومة بكم حكومة؟)، أوهكذا لسان حال العرب..وليس هناك من تفسير لما يحدث غير أن هذا الوزير - بهذا الإرتباك الفوضوي- سوف ينفذ في الناس والبلد برنامجا ثلاثيا - مسمى بالإسعافي - قد تُحمل البلاد في نهايته على (عربة إسعاف)، هذا إن لم تُحمل على التابوت..نعم هذا البرنامج الإسعافي، ما لم يدع وزير المالية إرتباكه هذا، هو ( اللى ح يغطس حجر البلد) ..!! .............. نقلا عن السوداني