بسم ألله ألرحمن الرحيم .. العشوائيات بالخرطوم .. و المهمشين قنابل موقوته .. عبدالجليل على محمد عبدالفتاح [email protected] عندما يحكم البلد نظام فاسد يضحى شُغله الشاغل الاستحواذ والتملك والسيطرة على مقدراته وتغييب وعّى أهله وكبت حريات أفراده ... وتُصبح النتيجة الحتمية بؤساً وشقاءً وحاجةً وعوزاً لسواده الأعظم من شعبه.. فى مقابل الجاه والسُلطان لطبقة حُكامه الجُدد وبالتالى يُفرز هذا النظام طبقتين لا ثالث أو وسط بينهما طبقة أثرياءه (الجُدد) وعليّة القوم التى تتمتع بكل شىء .. وأخرى محدودة ومعدومة الدخل يُُطلق عليهم طبقة (المهمشين) ممّن لا حول لهم ولا قوة ولا يملكون أىّ شىء .. وهنا تكمن (الأزمة) التى لا أمل فى فك طلاسمها وحل شفراتها أو تلمس طُرق الخلاص منها إلا بالثورة والانتفاض والعصيان .. * ففى ظل هذا النظام الموغل فى الفساد انتشرت المحسوبية والرشوة لتكون لغة التعامل فى دواوين الحُكومة ومصالحها ب(التوصية والواسطة) ويُفضى هذا السلوك المعيب الى خلل هيكل المجتمع بتخلخل عِلاقات أفراده وتفسخ صلات مكوناته ومن هنا يختل ميزان العدل ويفقد صوابه فى الحُكم و الانصاف .. وبالتالى تتخبط حياة (البسطاء) والعوام لتنحرف عن المسار السليم ويكون على الناس أن تنتزع حقوقها بالطريقة التى تحلو لها فتسود الفوضى والبلطجة وتنتشر وتتفشى الظواهر الغريبة ومنها ألعشوائيات.. * فشل النظام فى مواجهة قضايا الفقر والبطالة والإسكان والصحة والتعليم ...وقل ما شئت مادمنا نعيش فى كنف نظام (البشير) الذى ضرب جذوره الفساد ونخر عظامه السوس وانتشر فى جنباته العفن ... فالمتأمل للخريطة السياسية لا تعوزه الفِطنة و الذكاء لتمييز خريطة نظام سيء (السُمعة) فغالب (الولايات) صار أغلب ساكنيها من البسُطاء الفقراء (المهمشون) ممن لا وزن لهم ولا ثِقل عند نظام (زاوج) بين السُلطة ورأس المال زواجا محرماً وبعقد غير شرعى ولم يضع هؤلاء (المساكين) ضمن حِساباته والأصح أنها لم يعترف من الأساس بحق المواطن فى الحياة الحُرة الكريمة بل عامله بمنتهى القسوة والتعالى والشراسة علي اعتبار أنه نبت (شيطانى) وحشائش ضارة يجب ابادتها والتخلص من سرطان انتشارها و امتدادها.. * وفى ظل نظام فاسد كان من الطبيعى أن تنتشر مناطق العشوائيات فى (الخرطوم) مع غياب تام لدور الدولة المتعمد وقصور أجهزتها الأمنية فى السيطرة عليها خلق منها أوكاراً للمتطرفين والمجرمين والخارجين على القانون وممارسى (الشغب) المجتمعى وهذا يعكس مدى خطورة تلك المناطق فى كونها أصبحت (مفارخ) للجريمة وأوكارا آمنة لكل الخارجين على القانون ... * تلك هى نتيجة هذا النظام بواقع ملموس وهذا هو واقع الحال الذى لا يجهله كل من كان به نظر أو يسمع عنه من لم (يشكُ) صمماً فلا غرابة و تشكيك أو مزايدة عندما تنقله الراكوبه الحبيبه ... * قد نختلف مع الاقلام التى تعكس لنا هذا الواقع الذى يحلو لنا التغاضى عن النظر اليه أو الاعتراف بوجوده أو التعالى عليه ترفعاً أو عدم الاقتراب منه وتجاهله تعمداً على حين يؤكد واقع الحال حقيقة وجود هذه (القنابل) المجتمعيه ولا مناص من تجاهلها والاعتراف بها كجزء من المجتمع .. فقد شاهدها معظمنا ممن سافروا لمشارق الأرض ومغاربها وممن يبحثون أو يهتمون بحياة الشعوب ... كل بلاد العالم بلا استثناء تشكو من وجود ما يُطلق عليه بلغة مهذبة سكان (أطراف المدن). وربما كانت الصحافة سباقة فى طرح مشكلة العشوائيات بالخرطوم بشكل لم تجرؤ عليه جهات أخرى حكوميه والتى تهدف لتحقيق الأرباح على اعتبار أن بيع أراضى العشوائيات حلُ عبقرى لقضايا مجتمعية ومشاكل محلية تئن بها مجتمعات القوم وصحافتهم (الصفراء) ولا غرابة فى أن ننبهر بهذه العقلية الذكية على وجه العموم التى توافرت لها كل امكانات الخلق الفنى المبهر بقدر ما نتعجب من تنصلهم من طرح قضايا (المهمشين) ومجتمعاتهم العشوائية إلا فيما ندر.. تلك المجتمعات التى تنتشر فى أطراف العاصمه ألكبرى بمدنها الثلاث .. سعى أرباب النظام وإمعته و بعض من المنساقين معه بفكرة (بيع) العشوائيات دون إعمال للعقل أو الفكر والمنطق ... انهم فئة السماسرة والمرتزقة وهم بالتأكيد بعيدون كل البعد عن هذا (الواقع) من خلال تلمس مناطق القوة والضعف فى (المجتمع) السودانى .. فكيف بالله نُعيد صياغة مجتمع بعيدا عن التشنج والتعالي والنظرة المسبقة لمواطن دفعته الحاجه والظروف وعائلته لهذا السكن (ألمؤقت).. لنعترف بوجود عالم (عشوائى) من حولنا لنخلص مما أسلفنا الى أن عالم العشوائيات فى (الخرطوم) بالتأكيد يدخل ضمن منظومة التركيبة السكانية للمجتمع السودانى وبالتأكيد أيضا هو عالم يُشكل كل منه ( قنبلة موقوتة) قابلة للانفجار فى أىّ لحظة بما يعج به حقيقة من قضايا تخرج عن الناموس البشرى السوى عالم تعزف بين أروقته مقطوعة يغلب عليها النشاز الاجتماعى بسبب (الفقر والعوز) بعد أن فقد أفراده ملكة (الحِس) وبعد أن وجدوا ضالتهم فى ممارسة كل أنواع المهن ماداموا بعيدين عن رعاية الدولة التى تعمّدت أن يظلوا ( مهمشين) وغض النظر عما يفعلون وهم بالتأكيد (فاعلون) كل ما يتصوره العقل .. فهل مازلنا كمجتمع (مدنى) مُصرين على أن هذه الاحوال تُزيف الواقع الذى تعيشه هذه العشوائيات؟ وهل من حقنا أن نُهيل عليها التراب؟ أو نتهم أصحابها بالفساد؟ أفيدونا أفادكم ألله .. انها مجرد خواطر أو انطباعات فى زيارة خاطفه (للخرطوم) قد تكون خاطئة أو قد تجد لها طريقا لفتح باب الحوار .. **الجعلى البعدى يومو خنق .. ودمدنى السُنى .. السبت 6 أكتوبر ..