[email protected] تنوعت المدارس البيعية والتجارية بين روادالتجارة بسوق الابيض الكبير الذي ضمّ بين أروقته أكبر تجار السودان وكان الجامعة الاقتصادية الأولى في علوم التجارة السودانية التي دفعت بخيرة التجار منهم إلى قيادة الاقتصاد السوداني الحر في عهد الازدهار مما أغرى كثير من الشركات والوكالات العالمية لحجز موقعها ضمن منظومته التجارية التي اعتمدت في نشاطها على تجارة الحبوب الزيتية والمحاصيل النقدية مثل الصمغ والسمسم والحيوانية الضأن والماشية والإبل و أسست صناعة الزيوت والعلف ( الامباز) بالإضافة إلى التجارة العمومية ومواد البناء وقطع غيار العربات والطواحين وكانت أشهرها شركات جلاتلى هانكى البريطانية وشركة هرمز ونادر الأمريكية وعدد كبير من الأجانب اليونانيين و الأرمن والشّوام واللبنانيين والهنود الذين مثلوا وكلاء لشركات عالمية متنوعة وأسس بالأبيض أكبر سوقين هما سوق المحصولات الذي دخل التاريخ الاقتصادي السوداني والعالمي من أوسع الأبواب بمسمى أكبر سوق للصمغ والحبوب الزيتية في العالم كحقيقة جغرافية ومعلومة درّستها المناهج الجغرافية السودانية و العربية ,وسوق للماشية بالإضافة إلى سوق العيش ( الذرة) وسوق البصل . سوق الابيض الكبير كان يقع تحت جهتين تنظيميتين له هما مجلس بلدي مدينة الابيض والغرفة التجارية واللذان يعتبران من أقدم الكيانات الإدارية و التجارية بالسودان وقاد المؤسستين مجموعة من وجهاء المدينة عبر الانتخاب المباشر وهم من كبار الأعيان و التجار والموظفين ومنهم على الذكر لا الحصر مولانا القاضي صالح حميدة والعمدة الزين عبيد عمدة عموم البديرية وسليمان الشيخ جحا ومحمد بشير الفكي والشاذلي أبو الحسن وعبد الكريم حسين جعفر وعوض محمد على ويوسف شبور إسماعيل محمد طاهر وحسن قسم السيد من كبار التجار ( رحمهم الله جميعا)وقد ساهموا مساهمات فعالة وكبيرة في تنمية المدينة وترقيتها وازدهارها والمحافظة على نمطها الحديث والمتنوع وجعلها مدينة جاذبة للكثيرين من أهل السودان والعالم والانتماء إليها بالسكن والاستثمار والأهلية بل وأن الكثيرين من موظفي الدولة المنقولين إليها يفضلون البقاء والعيش فيها بعد انتهاء مدة خدمتهم الوظيفية , مجلس بلدية الأبيض كان شعلة من النشاط والعمل الخدمي و التنموي والصحي والبيئي ,وكان محرك مشاريع الأشغال الهندسية والطرق المهندس .. الحاج خيال المشهود له بالكفاءة والاقتدار والمتابعة وكذلك الحاج تندل الذي عمل بالأشغال لمتابعة وادرة فنيين وعمال الصيانة الدورية للمدارس والمصالح الحكومية ومنازل الموظفين والأفندية التي تجدد سنويا حفاظا على منظرها وجودتها , وكان دور البلدية واضحا وبارزا ومؤثرا في حياة المواطنين من حماية البيئة وقد ابتكرت الابيض أول عيد للشجرة بالسودان والعالم العربي منسوبا إليها والى ابنها البار الفاتح النور والذي كان له أثرا في استزراع الأشجار بالمدينة والتي تميزها ولا يخلوا بيت أو دار أو شارع أو مصلحة حكوميه أو مدرسة من الأشجار والأزهار وعرائش العنب والأشجار المثمرة وهو مارفع درجة الوعي الصحي المنزلي والمجتمعي العام بتوجيه ومراقبة النظافة بالمنازل وزيارات دورية للبيوت لمراقبة الحمامات والمشارب ( الأزيار) والمصارف والرش بالمبيدات دوريا وبانتظام ولازلنا نذكر الزيارات المنزلية الرسمية من فريق الصحة بالبلدية للمنازل ونذكر منهم المفتش التيجانى صبر وعبد الرحمن وتقي ومحمد طاهر التيجانى وهى الزيارات التي تعمل لها ربات البيوت ألف حساب والاستعداد الدائم للزيارات الدورية والمفاجئة بمتابعة النظافة ورش بودرة الجمكسين في أركان المنزل وإزالة الطحاب عن الأزيار والبالوعات وتتجنب ربات البيوت في أخذ مخالفات تستوجب الغرامة أو التوبيخ وهو مايعتبر عيبا وتقصيرا . المحلات التجارية ملتزمة بطلاء أبوابها وأعمدة البرندات وجدرانها سنويا وغالبا مايختار الجميع مناسبة عيد الاستقلال ويرفع العلم السوداني على كل المحلات التي يفضل أغلبهم اللون الأخضر والأزرق للسوق وتجدد المنازل بطلاء مداخلها وأبوابها وجدرانها بطلاء الهوكس الأبيض والأصفر ( جحر جيري أبيض مذاب يحضر من كوستى في صفائح ) وتنتظم المدينة ورشة عمل كبيرة تستوعب كل الأيدي العاملة المحترفة ومجموعات النفير من الشباب والجيران للمساعدة في تجميل وصيانة بيوت الأحياء ودواوينها وواجهاتها في تظاهرة قل أن تجد مثلها اليوم وتجد شركة مباني كردفان وشركة سمان أخوان تعج بالزبائن والمشترين لمواد البناء والطلاء ليظهر كل منهم منزله أو محله التجارى بالصورة الأجمل اتساقا و انسجاما مع التظاهرة التي تنتظم المدينة بتوجيه ورعاية المجلس البلدي والذي يكون قد أكمل التزامه بنظافة الشوارع وإنارتها وردم الحفر وتسوية الطرقات وتغيير علامات المرور وتزيين الأشجار وتشذيبها وتعليق الزينات ويبادر بعض كبار التجار والشركات بعمل أقواس النصر التي تعترض الشوارع الكبرى وشارع المطار والأسواق بلوحات ترحيب بعيد الاستقلال وكانت من أكثر أعمال الصيانة حيوية تجديد وطلاء سينما عروس الرمال وسينما كردفان التي يطال التجديد والصيانة كل شيء فيها من الشاشة إلى الكراسي مما يترك ارتياحا نفسيا لدى روادها ومتابعيها والذي يواكبه استيراد مجموعة الأفلام السينمائية الجديدة يتم الإعلان عنها قبل فترة .في واجهات السينمات وجوار حلواني جروبي الشهير بالأبيض .وتكون فى أغلب الأحيان في أول عرض لها بالسودان . اطّلع الجميع بواجباتهم الاجتماعية نحو ترقية وازدهار مجتمع المدينة الجميلة وكان للتجار فيه القدح المعلى في دعم مشروعاتها وتجميلها وتطويرها بمساهماتهم المالية ومشاركاتهم الفاعلة في خطط المجلس البلدي الذي يخضع للمحاسبة من الأعيان والمواطنين ومجلس المديرية الادارى والذي يرأسه مدير المديرية و المحافظ وكبار موظفي الدولة الذي يتنافسون في تقديم وتنفيذ أفكارهم الخلاقة وترجمتها على أرض الواقع ويقف رقيبا عليهم كلهم الصحافة التي امتازت بها مدينة الأبيض بوجود أول وأقدم صحيفة إقليمية في السودان جريدة كردفان تصدر وتطبع في مطابع كردفان بالمدينة يومين في الأسبوع صباح الجمعة ومساء الاثنين ومؤسسها ورئيس تحريرها الرمز الكردفانى الراحل المقيم الدكتور الفاتح النور ومحرريها وكتابها النخبة من أبناء الابيض وكردفان الذين ساهموا في تنمية وترقية الحس الصحفي والثقافي والمعرفي والمسئولية الاجتماعية والوطنية لدى المواطنين . أغرى هذا الرقى الاجتماعي في تطوير الفكر العام للمجتمع و ازدهاره إلى ابتكار ومبادرات من مثقفي المدينة الشباب لخلق كيانات ثقافية راقية كان منها نادي السينما ونادي الكتاب وهما ناديان لمناقشة فكرة الأفلام والقصة وتشريحها وتوثيقها بل وكانوا لاتساع ثقافتهم المعرفية يطلبون استيراد وعرض أفلاما عالمية وتستجيب إدارة السينما لطلبهم لعرضها بدور السينما بالأبيض وكان لوجود الفقيد ابراهيم سنهورى المثقف الواعي رئيس شركة سينما عروس الرمال دورا كبيرا في دعم طلباتهم واستيراد أفلام عالمية تعرض لأول مرة بالسودان بمدينة الأبيض ونذكر من مؤسسي نادي السينما الرائعين معاوية الفاتح النور ويوسف عوض البارى . وصلت بالطائرة كان الختم المميز للمطبوعات العربية والعالمية التي تستوردها وتوزعها مكتبة كردفان من كتب ومجلات ودوريات من بيروت والقاهرة والتي تجد رواجا كبيرا لدى القراء والمثقفين بالأبيض وكثيرا ماتجد جمعا من المنتظرين لتوزيع الصحف والمجلات روز اليوسف وصباح الخير والشبكة والدستور والصياد و التايمز اللندنية وتعتمد مكتبة كردفان على الاشتراكات وحتى ميكى وسمير كان للصبية منها نصيب ويعلن عن وصول الكتب الحديثة وعناوينها وكتابها على مدخل المكتبة والتي يديرها العم محمد النور شقيق الأستاذ الفاتح النور ومدير الإدارة الأستاذ التيجانى النور الذي فتح فرعا في مدينة كوستى لاحقا وفرع آخر بمدينة نيالا افتتحه الأستاذ طارق الفاتح النور الذي لنتقل إلى كوستى بعد وفاة عمه التيجانى عليه الرحمة . كان من أنشطة مطبعة كردفان صالون كردفان الأدبي الذي يتحلق حوله نخبة من الكتاب والشعراء والصحفيين وموظفي الدولة من الإداريين ووجهاء المدينة ويدير جلساته اليومية بمكتبه الأستاذ الفاتح النور لمناقشة الحركة الاجتماعية والسياسية والثقافية وتوثق مخرجاته عبر الجريدة وقد أصدر الأستاذ كتابا باسم الصالون (صالون كردفان الأدبي )ويعتبر من المخرجات الثقافية والتوثيقية الرائعة وهو في المكتبات إضافة إلى عدد من المؤلفات التي توثق لتاريخ كردفان السياسي والأدبي والاجتماعي والديني والثقافي والصوفي كما كانت مكتبة القرشي الصغير ومكتبة الجيل والبيان تقوم بدور ثقافي ومعرفي كبير واهتمام بتوفير القرطاسية والادوات المكتبية والمدرسية .إضافة إلى مكتبات أخرى اهتمت بتوزيع الصحف وكتب الجيب والمغامرات إضافة إلى مكتبة الجامع الكبير التي اهتمت بالكتب الدينية ويديرها عمنا الخليفة مكي السيد . نادي الخريجين بالأبيض شعلة الحرية وجذوة الاستقلال والحركة الوطنية عبر تاريخه النضالي الموثق ومنبع الثقافة ووعائها الذي جمع بين أروقته الشعراء والكتاب والسياسيين ومنبر الزوار السودانيين والعرب من الشعراء والكتّاب وزاره وحاضر فيه الشاعر الكبير نزار قباني والأديبة بنت الشاطئ الذين أدهشهم كثرة الحضور وموضوعية النقاش وثقافة الناس .وأهدى الشاعر نزار قباني قصيدته عريشة العنب لأهل الأبيض . فرقة فنون كردفان بوابة كردفان التي عبر منها المبدعين الكردفانيين من الفنانين والعازفين الذين أثروا ساحة الغناء والموسيقى السودانية وأوجدوا لهم مساحة مقتطعة فيها ومهم العندليب خليل إسماعيل والشادن ابراهيم موسى أبّا والبلبل عبد الرحمن عبد الله وثنائي النغم وملك المردوم الدكتور عبد القادر سالم وكان المايسترو الموسيقى جمعة جابر الذي أسس فرقة موسيقية بمواصفات عالمية من أبناء الابيض وأذكر منهم حاتم وعبد المجيد خليفة صلاح عبد الرحمن ومحمدانى وحسين( ود النجل)والفقيدالموسيقار أميجو وكثير من العازفين الأفذاذ من فرقة البوليس والجيش وكان للغناء الشعبي مكانته كما للفنون الشعبية الكردفانية وقد أدارها في فترة ازدهارها الأديب الأستاذ أمين الربيع رحم الله وقد ارسى قواعد وتنظيمات ساهمت فى ابراز الفنون الشعبية الكردفانية الى فضاءات السودان والعالم . المكتبات العامة اذدهرت في الأبيض وازدحمت بالقراء والمستعيرين للكتب والمراجع ومنها المكتبة العامة التابعة للبلدية والمكتبة البريطانية والمكتبة القبطية وتتيح هذه المكتبات قاعات خاصة للطلاب للاستزادة والمعرفة والاستذكار في مواسم الاختبارات وتضم مخزون كبير من الكتب والمراجع والدوريات يتجدد دوما حسب الإصدار للكتب الجديدة التي تنشر في من دور النشر والطباعة وللأسف أعدمت المكتبة العامة في عهد مايو ونقلت إلى مكان ضيق محشور ليقام مكانها مجلس شعب !! الأندية الاجتماعية تنوعت بتنوع الجاليات المقيمة بالمدينة الجميلة ومنها النادي القبطي والنادي السوري والنادي الاغريقى وهى أندية اهتمت بالترفيه الاجتماعي والأسرى للجاليات المعنية والأنشطة الرياضية في مجال كرة السلة وكرة الطاولة والكرة الطائرة التي تقام لها منافسات دورية يشترك فيها بجانبه الأندية السودانية لكيانات مثل نادي البنوك ونادي المعلمين ونادي الضباط ( الجيش) ونادي السجون ونادي الموظفين ونادي التجار ونادي الممرضين وهى من المظاهر الاجتماعية الراقية التي ربطت بين أعضاء وأسر هذه الكيانات ضمن أنشطة هذه الأندية الاجتماعية والفنية والسياسية والفنية . هذه لمحات توثيقية لمدينة من ذهب حفظتها تجاويف الذاكرة وتجترها كلما جار الزمان عليها وطالها الاهمال والتردى لنعلم ماذا كانت وما آلت اليها هذه المدينة الرائعة الجميلة بأهلها وطبيعتها وماضيها . الى حلقة قادمة من عروس الرمال مدينة من ذهب .