أوردت صحف الأحد 14 ابريل 2013 خبراً عن توقيف عصابات تعمل في تجارة الاراضي العشوائية في جميع المناطق الطرفية في العاصمة القومية الخرطوم . وان ازالة السكن العشوائي يكلف الدولة مليارات الجنيهات لتجفيفه. السؤال الذي يفرض نفسه : لماذا يزال السكن الذي استقر فيه الكادحون من مواطني السودان منذ عشرات السنين واصبح موطناً لهم. وبعض هذا السكن العشوائي بلغ عمره مئات السنين مثل (الكنابي) في قلب مشروع الجزيرة والتي نشأت مع نشوء المشروع. وتلك التي تقع في اطراف ام بدة المسماة(ام درمانالجديدة) والتي بنيت منذ المهدية وتلك التي في سوبا منذ ما قبل (خراب سوبا) ؟ ولماذا تصرف الدولة هذه المليارات لمسحها من الارض وتشريد سكانها والقذف بهم في المجهول. علماً بان هذه المليارات من الممكن ان تحل معضلة تصحيح اوضاع هذا السكن العشوائي وفق دراسة موضوعية لترميم وتحسين واقعه، باقامة الطرق وادخال الماء والكهرباء المنعدمة في بعضها، وهدم ما هو زائد من كل منزل عشوائي يعيق ادخال هذه الخدمات او يحول دون فتح الطرق المناسبة. وهذا ما حدث في العديد من المدن وبشكل خاص في العاصمة القومية فقد تمت تسوية الاوضاع في الاحياء الأكثر عراقة وقدماً مثل (ابوروف) وبيت المال والملازمين والموردة وغيرها، دون اضرار بالغة تمس السكان. لماذا اللجوء الى التجربة العدمية التي باشرتها(البصيرة ام حمد) بهدم المنازل على رؤوس ساكنيها بصرف مليارات الجنيهات؟ فهل هذا يستقيم عقلاً ومنطقاً مع الممارسة السليمة المنصفة التي تراعي الحق الدستوري للمواطن في السكن والتمتع بالخدمات اللازمة وقيام المؤسسات التعليمية والصحية وموارد الماء النقي؟ نحن نعلم ان القضية ليست كذلك وان اهداف اثرياء الراسمالية الطفيلية التي انشأت مئات الشركات العاملة في شراء وبيع العقارات تتعمد ليس التعمير، بل التكسير والهدم لانشاء ابراج سكنية للاثرياء لزيادة ارباحها واستقطاب المزيد من الثروات في يدها. وليذهب فقراء شعب السودان الى الجحيم . فراس المال ، كما قال ماركس مستعد ان يخوض بحاراً من الدماء ليصل الى الربح الشريع والكبير ولو على جثث البشر وهدم منازلهم بما فيها على رؤوسهم . ويجد هذا السلوك المناقض لطبيعة البشر ولا يجد مثيلا له الا في الحيوانات المفترسة ، سندا وعضداً من متنفذين في الدولية. ويدلل على ذلك بما حدث في المدينة الرياضية التي خصصت لها ما يقارب الاثني مليون متر مربع، انتزعت من اراضي وسواقي مختلفة أورد تقرير المراجع ان 73% من اراضيها قد نهبت وبعيعت بمشاركة متنفذين في الدولة ورغم ان المجلس الوطني خصص لها جلسات لمناقشتها إلا انه لم يعلن حتى الآن ماذا تم فيها؟ ولماذا لم تصادر الاراضي المقتطعة منها وتعاد الى المدينة وهي تجاورها، بل كانت جزءاً منها ولا يفرق قدم واحد بينهما. المثال الثاني ما كشف عنه جهاز حماية المستهلك وكشفه عن تورط متنفذين في السلطة بالاشتراك في صفقة مشبوهة ب(2)مليار جنيه لتوسعة شارع الستين. لا في هذا المثال ولا في سابقه لم يتم الاعلان عن هؤلاء المتنفذين وما هي الاجراءات التي اتخذت ضدهم. نحن في الحزب الشيوعي نعلم بتجربتنا مع نظام الانقاذ ، ان شعاره في مثل هذه الحالات ومنذ سطوة القسري على السلطة هو(خليها مستورة) ولكن في الحالات التي تفوح فيها الروائح الكريهه وتبليغ عنان السماء وتشم رائحتها في اقصى الاقاصي، في مثل هذه الحالات يتم الاعلان حتى ولو عن جزء منها وفي بعض الاحيان تعلن كلها، لصب ماء بارداً على السخط الساخن الذي تعبر عنه الجماهير في محاولة لامتصاص غضبها . ويعلن ان اجراءات ستتخذ ومحاكم ستقام وتدابير صارمة وعقوبات عالية سيتم ايقاعها على المفسدين .. ولكن ينتهي العزاء بانتهاء دفن القضية عندما تشعر السلطة بان القضية اصبحت نسياً منسياً . وفي كثير من الحالات تفتعل السلطة قضايا انصرافية تشغل بها المواطنين عن ما يمس المتنفذين في السلطة ومرتكبي جرائم الفساد المهول.لقد نبه ديوان المراجع العام في كل تقاريره عن تصاعد الفساد سنوياً وان متنذين في قمة السلطة ضالعون فيه ولكن لم تتخذ أي اجراءات ادارية او قانونية تسهم في ايقاف الفساد او التقليل منه عكس ذلك تماماً وصل صبر المراجع العام حد التعبير المجازي داخل البرلمان نفسه وكانه يقول ( لقد اسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة لمن تنادي) وهو في الواقع يريد ان يقول (لا حياء) لمرتكبي جرائم الفساد هذه. وابلغ دليل على ذلك ما تم في المؤسسات المخصصة وما يجري امام اعيننا الان من بيع المستشفيات ورهن المؤسسات العامة كلها ممارسات ضد الشعب وقسراً عليه واحتقاراً لكرامته وحقوقه العادلة في الحياة الكرينة. الذين يتوهمون ان هذا النظام يمكن ان يحل مشاكل الشعب غارقون في الوهم. فمتى كان الراسماليون الطفيليون في أي بلد في العالم رحماء بشعوبهم او قلبهم عليها. نحن في الحزب الشيوعي لن نشتري حبالاً بلا بقر . ولن نصدق كما علمتنا التجربة الطويلة الثرة مع المؤتمر الوطني انه اكثر الجهات نقضاً للعهود والمواثيق التي يبرمجها. ونعرض ما هو المقصود بكشف العصابات التي تعمل في بيع الاراضي العشوائية ، وما هي المرامي والاهداف المقصودة من وراء اعلانها. سوقوا تجارتكم هذه لانفسكم ، اما اذا كنتم جادين في محاربة ما يجري في بيع الاراضي ، فافصلوا في قضايا بيع المدينة الرياضية، وتوسعة شارع الستين ن وبيع الميادين العامة في قلب الخرطوم وتحويل بعض المدارس الى الاسواق داخل العاصمة لمصلحة بعض الافراد كما حدث في سوق 4 ببري. لقد فشل هذا النظام حتى في كيفية تسويق الكذب واخراجه بالصورة التي تتخطى ذكاء المواطن السوداني. ولهذا يجب تشديد النضال وتصعيده لاسقاط هذا النظام. الميدان