امس . على غيرعادتي, نمت عميقا ولم استيقظ في الموعد الذي عودت عليه جسدي. ماذا حدث يا ترى؟ هناك شيء ما لا أعرفه. عشر ساعات بالتمام أو أكثر. صحيح, أنا لا أنام مبكرا, فغالبا ما اارتمي على فراشي بعد منتصف الليل, وربما بعد منتصف الليل بكثيرٍ, بعد طلوع الفجر, لمّا أصلي وعندما لم أكن أصلي برغم إكثاري من الدعاء صباحا ومساء وآناء النهار طيلة حياتي, ولا أعرف يوما لم استذكر فيه هادم اللذات أبدا, وفي ظني أن هذا ما حفظ جذوة الإيمان في نفسي, فهو بتوفيق من الله, بالطبع, ولا أرده لاجتهادي برغم أني أعلم أن المرء لا محالة واجدٌ الله متى ما ظنّ أنه موجود وأنه يسمع ويرى ويجيب ويخاطبك بطريق مختلفةٍ عن ما ماهو متعارفٌ عليه من أنواع الخطاب بين الناس, ففي المنام ترى وتسمع وأحيانا تصلي وتذكر أو تُستدعى للقيام بأمرٍ ما, أو إعلامك بخطبٍ جلل قادم أو منفعة ستجيء. ويقع كل ذلك في مقام التحذير,منام ولا يجب الاطمئنان لحدث يقظةٍ أو , يوجب أخذ الحيطة – عندي – كل شيء والتأمل في كل حدث يخصك أو يتعلّق بغيرك, بما في ذلك تغيرات الطقس و "نزوات الطبيعة" هنا أو هناك في بلدِ بعيد وصلتك أخباره, العالم بأجمعه, بل الكون كله, يقع في مجال اهتمامك, ولك فيه دور تلعبه – في صمت أو علناً , عند الضرورة القصوى - من أجل نفسك ومن أجل الآخر, والآخر هذا قد يكون بشرا أو حجرا أو فصيلة مهددة بالانقراض, على سبيل المثال . كأني ابتعدت عن الموضوع؟ لا , الأمور متداخلة جدا, وخير وسيلة هي اتباع ما يرد على الخاطر أولاً بأول, ولا يصلح هذا المنهج في معالجة القضايا العملية المُلٍّحة, كإجراء جراحة أو إصلاح رايو, مثلا. ومما يُشَبِّثني بهذا المنهج ما يبدو لي من أن مهمة من يكتب ليست هي إإيصال معلومات إلى أذهان الآخرين فحسب, عليه محاولة إدخالهم في تلافيف دماغه هو, ينقل إليهم كيف يفكٍّر وفيم يفكر, ولا يكتفي بتلقيمهم شذرات, ولا يفعل هذا حتى في صفوف المدارس الابتدائية' لأن نتيجته "ببغاوات". يجب أن يكون كل شيئ محل مساءلة, حتى أمر الإله نفسه وإما إنكار أو شكُّ أو تسليم, وإما إيمان أو عرفان. والفرق بين الاثنين (الإيمان والعرفان) أن الأوّل ظنٌّ قويٌّ يستعان به في أمر الطاعات والمنهي عنها من سلوكيات, وكل ذلك في إطار الاعتقاد في الطريق المختار, ولا تفريق بين اعتقاد واعتقاد لأن في التفريق مذاق الويل هنا على سطح الأرض أو في كوكبٍ آخر' مستقبلاً, أما الهناك فهو موضوعُ شخصيٌّ مؤجّل خارج اختصاص الآخًرين. أما مسألة العرفان فهي مسألة التيقن من وجود القوة الأعظم عبر ممارسة التفاعل المستديم والحوار السريَِ معها. سريٌّ لأن الجهر به لا يفيد أحدا يفترض أن يكون له حواراته الخاصة وبطرقه التي يهتدي إليها , وله أن لا يكون له حوار أصلا, ولا فكاك – في نظري – لأن ادني درجات الحوار هو الحيرة' حيرة خلاقة أو هدّامة, وتكون هدامة لما يتدخل في الشان العام عمليا, وينقل حيراته معه كسياساتٍ تتخبّط, وهو ما يفعله الزعماء الطغاة وينتقل منهم للمدير والخفير وكبير الأسرة .. وكبير إخوته... الخ , وهذا لصيق بحديث "الناس على دين ملوكهم". أما الحيرة الخلاقة فهي التي تؤدي للتسامي بالنفس إلى عوالم الابتكار والإبداع, وهو ظنٌ منّي كسائر ما أذكره هنا, بما فيه مسألة العرفان الذي لا أدعيه ولكن أدعي أنه موجود بسبب تواتر تجارب رقيقة متقطعة عايشتها وبسبب اضطراد في تجارب مماثلة لآخرين من مختلف الأديان المعروفة والديانات الشخصية, وإن اتخذت لها أسماء أخرى بما فيها تجارب المرضى والمُحتضرين وبعض علماء النفس, من ابتدعوا مصطلح "السواء النفسي والعقلي" وهو مصطلح يتكىء على علم الاجتماع ومنقطع نسبياً عن نظريات المعرفة بمعناها العلمي. ويتواصل ليكتمل ويلتئم بالأسطر الأولى "المسكينة" . [email protected]