* البيوت التي لا نراها فائضة بالابتلاءات ومغمومة بواقعها الصعب.. الفقر قائم عليها كالسقوف.. كثيرون من أهل بلادي في القرى و(أطراف المدن) يعيشون غربة بسبب أوضاعهم التي تملأ الأحشاء بالحزن.. بيد أن الخالق في رأفته وكرمه مختار لعباده.. فهو جل جلاله يبتليهم إلى أجل مسمى، إن لم يكن القادم فرجاً دنيوياً فالموت حاسم وبعده يُجزى الصابرون.. وفي الحديث الشريف: (إن الله إذا أحب قوماً ابتلاهم، فمن رضى فله الرضى ومن سخط فله السخط).. لكن مع هذه البشارة النبوية علينا تمييز الأوضاع ما بين البلوى المصنوعة من الآخر (الخبيث) وبين الابتلاء.. وفي كلا الحالتين يستوي المتجلدون بثياب الصبر على الأذى والضيم؛ وبشعور يقيني يصل مراتب سامية لدى البعض..! * انظروا إلى الآيات الساطعة عن أولئك الصابرين (الصامتين) وأرض السودان بهم تضيق، فيوسعونها بصبر أعجب من مصيبتهم.. ومن وحي المشهد يحضرنا أبي سعِيد الخدرِيِ الذي قال: سمِعت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يقُول: من يتصبَّر يُصَبِّرْهُ اللَّه، ومن يستغنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، ومَنْ يستَعفِف يُعِفَّهُ اللَّهُ، وَمَا أَجد لكم رزقاً أَوْسَعَ مِن الصَّبْرِ. * يا إلهي... الصبر رزق.. وهذا قول الذي لا ينطق عن الهوى.. فما بالنا نشكو؟! * أيها الرسول العظيم.. ها نحن نستزيد من بشاراتك الذهبية في صميم أحاديثك الشريفة التي ترفع عنا (الكمد) في بلاد يتخذ البؤس مجراه مع النهر العظيم.. ها أنت صلوات ربي وسلامه عليك تكلمنا في مواضع كثيرة ونحن ننصت إليك مضيئاً بالقول: (الصلاة نور، والصدقة برهان، والصبر ضياء). * سنحاول الإمساك جاهدين بالنور، مقتربين لضوء أثرك.. ونسأل الله اللطف بوطن يحترق حرباً وفقراً كافراً بدرجة الصلابة..!! فيس بوك: * جاء في كتاب (اللطائف والظرائف) في مدح الفقر: كان يقال: شعار الصالحين الفقر، ويقال الفقر لباس الأنبياء. * ومن أحسن ما قيل في مدح الفقر قول أبي العتاهية: ألم تر أن الفقر يُرْجى له الغنى وإن الغني يُخشى عليه من الفقر. * وقال سعيد بن عبد العزيز في ذم الفقر: ما ضُرب العباد بسوط أوجع من الفقر. * ولابن المعتز مقولة حمّالة للتأسِّي واللطافة: (لا أدري أيهما أمر، موت الغنيّ أم حياة الفقير)؟! * وروى ابن عبد القدوس: (جربتُ صرف الدهر في العُسر واليُسرِ فلم أرَ بعد الدَّين خيراً من الغنى ولم أرَ بعد الكفر شرّاً من الفقرِ). * عزيزي القارئ: الفقر عندنا كائن مقيم (شرعياً..!!).. نسميه أحياناً (عطية) للاسم قصة يحرجها المجال.. ولم يكن الشاعر القديم مخطئاً كل الخطأ حين أنشد: إن الدراهم في الأماكن كلها تكسو الرجال مهابةً وجمالا فهي اللسان لمن أراد فصاحةً وهي السلاح لمن أراد قتالا الأهرام اليوم [email protected]