لا نستطيع أن نخفى أعجابنا الشديد بثورة 30 يوينو المصريه المبهره التى يحاول (المتأسلمون) فى كل مكان خاصة فى (السودان) المحكوم بقوى الظلام وفى عدم أمانه، بالحديث عن انها (أنقلاب) عسكرى ولا أدرى كيف تكون انتفاضة 25 يناير (ثوره) وقد أستلم العسكر بعد نجاحها السلطه بتخلي مبارك عنها، وأستمر أؤلئك العسكر فى الحكم لمدة عام كامل مكنوا خلاله (لجماعات) الهوس الدينى من أخوان وغيرهم حكم مصر، بينما يتحدث البعض الآن وفى عدم أمانة عن ثورة 30 يونيو التى خرج فيها أكثر من 30 مليون مصرى للشوارع وانحاز الجيش لشعبه ولبى مطالبه ومنذ أول يوم سلم السلطه لرئيس المحكمه الدستوريه والى ادارة مدنيه وتفرغ الى حماية الثوره والشعب دليلا على زهده فى الحكم، ونال بذلك أحترام الديمقراطيين وعشاق الحريه فى اى مكان، وكاذب من يدعى بأن نظام (مرسى) كان ديمقراطيا وكأن (شرعيا) بعد أن قتلت جماعته الثوار فى محيط قصر الأتحاديه الذى زحفوا اليه من ميدان (رابعه العدويه) وبعد أن حاصروا قبل ذلك (المحكمه الدستوريه) لكى تمنع من اداء عملها ولكى (يسلق) الأسلاميون الدستور ويجيزونه بليل ثم يمرر باستفتاء قبل أن يتعرف عليه الشعب من متعلمين وأميين ويحظى بحوار مجتمعى واسع، وكانت نتيجة ذلك أن اصدرت المحاكم المصريه أحكاما تقضى ببطلان الجمعيه الدستوريه ومجلس الشورى مع استمرارهما (كضرورة) وواقع وكنوع من (المؤامة) السياسيه وبذلك اصبح حال مجلس (الشورى) مثل أبن غير شرعى يعيش فى كنف اب ليس والده لكنه لا يعلم أن ذلك الأبن ليس أبنه فيغدق عليه المنح والعطايا ويوصى له بأرثه. مرة أخرى نعترف بأعجابنا الشدبد بهذه الثوره الرائعه الملهمه التى أندلعت بعد عامين (فقط) من سابقتها من خلال فكره خلاقه هى التى ابتدعتها حركة (تمرد) الشبابيه وقد كنا نعتز بثورتينا السودانيتين الشعبيتين، الأولى فى أكتوبر 1964 والثانيه فى ابريل 1985. وما يجب توضيحه فى هذا المقام أن انتفاضة مصر فى 25 يناير صاحبتها العديد من ألأخطاء مما جعلها تسرق بواسطة (الأخوان المسلمين)، الذين التحقوا بها فى اليوم الثالث بعد أن ضمنوا نجاحها وأنحياز الجيش لها .. سرق (الأخوان) تلك الثوره بما روجوه للعالم كله بأنهم الأكثر تنظيما وخبرة فى شوؤن الحكم فاتضح عكس ذلك تماما وأن قراراتهم التى اتخذوها كلها عشوائيه ومضطربه ولا تتسق مع القانون بل مع الدستور الذى فصلوه بمزاجهم، لذلك اما أن تراجعوا عن تلك القرارات أو رفضتها المحاكم، ولذلك ظنوا بأن القضاء يعمل ضدهم وأنه ينتمى للفلول أو للقوى المدنيه التى يصفونها بأنها (علمانية)، وهم معذورين فمنهج (السمع والطاعه) لا يقبل أى اعتراض أو رفض. وكم كنت أشعر بالحزن والألم والأسى حينما اسمع لبعض القيادات الشبابيه والليبراليه فى الأحزاب والحركات المدنيه وهم يتعاملون مع الأخوان المسلمين فى اعتياديه وحياد ودون أدنى شعور بالخطر بل أنهم أعلنوا منح اصواتهم فى الأنتخابات الفاصله لمرشح (الأخوان) محمد مرسى، ومن بين اؤلئك حركة (6 أبريل) ، مثلما اخطأ بعضهم فى المرحلة الأولى بمنح صوتهم (لعبد المنعم الفتوح) على حساب مرشحى التيارات المدنيه وهو (اخوانى) قح وقيادى سابق فى (الجماعه) لم يختلف معه الأخوان ويقوموا بفصله الا لأنه أعلن عن نزوله مبكرا فى انتخابات الرئاسة قبل أن يتفق (الأخوان) على تسمية مرشحهم الأول (خيرت الشاطر) وأحتياطيه (محمد مرسى)، والشخص العاقل المثقف الذكى خاصة اذا كان ليبراليا وديمقراطيا، يمكن أن يمنح صوته (للشيطان) اذا نزل امامه مرشح (الأخوان) أو مرشح أى من التيارات (الأسلاميه) لأن ذلك الشيطان سوف يكون أكثر صدقا ونزاهة ورحمة منهم .. وجميعا شاهدنا كيف قذف (المتاسلمون) باطفال صغار من اسطح البنايات العاليه ولم يشفقوا عليهم أو يرحموهم وهم يستجدونهم ويتوسلون لهم ويقولون لهم نحن (مسلمون)، مع ان القتله كانوا يعفون لحاهم طويله تكاد أن تصل للأرض، لا أظنهم سمعوا بالحديث (ما تفعل بلا اله الا الله اذا جاءت تحاجك يوم القيامه) .. لآ اظنهم سمعوا به فهم مظهرهم (دينى) لكنهم تربوا على أخلاق (البلطجيه) وقطاع الطرق بأن يقتلوا خصومهم تنفيذا لتعليمات (الزعيم) لا تعليمات الله، وفى هذا لا يختلف أخوانى من سلفى من جهادى. لقد كنت اتوقع ما حدث بل أكثر منه من الأخوان وحلفائهم من جماعة الهوس الدينى بحكم تجربتنا وخبرتنا معهم فى السودان، حيث ابادوا أكثر من 2 مليون و500 الف سودانى فى دارفور وفى الجنوب مما أدى الى انفصاله بالاضافه الى العديد من الجرائم الآخرى وحجم الفساد الذى ازكم الأنوف، والذى وصل وزارة الشوؤن الدينيه والأوقاف ووزيرها شخصيا. الآن يكرر الثوار فى مصر تلك الأخطاء مرة أخرى ويمنحوا ثقتهم لفصيل لا يقل خطرا عن الأخوان المسلمين هم الجماعه (السلفيه) فالمنهج واحد، وهو الذى يهدد مفهوم دوله المواطنه (المدنيه) الديمقراطيه الحديثه التى لا ترفض (الدين) ولا تقلل من مكانته وأهميته فى الحياة، لكنها لا تجعله يهدد (المواطنه) المتساويه التى بغيرها لا يتحقق استقرار وأمن وتنمية فى اى بلد. ومثلما قال ساخرا قائدهم (ياسر برهانى) فى المره السابقه انه خدع أعضاء الجمعيه التأسيسيه ومعهم (الأزهر) ومرر مواد (مفخخه) فى الدستور، قال هذه المره انهم شاركوا فى العمليه السياسيه حتى لا يمكنوا (العلمانيين) من الأنفراد بصنع القرارات لوحدهم فى هذه المرحله، فهل هذا فصيل جاد فى المشاركه فى التأسيس لدوله مدنيه ديمقراطيه حديثه تنعم بالأمن أو الأستقرار؟ وكلما اخشاه أن يحتاج شباب مصر الثائر الى ثورة ثالثه والى شهداء جدد والى دماء تسيل اذا مرروا لحزب النور السلفى رغباته وحزب النور ليس له خلافات واضحه مع الأخوان فى (المنهج) خاصة أن الأخوان البارزين على السطح معظمهم من فصيل (القطبيين) الأقرب للفكر السلفى الجهادى المتشدد .. والذى جعل قيادات حزب النور السلفى تبقى متضامنه (شكليا) مع القوى (الثوريه) دون مشاركتها ميدان التحرير لأن وجدانها واشواقها مع ميدان (رابعه) العدويه، هو (غبن) وتهميش وأقصاء واساءة لحقت بالحزب من (الأخوان) خاصة حينما أتهموا احد قادتهم الذى كان مستشارا لمرسى بالفساد. رغم ذلك خرح مسوؤل حزب النور للعلاقات الخارجيه مدافعا عن جماعة (الأخوان) الذين ارتكبوا خطأ جسيما بمحاصرتهم لمبنى (الحرس الجمهورى) وأستفزازهم للضباط والجنود رغم تحذيرات الجيش وهم يحملون السلاح وقبل ذلك بيوم حرضهم قادتهم وقالوا أن يوم (الأحد) سوف يكون يوما فاصلا وسوف يعيدوا (مرسى) للحكم بالقوه ضد رغبة 30 مليون مصرى مما ادى الى مقتل أكثر من 50 شخصا منهم واصابة حوالى 400 وأعتقال أكثر من 200 ، لكن ولكى يعسكوا للعالم صوره غير حقيقية جاءوا بصور اطفال قتلوا فى سوريا ونشروها بأعتبارها حدثت بيد الجيش أمام قيادة (الحرس الجمهورى) ، مع انهم حينما كانوا معتصمين فى ميدان (رابعه العدويه) لم يتعرض لهم أحد بسوء على الرغم من أن ذلك الميدان ضم عدد كبير من الأرهابيين والمتطرفين الأسلاميين بقيادة (صفوت حجازى) و(البلتاجى) و(عاصم عبد الماجد) و(طارق الزمر) الذى فى عنقه (بيعه) لمرسى كما قال، لا أدرى كيف تتحقق ديمقراطيه وتبادل سلمى للسلطه مع فصيل يحصل على (بيعه) وهل تلك البيعه كانت تحت شجره أم داخل قبة القصر الجمهورى. والثوره لا تعرف المجامله و(الطبطبه) والتنازلات، ولو فعل عبد الناصر الذى كان اقرب للأخوان عام 1952 ذلك، لهبمن الأخوان على الحكم على مصر منذ ذلك الوقت ولما فرطوا فيه حتى اليوم . ولا أدرى كيف يوافق الثوار كبارا وصغارا على القبول بصيغة الماده 219 من الدستور السابق المعيبه والخطيره والمهدده للوحده الوطنيه ومفهوم دولة المواطنه والتى تم دمجها مع مواد اخرى هى الماده رقم (1) و(2) لتصبح الماده الأولى فى الأعلان الدستورى الذى أصدره الرئيس الموقت، وما هو جدوى الثوره اذا احتفظت بنصوص بتلك الماده التى شرحتها من قبل والتى تقول («جمهورية مصر العربية، دولة نظامها ديمقراطي، يقوم على أساس المواطنة، والإسلام دين الدولة، واللغة العربية، لغتها الرسمية، ومبادئ الشريعة الإسلامية التي تشمل أدلتها الكليّة وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب اهل السنة والجماعة، المصدر الرئيسي للتشريع)) والجزء الذى نص على أن " ومبادئ الشريعة الإسلامية التي تشمل أدلتها الكليّة وقواعدها الأصولية والفقهية ومصادرها المعتبرة في مذاهب اهل السنة والجماعة، المصدر الرئيسي للتشريع" من تلك الماده يجعل (القبطى) المسيحى المصرى مواطنا من الدرجه الثالثه بعد الرجل المسلم والمرأة المسلمه التى تأتى فى الدرجه الثانيه. فجميع اهل السنه والجماعه والمذاهب المعتبره ترفض قبول شهادة مسيحى ضد مسلم وترفض ولايه المرأة على الرجال وولاية المسيحى على المسلمين ، ويمكن أن تستغل من التيارات الاسلاميه الجهاديه المتطرفه أسوأ استغلال ، لكن ما هو مدهش أن حزب (النور) الذى يمثل خميرة عكننة لثورة 30 يونيو رفض ذلك الدمج ولا أدرى ماذا يفعل لو سحب النص الذى يتحدث عن تعريف (مبادئ الشريعه)، ودستور تونس اكثر تقدما عن الدستور المصرى السابق وهذا الأعلان الدستورى لأنه لا يشير الى (الشريعه) مبادئ أو غير مبادئ وأنما الى (الاسلام)! ونحن كديمقراطيين وليبراليين سودانيين نرفض تدخل الدين فى السياسه أو تأسيس حزب على اساس دينى، مع أحترامنا لكآفة الأديان والمعتقدات ونرقب الثورة المصريه ونحترم خيارات الشعب المصرى الذى نسمع للقوى الليبراليه فيه – بوعى أو لا وعى – تقول انها لا ترفض مبادئ الشريعه كما كانت وارده فى الماده الثانيه فى دستور الفتره قبل انتفاضة 25 يناير، لكن عليهم أن يدرسوا الماده رقم (219) التى أدمجت مع الماده رقم (2) جيدا، حتى لا تمرر فى الدستور القادم ويكتشفوا من جديد انهم فى حاجه لثورة ثالثه تستهلك وقتهم وتؤدى الى اراقة دماء جديده وشهداء جدد، والعالم كله يراقب معنا وينتظر اكتمال هذه الثوره المباركه التى تعلن نهاية الأسلام السياسى وأجتثاثه من جذوره وترسله الى مزبلة التاريخ وذلك لن يتم (بتدليل) حزب النور خوفا من القول بأن الثوره ضد التيارات الأسلاميه أو ضد (الأسلام) . ومن غرائب الصدف أن نبوءة المفكر السودانى الشهيد محمود محمد طه الذى اغتاله الهوس الدينى وتيار الأسلام السياسى عام 1985، صدقت فى مصر ولا زالت تنتظر التحقيق فى السودان حيث قال عام 1978: "ومن الأفضل للشعب السوداني أن يمر بتجربة حكم جماعة الهوس الديني. وسوف تكون تجربة مفيدة للغاية. إذ أنها بلا شك ستبين لأبناء هذا الشعب مدى زيف شعارات هذه الجماعة. وسوف تسيطر هذه الجماعة على السودان سياسياً واقتصادياً حتى ولو بالوسائل العسكرية. وسوف يذيقون الشعب الأمرين. وسوف يدخلون البلاد في فتنة تحيل نهارها إلى ليل. وسوف تنتهي فيما بينهم. وسوف يقتلعون من أرض السودان اقتلاعاً". وقال:" كلما أسأت الظن بالإخوان تكتشف أنك كنت تُحسن الظن بهم." تاج السر حسين - [email protected]