العميد يوسف بدري قال السودانيه شكارين ترب . يستنوا الزول لامن يموت ويشكروه . اهو ده اخوي دكتور حليم كرمو . ومات دكتور حليم الذي كان اسما للسودان في اللجنة الاولمبية ونسيناه.قبل خمسة سنوات كتبت عن الددكتور جورج اسحق بوليس, الذي كرمته المانيا ووجد المضايقات في السودان . الاخ جورج ترك عالمنا . لم نكرمه ولم نأبنه . البرفسير الماحي اسماعيل مدير معهد الموسيقي لم يجد سوي جزاء سنمار. وابتلعت المعهد جامعة السودان شحن الراكمات فى السبعينات والثمانينات كان لى تواجد تجارى فى دول الخليج وتعرفت بسودانى رائع بواسطه ابن اختى دكتور المعز مالك هو الاخ ابراهيم الفوده رحمه الله عليه . كان رائعاً سهلاً يدعو الى الثقه والامانه . ذهب سريعاً قبل ان نكمل صفقه كنا قد بدأناها . اذكر انه اعطانى لسته بعدة اشياء . بعضها لم افهمه مثل حاويه لراكمات واجهزه كوابح . وشرح لى الفوده ان الكوابح هى اجهزه الفرامل والراكمات هى البطاريات لانها تشحن وتتراكم فيها الطاقه . ووقتها كانت عمليه تعريب المسطلحات والاسماء الاوربيه قد بدأت . الاسبوع الماضى شحنت راكماتى وعدت من المانيا باحساس جميل بعد مقابله الرجل الفاضل والسودانى الاصيل الاخ دكتور محمد جميل الذى يحمل علم الطبيب الاخصائى العامل فى اوربا وبساطه وسهوله اهل الشبارقه وعشائريه اهل الجزيره . والطبيب السودانى الممعنه فى سودانيته بالرغم من خمسين سنه فى المانيا الدكتور بوليص جورج اسحق بوليص , او دكتور اسحق كما يعرف فى المانيا . وآل بوليص من الاسر الامدرمانيه العريقه وديارهم فى ابروف لا تزال تشهد لهم والعم بوليص الاكبر اشتهر قديماً بأن له خلوه لتدريس ابناء المسلمين وكان يصرف على الفقيه وحماره واطعام وتعليم ابناء المسلمين بالرغم من انه مسيحى . وهذه روعه السودان الذى كدنا ان ننساه وانا كنت احتاج لاعاده تأكيد لنفسى بأننا كنا شعب عظيم . وكادت راكماتى ان تنفذ وكنت احتاج لعمليه شحن والا لتوقفت نفسى . عمليه الشحن ساهم فيها الدكتور والرجل العظيم الماحى اسماعيل , هذا الرجل الذى قال لى عنه دكتور محمد ابو سبيب فى جامعه اوبسلا بالسويد عندما قلت له اننى كنت فى المانيا ولقد قابلت دكتور الماحى اسماعيل , كان رده ده راجل فاضل يعطيك شعور بالراحه والسعاده لمن تقابله . وكان هذا احساسى عندما ذهبت مع دكتور محمد جميل لمقابلته فى محطه القطار . أتى وشاهدناه من بعيد على الرصيف بقامته المديده وابتسامه جميله تشع فى وجهه ويعطيك احساساً بان الدنيا شئ جمييل . الدكتور الماحى اسماعيل كرمته المانيا واعطته نوط الجداره وكان رئيساً للقسم العربى فى الاذاعه الالمانيه فى محطه دوتش فيلا التى تماثل البى بى سى البريطانيه كما كان مسئولاً عن الثقافه والموسيقى الافريقيه . فهو متخصص فى الثقافه والموسيقى الافريقيه وطاف افريقيا ويعرف كثيراً عن ثقافه جنوب السودان وشرقه وغربه . زوجه الماحى اسماعيل هى السيده الن الماحى التى كتبت الكتب عن السودان وعرفت المجتمع الالمانى بالسودان وثقافته . والمؤلم ان قليل جداً من السودانيين قد سمع بها . دكتور الماحى ودكتور بوليص لا يتعبون من الكلام عن عظمه السودان والسودانيين واصالتهم . وساعد هذا فى شحن راكماتى . فكثيراً ما كنت اجد الاستخفاف وعدم التصديق حتى من السودانيين وكان الاشياء التى احكيها حكاوى عن الغول والعنقاء . ويذكر لى الماحى كيف كان يجد كل الروعه والعظمه فى سفره فى السودان وروعه السودانيين خارج الوطن . ويذكر كيف غادر معهد بخت الرضا فى الخمسينات وبعد ان عبورو النيل تعطلت سياره الكومر بسبب ثقب فى اطار السياره ولم يتوفر لهم الاسبير , فتوقف صاحب لورى وحاول مساعدتهم . وقام بكل بساطه بأخذ الاطار الى اقرب مدينه لكى يرسله لهم مع اول لورى عائد فى طريقهم . ولانه توفر لهم الطعام ومعدات الطبخ والسراير السفريه فلقد استقروا بالقرب من اللورى . وفى المساء كان نور لمبه يقترب منهم ثم ظهر احد الشيوخ ليقول لهم الله ينعلكم الله ينعلكم ما بتختشوا انتو ما سودانيين ؟ كيف تنوموا هنا والحله قدامكم ؟ وعندما ذكروا بانه لا ينقصهم شئ من طعام ومرقد كان رد الشيخ / الناس تقول شنو علينا لمن تشوفكم نائمين فى الشارع والحله قدامكم . حكاوى بوليص عن امدرمان القديمه والسودان بعد انتقاله من الخرطوم كانت كلها تنضح بعظمه السودانيين وحسن خلقهم . وبوليص بالرغم من زوجته الالمانيه واحفاده اللذين بلغوا سن الرشد لا يزال يعيش بافكار سودانيه وبمقاييس سودانيه . ويحمل على الالمان ولا يتعب من الحديث عن امدرمان والسودان وروعه لسودان والسودانيين . ويبدو وكأنه لم يفارق السودان الا البارحه . بالرغم من انه بلغ مركزاً فى الطب لم يبلغه الاجانب فلقد كان مديراً لقسم الولاده فى مستشفى المانى . والمؤلم ان هؤلاء الرائعون حاولوا ان يعيشوا فى السودان ووجدوا العراقيل وكثير من المسئولين السودانيين يعاكسون من يأتوا من دول متطوره وكأنهم يخافون على وضعهم . فالدكتور الماحى اسماعيل كان من الممكن ان يقدم كثيرا الى الموسيقى السودانيه . وبوليص بعد شهاده الدكتوراه حاول الرجوع الى السودان للعمل . والانترفيو لم يكن جميلاً بل لقد سخر احد المسئولين عن جامعه ماربورج التى تخرج منها دكتور بوليص بانها غير معروفه وافحمه دكتور بوليص بانها الجامعه التى اكتشف فيها جهاز اشعه اكس بواسطه البروفسور رنتقن . واسم رنتقن يطلق على اشعه اكس فى اغلب الدول . وطلبوا منه ان يعمل فى سنتين تحت دكتور كمبتدئ هو اقل خبرةً منه . وبعد كل هذه العراقيل ودفع رسوم التسجيل كطبيب سودانى . رفضوا ان يعطوه التصريح الى ان يضمنوا حضوره واسرته واستقراره فى السودان ودكتور بوليص الذى شاهدت وسمعت عنه الكثير , مصاب بداء السودانيه الغير قابل للعلاج . ولقد كان الدكتور محمد جميل يقول لى انه قد استغرب لانه شاهد صور والده دكتور بوليص بالتوب السودانى والمظهر السودان وبوليص كان يقول له ساخراً ما امى سودانيه من امدرمان يعنى حتكون لابسه مينى جوب ما اهلنا كانوا سودانيين بتحننوا وبتمشطوا كمان . بوليص يتحدث كثيرا عن اخيه نصيف بالرغم من انهم عشره من الاشقاء والشقيقات لم يبقى منهم سوى ثلاثه ترعرعوا فى امدرمان وتشبعوا بروح السودان . نصيف يا سادتى هو الفنان الذى وضع شعار جمهوريه السودان صقر الجديان . وهو من اشداء وفتوات امدرمان . بعد فتره سألنى دكتور بولص .. ياخى انا شفتك وين ؟ فقلت له مؤكد فى امدرمان زمان . وبهذه المناسبه حكى لى . ان والده احتج عندما اخرجوه من حصه الدين . وتذكرت ان زميلنا فى مدرسه بيت الامانه سمير جرجس الذى كان يسكن بالقرب من منزل اللواء عبد الله خليل كان يحضر حصص الدين ويحفظ القرآن . وشقيقه الاصغر تحصل على ممتاز فى الدين الاسلامى فى الشهاده السودانيه للدخول الى الجامعه . وأصر والد دكتور بوليص على حضوره الدين الاسلامى . وفى احد الايام جلده الاستاذ جلداً مبرحاً كالعاده فى تلك الايام . فأخبر شقيقه نصيف الذى كان من اشداء امدرمان . فتربص بالاستاذ مصحوباً بعكاز وكان يعرف ان الاستاذ يجلس مع صديقه فى الكنبات المطله على النيل عندما كان هنالك كنبات . وأضطر الاستاذ للهرب والجرى . وبعد سنين ذهب بوليص مع صديقه لزياره اهل زوجته بالاقاليم . وبعد التحديق فى والد زوجه صديقه سأله . ياخى انا شفتك وين ؟ . ثم تذكر ان صاحب البيت هو استاذه القديم الذى قال له ياخى الموضوع ده ننساهو . عادة ما احس باننى امدرمانى درجه اولى ولكن حكاوى بوليص عن امدرمان جعلتنى اتراجع كثيراً . فلقد حكى لى عن ذهابه للقنيص ماشياً مع الوالد عمر البنا شاعر الحقيبه وحكى عن كلب عمر البنا الذى هو اشهر كلب فى السودان ( برميدو ) . والكلبه عشراقه . وكيف قال البعض ان الخواجه حيسيح فى الشمس الا انه واصل بالرغم من التعب والالم . وحكى لى عن صديق الوالد عمر البنا ود البشير الذى كان يقول عنه البنا الشوك الفى كرعينو يفور شاى . وعندما استغرب احد السودانيه من سودانيه بوليص سأله مستخفاً انت يا خواجه بتعرف المشلعيب عندما كان الرد قصدك دواء كديس دواء كلب قال الشخص مندهشاً لا كان كدى انت زولنا تب . اذكر فى امدرمان ان من يبيعون المشلعيب كانوا ينادون عليه دواء كديس دواء كلب . لان المشلعيب يعلق فيه الطعام حتى لا يلحقه الكلاب والقططه . حديثى مع الدكتور سيد المقبول اسعدنى واثار شجونى . فابن عمه مأمون المقبول الضابط الذى ترك بصماته فى حرب الجنوب كان دفعتى فى مدرسه الاحفاد الثانويه وكان يسكن عند جده العم فرح والد الاخ صالح فرح وخالد فرح وعبد الله فرح وابراهيم ومهدى والآخرين . الاخ عبد الله فرح كان زميلنا كذلك فى المدرسه وكنا فى نفس الفصل مع شقيقى الشنقيطى بدرى ولهذا كنت اعامل كالولد الصغير . وسيد كان يحضر لقضاء عطله نهايه الاسبوع عندما كان يدرس فى والدى سيدنا لمنزل العم فرح فى العرضه . وتحدثنا عن امدرمان . والحيشان . وكنت اقول له الآن انا اعجب من مقدرة الناس قديماً على الاهتمام بالآخرين وتحمل المسئوليه و توفير احتياجات الاطفال والضيوف والاهل . وبالرغم من ان الحاله الماديه الآن احسن كثيراً والامكانيات والمعدات المساعده اجود الا ان الاسر اليوم فى السودان تجد صعوبه فى الاهتمام بنفسها . دكتور سيد كان يقول لى , والله حقيقه يا شوقى لمن افكر ذمان فى بيت جدى فرح لمن اجى من وادى سيدنا كل زول يجيب كبايه شب كبيره لشاى الصباح والكفتيره بتكون جاهزه وبتكفى الناس وزياده ما تعرف كيف . وحكى لى دكتور سيد عندما اخذ والده وهو معلم قديم مأمون المقبول للدراسه فى الحفاد . ووافق يوسف بدرى وطلب منه تحديد المصروفات مع شيخ النصرى . شيخ النصرى هو اول ناظر مدرسه ثانويه سودانى وكان المدير المالى لمدارس الاحفاد . ولولاه لما وجدت الاحفاد اليوم . لان يوسف بدرى كان قد قرر ان يسلمها للمعارف بعد مضايقات الوزير زياده ارباب ونظام عبود . الا ان النصرى حمزه رفض . والآن يواصل ابن النصرى حمزه هذا العمل الرائع . ولذا قال شيخ النصرى بخصوص تحديد مصروفات مأمون . فى حلاق بشيل قروش من حلاق تانى , عم الولد ده ما مدرس . رجعت من المانيا وانا سعيد وفى القلب بعض حزن فلقد ذكرونى بالسودان القديم . وكنت اقول لدكتور محمد جميل كان لقائنا رائعاً لكنكم احسستونى بضألتى . كما تأسفت لان الاكادميين قديماً واليوم اكثر يتركون ديارهم . وكان رد دكتور محمد الحكومات الاخيره كل زول كان عاوز يجيب ناسو . اول دفعتنا دفعه تسعه وستين يسن محيسى كان الاول فى كل السودان اضطر لترك السودان . انا اذا رجعت السودان لن استطع ان اعمل مثل الدكاتره الآخرين لان اغلب الدكاتره اليوم لا يعطون المريض اكثر من دقائق . والهم هو العداد والتحصل على اكبر قدر من الفلوس . عياده دكتور محمد جميل كان ممتلئه بالالمان وبجانب زوجته شاهدت ما لا يقل عن اربعه او خمسه مساعدين . وهو اخصائى انف واذن وحنجره . مثل دكتور سيد المقبول . وهو رجل محبوب ومقدر فى مجتمعه الالمانى . وهو الدكتور الوحيد الذى وضع يده على لعشرات السنين الماضيه . بعد ان اقنعنى اننى اشكو من التهاب الجيوب الانفيه . وهذا شئ معروف بالنسبه لى وفى السودان قديماً عرف هذا بام صقع . ويعالجها البصير بعود مبرى لتفريقها من السائل . ولاول مره لما يقارب الاربعه عقود اخذت دواءً . هؤلاء الرجال العظماء هم جزء صغير من السودانيين فى غرب المانيا . هؤلاء من الزمن الجميل قبل ان يكسروا القالب الذى يصنعون به السودانيون . التحيه ع. س. شوقي [email protected]