كان عام 2005 عندما عاودني الحنين الى زيارة الوطن الحبيب... حزمت حقائبي أمني النفس برحلة سعيدة وقضاء عطلة جميلة بين الأهل والأحباب , ولأرتمي في حضن أمي وأستقي منه دفئا وحنانا ... شحنات تحفذني لمسيرة كتبت علينا لا يعلم مداها الا الله سبحانه وتعالى ... كانت رحلة طويلة بدأتها من مطار سانفرانسسكو مرورا ببوسطن _ لندن_ ثم دبي التي حطيت فيها رحالي لفترة للقاء بعض الأهل والمعارف ... خلالها كنت أتصل كثيرا بأمي وأهلي في السودان ... عندما قرب موعد مغادرتي الى السودان اتصلت بوالدتي ,وأخبرتها بأني سأكون بين ظهرانيهم في غضون يومين , ففرحت وهللت وتمنت لي عودا حميدا مع الكثير من الحب والعفو والدعوات الصالحات ... فرحت أنا كذلك ولكنها فرحة لم تتم!!! في اليوم التالي, سمعت في الأخبار نبأ سقوط الطائرة التي لقي فيها قرنق حتفه, وعلى اثر ذلك تم اغلاق المطار والغاء جميع السفريات ... حينها قمت بالاتصال فورا بأمي ,وفي العين دمعة وفي القلب حسرة على حلم تبدد, وألم تجدد وأخبرتها بما حدث ووعدتها بزيارة العام المقبل ان شاء الله ... حاولت جاهدة أن تهون عليا ,وختمت مكالمتها كما عودتني دائما ( ان شاء الله يا بتي بعيدة وسعيدة وعافيه منك ) دعوات صادقة كانت لي زادا وحافذا كلما اعتراني كلل أو ضيق... رجعت الى المربع الأول, أندب حظي وأجرجر أذيال الخيبة والألم ,ومرت الأيام كئيبة متثاقلة ,الى أن أخبرني جارنا أنه ينوي السفر الى السودان وكان ذلك في أول ديسمبر من عام 2006 ,فقمت بكتابة رسالة الى أمي سجلتها في شريط(كاست) بعنوان سلام عليك يمه _هذا نصها: سلام عليك يمه كيفك انت ؟؟ كيف حالك انت يمه عايزه اشوفك واضمك في اليوم ألف ضمه واقبل جبينك واشم أنفاسك شمه شمه أنعش بيها روحي واسعد بيها جمه أنا دايما بشوفك في منامي وفي خيالي بس عايزه اشوفك حقيقه يمه يا شمسنا والدنيا ضلمه يا نسمة الصيف المهمه يا خريفنا بعد الجفاف الفينا لما كيفك انت؟؟ كيف حالك انت يمه أنا عايزه اجيك وابوس ايديك واشبع من حنان عينيك لو الزمان عليا حنا عايزاك تعذريني يا حبيبتي ونور عيوني وتقبلي شوقي وحنيني وعذاب سنيني وعفوك ورضاك يبقى ليا جنه وكيف حالك انت يمه كيف حالك انت يمه عند وصول جارنا الى السودان, قام مشكورا بابلاغ أهلي بوصوله وطلب منهم المجئ لاستلام الأمانة ... ذهب أخي لاستلامها وكان ذلك بعد وفاتها بأسبوعين أي في السابع عشر من ديسمبر ... انها مشيئة الله ,اذ لم يقدر لها سماعها ولم يكن أهلي يعلمون بما تحويه الرسالة ... لقد حزنت كثيرا , وكانت لهذه الحادثة وقع قاسي على نفسي ولكن قدر الله وما شاء فعل و آمل أن يجمعنا الله بوالدينا في أعلى جنان الخلد عند مليك مقتدر ... [email protected]