استوقفني ذلك الاحتجاج القوي الذي صرَّح به المذيع محمد محمود عبر قناة النيل الأزرق عندما رفض بشدة سخرية الإعلامي مصطفى الأغا، عندما امتعض على حد تصرفه في الأستديو من ردة فعل السوداني الذي فاز في مسابقة الحلم بمبلغ مليون دولار، وفتح لي محمود أبواباً عِدَّة لمناقشة قضايا أحياناً نحن ننظر إليها بعين السهل والسماح، وهو يعقِّب بالرفض لسخرية الأغا من السودانيين ولغتهم وانفعالاتهم، أو ردة فعلهم، وهو إن كل ما حدث أن السوداني استقبل مكالمة الفوز الليلية من الأغا وهو مستيقظ من النوم دون أن يُحدث ضجة أو صراخاً أو هتافاً يشبع به رغبة الأغا الذي يستمتع بمثل هكذا مسرحيات. وغادر الأغا الأستديو غاضباً وساخراً منه. ومصطفى الأغا ليست هذه المرة الأولى التي يسخر فيها من السودانيين، فهو كثيراً ما تعرض لنا بضحكته الصفراء، وتعليقات (باهته) وهزيلة، تحمل الكثير من التقليل من شأننا، عندما يكون في الأستديو ويستمع الى مراسل البرنامج من السودان، كان دائماً يعلق على كل صغيرة وكبيرة، ليُشعر الضيف والمشاهد أن السوداني أقل بكثير من غيره، ولا يقف على هذا، بل سرعان ما يُطلق ضحكات خبيثة مُغلَّفة ببعض عبارات التهكُّم والسخرية، ونسي الأغا فضل السودان عليه، وفضل جمال الوالي في ما يخص الرياضة، وفضل قناة الشروق التي كانت تعمل بها حرمه المصون، لكن الأسف ليس على الأغا الذي يكيلنا دائماً بهذه التصرفات، الأسف على أنه ليس لنا إعلاماً يقف مُندداً وشاجباً لمثل هذه المواقف. وقصدت أن يكون تعقيب محمد محمود فاتحة حديثي، لأننا نبحث عن الإعلامي الذي يستغل منصبه ويدافع عن السودان والسودانيين. فالإعلامي في الأجهزة المرئية، تنقصة هذه الشجاعة ولايستغل الهواء لصالحه، ويجعل قيوداً حوله من العدم، فلا أحد يحاسبك في الدفاع عن الوطن ولا أحد يعترض مهنيتك إن كنت تدافع عن الكرامة، ففي كل دول العالم الإعلام المرئي أكثر تأثيراً من الإعلام المقروء. وخذوا مصر نموذجاً. لكننا في السودان، نفتقد للمذيع الصريح الناقد المصادم القوي الذي يثق في نفسه. أما بالنسبة للأغا، فغضبه وسخريته جاءت لأننا في السودان حرمناه من متعة (الرقص) التي يمارسها بعد كل مكالمة يُبشِّر فيها الفائز بملايينه، تلك اللعبة الأرجوزية التي يجيدها ونسي مصطفى أن من يحدثه هو مواطن سوداني لايهمه المال، فهو عزيز بكرامته وأبيٌ بفقره، ولا أدري لماذا اندهش مصطفى من رزانة المتلقي وهو يعلم أنه سوداني؟! كما أن الفائز رحَّب به ترحيباً جميلاً واستفسر عن كيفية استلامه المبلغ، هذا كل ما قام به، لكن لا أدري عن ماذا يبحث الأغا؟..فإن كان لايعرف السودان والسودانيين، كانت تكون أهون. ولكنه يعرفهم جيداً، ورغم ذلك تعدى على كرامتنا. فالملايين ليس من جيبه، والحظ والنصيب، ليس هو من يهبه لنا.. وإن كان بيده لِما أعطاها لسوداني، ولكنه رب العباد الذي عندما يُعطيك (مافي حد يحميك)! فليذهب الأغا بملايينه، وليترك لنا كرامتنا وعزتنا.. ولكن يجب ألا ينسى كرمنا عليه، فهو يعلم أن ما أعطاه له السودان كثير.. وليعلم أنه لم يسخر مننا، بل سخِر من مهنيته التي لاتسمح له بالمحباة والمحسوبية والعنصريه وغيرها. فالإعلامي عندما يقف في منبر، يجب أن يتجرَّد من كل مشاعره.. خاصة المشاعر السالبة التي تؤجج دواخله وتفضحه. طيف أخير: أنا سوداني..أنا [email protected]