يعد مؤتمر المائدة المستديرة والذي تداعي له عدد من القوي السياسية بقاعة الصداقة الاحد الماضي خطوة حقيقية وفرصة تاريخية لخروج البلاد من ازماتها التي نبعت من المعالجات السياسية الخاطئة التي مورست بحق الوطن منذ الاستقلال مروراً بكافة مراحل الحكم سواء كانت العسكرية او الديمقراطية والتي كان ضحيتها الوحيد هو المواطن المغلوب علي امره وأقعدت البلاد ردحاً من الزمان عن ركب التطور والنهضة والتقدم ،وتأتي اهمية هذه الخطوة في ان القيادات الحزبية التاريخية السودانية التي كانت تحلق حول المائدة استدركت متأخراً جملة من الاخطأ التي ارتكبتها في حق الوطن ونوت علي ما يبدو ان تتوب الي الله وتمتنع من رهن قضايا الوطن لمكاسب حزبية ونزوات نخب سياسية وتاتي الاهمية ايضاً في كون الدعوة اتت من قبل المؤتمر الوطني الخصم اللدود للقوي السياسية علي مدي (25) عاماً لم تستطع تلك القوي ان تزحزحه من سدة الحكم لا بالمناورات السياسية الداخلية والخارجية ولا العمليات العسكرية من خلال فتح عدد من جبهات القتال في المناطق الحدودية للبلاد لإضعافه،نعم نجح المؤتمر الوطني في فتح باب الحوار وإستقطب عدد من الاحزاب الفاعلة في المشهد السياسي والتي كانت تستعصم بمبدأ "إسقاط نظام حكمه "وفي مقدمتها المؤتمر الشعبي وحزبي الامة والاتحادي الديمقراطي ،ولكن يظل المحك الحقيقي امام المؤتمر الوطني تمتين جسور الثقة الهشة بينه وبين تلك الاحزاب وكذا قدرته علي تنفيذ مطلوبات تهيئة المناخ العام للحوار والمتعلقة بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين (التي بدأت تنفذ)وحرية العمل الحزبي والحريات الإعلامية والتعهد بضمان مشاركة الحركات المسلحة في الحوار الوطني وتوفير الضمانات لها والسعي نحو القوي السياسية التي قاطعت مؤتمر القاعة التشاوري بما يحقق الوصول الي انتقال وتداول سلمي للسلطة وتنفيذ تلك المطلوبات يحتاج الي جدية ومتابعة حقيقية من رئاسة الجمهورية حتي لا تهزم بأيدي اعداء التحول الديمقراطي وهم كثر وكذا يحتاج الي روح جديدة لمنسوبي الحزب ممن اعتادوا علي تعكير صفو الساحة السياسية وتسميم اجواء الحوار الوطني ومن من لا يطيقون الراي الاخر ويسعون دوما الي كبته . ولابد للقوي السياسية المعارضة للنظام التي ارتضت بمبدأ التشاور من اجل إعلاء قيمة الوطن وتجنيبه المخاطر المحدقة به ان تسد مع الوطني هوة انعدام الثقة بين الاطراف جميعاً من خلال الخروج بأليات محددة ومحايدة للترتيب لمؤتمر الحوار الجامع والسقف الزمني لها حتي تناقش قضايا البلاد في اجواء من الود كما يجب ان تلتزم الاطراف جميعا بمخرجات الحوار اين كانت وكذا يجب ان تستثمر القوي السياسية علاقاتها بقوي الإجماع الوطني التي قاطعت المؤتمر واعلنت جملة من الشروط للولوج الي طاولة الحوار وبرائي ان الوطني وافق علي تنفيذ جملة منها عدأ الشروط المتعلقة بإلغاء القوانين المقيدة للحريات والتي يمكن ان تنفذ ان جلست الاطراف في طاولة الحوار بعد ان وضعت قرارات رئيس الجمهورية إطار شامل ليضع الجميع فيه مطلوباتهم وشروطهم ،وكذا يجب ان تتحرك القوي السياسية وتحديداً الشعبي نحو الحركات المسلحة بما يملك من علاقات ممتازة معها لإلحاقها بقطار الحوار . وفي ظل هذا الحراك التاريخي لوضع حلول للراهن السياسي يلوح الامل في تحقيق مطلوبات الحوار الوطني والمفضية لترسيخ عري السلام والتحول الديموقراطي للسلطة. [email protected]