يبدو أن صدمة مزاعم الاغتصاب الجماعي بقرية تابت بشمال دارفور كانت قاسية على الحكومة ولم تستوعبها بعد، فالقضية وان كانت مفبركة بحسب الرواية الرسمية الا أنها استطاعت أن تخترق وبنجاح تام حالة الهدوء النسبي الذي شهده اقليم دارفور، وتصدرت بكل جدارة قائمة الاهتمام المحلي والدولي بسبب الاضواء الاعلامية الكثيفة التي وجهت نحوها، وتصاعدت بسرعة البرق إلى قمة الاجندة الدولية في اروقة الاممالمتحدة ومجلس الامن، وفي ظل هذا التصاعد دأبت وزارة الخارجية خلال الايام الماضية على تكرار الحجج الداحضة لتلك المزاعم، تارة بالدفاع وتارة اخرى بالهجوم على قوات بعثة الاممالمتحدة والاتحاد الافريقي بدارفور "يوناميد"، وكان آخر ما جاء من الخارجية اتهامات وجهتها لقوات " يوناميد" بأن مقارها ومعسكراتها اصبحت ملاذا آمنا لمرتكبي الجرائم الفاحشة، إلى جانب اتهام بعض منسوبيها بارتكاب جرائم اغتصاب واستغلال جنسي في دارفور، الامر الذي يفتح الباب واسعا للكثير من الاسئلة التي لا تزال تبحث عن اجابة . بقدر ما سعى وكيل وزارة الخارجية السفير عبدالله الازرق من خلال تنويره الصحفي لرؤساء تحرير الصحف إلى الاجابة على الاسئلة العالقة بشأن قضية تابت سيما بعد تصدرها لاجندة الاحداث وتزامنها مع تطورات خطيرة يمر بها السودان، بقدر ما فتح نوافذ عدة للتساؤل، وضاعف من علامات الاستفهام التي لا يمكن ازالتها الا بمزيد من الشفافية والوضوح حول طبيعة العلاقة بين قوات يوناميد والحكومة والكيفية التي تدار بها تلك العلاقة وهل هناك تنسيق بين الجهات الحكومية المعنية بملف دارفور وبعثة يوناميد، وماهي الجهة الفعلية في الدولة المنوط بها التعامل مع تلك القوات، فالسفير الازرق كال في حديثه اعلاه مجموعة من الاتهامات الاخلاقية لقوات البعثة على مر سنوات وجودها في السودان الممتدة من ديسمبر 2007 إلى اليوم، ولكنه بحديثه ذلك جعل الحكومة نفسها تحت دائرة الاتهام ان لم يكن بالتواطؤ او التستر فهو قطعا بالتقاعس عن حماية مواطنيها باعتبارها الجهة المنوط بها حماية كرامة الانسان السوداني، الامر يقود لمجموعة من الأسئلة تطرح نفسها وبإلحاح اثارها حديث وكيل الخارجية .. لماذا صمتت الحكومة عن تلك التجاوزات طيلة السنوات الماضية وهي ترى وتسمع بأن حرائر دارفور يغتصبن من قبل قوات يوناميد ويتم استغلالهن جنسيا الا يعتبر ذلك نوعا من الديوثية تمارسه الحكومة ؟ ، ولماذا لم تفضح الحكومة بالاحصاءات التي كشف عنها الازرق قوات يوناميد على الملأ وتعلن ما اثارته قبل بروز قضية تابت وقبل أن يبلغ السيل الزبى كما قال الازرق ..؟ ، سيما وانه ذكر في ثنايا حديثه بان الحصانة لا تعني أن تؤوي مرتكب الجريمة، اما السؤال الكبير الذي ينتظر الرأي العام المحلي والدولي المتابع لازمة او مزاعم اغتصاب قرية تابت من الحكومة ممثلة في وزارة الخارجية الاجابة عليه فيتمثل في : هل تمتلك الخارجية الادلة القانونية الدامغة على تلك الاتهامات..؟، فإن كان لديها ما يثبت تورط قوات يوناميد بتلك الاتهامات فلتعرضها حتي تثبت للجميع مدى صدقية موقفها ولتوضح وما هي الخطوة العملية التي تنوي اتخاذها لحفظ اعراض مواطنيها. تحدث السفير عبدالله الازرق عن تلك الخروقات والتجاوزات من قبل قوات بعثة يوناميد ذات الولاية المشتركة بين الاممالمتحدة والاتحاد الافريقي، وتناول عدم خضوع افراد البعثة للمحاسبة جراء الجرائم التي يرتكبوها ضد نساء دارفور وان معسكراتهم اصبحت اوكارا للجرائم الاخلاقية، غير أن الازرق لم يكشف عن اي اجراء تم اتخاذه من قبل الحكومة تجاه البعثة حتي ولو بشكوى عبر المندوبين الدائمين للسودان سواء في الاتحاد الافريقي او الاممالمتحدة، فكيف يحاسب منسوبو يوناميد على جرائم ولم يكن هناك اتهام او شكوى بممارساتهم تلك ..؟. [email protected]